إيران كنموذج عليه خلاف

إيران كنموذج عليه خلاف!

إيران كنموذج عليه خلاف!

 تونس اليوم -

إيران كنموذج عليه خلاف

بقلم : حسن البطل

لعلها محض صدفة لغوية: قمة/ قمم الرياض تمخّضت، فيما تمخّضت عن مركز لمراقبة ومقاومة التطرف والإرهاب، حمل اسم "اعتدال" بالعربية والإنكليزية، بينما فاز الرئيس الإيراني الإصلاحي، حسن روحاني، برئاسة ثانية، وكان على رأس حزب اعتدال. المصادفة اللغوية هذه، كانت زمانية، حيث جرت قمم الرياض الثلاثية (السعودية ـ الأميركية، والخليجية ـ الأميركية، والإسلامية ـ الأميركية) بينما كانت تجري في إيران انتخابات الرئيس السابع. ..

فإلى حديث عارض مع الصديق خالد جمعة، الذي قال: أختلف مع سياسة إيران في كل أمر، لكن أتفق معها في أمر واحد: برنامجها النووي، ومشروع قنبلتها النووية. شخصياً، أتفق معه، وقد أختلف إذ أضيف إليه احترام النموذج الانتخابي ـ الديمقراطي في إيران، رغم مرور المرشحين في مصفاة لجنة حماية الدستور، وإن سمحت بالتنافس بين مرشحين محافظين، وآخرين معتدلين، مع بقاء سلطة عليا للفقيه وولايته، التي يتولاها علي خامنئي، خليفة "روح الله ـ آية الله العظمى ـ الإمام الموسوي الخميني"!

لا خلاف أنه يوجد خلاف حول تعريف وتصنيف الإرهاب والدول والحركات الداعمة له، كما لا خلاف على أنه يوجد خلاف حول تعريف الديمقراطية، ويجرّ هذا إلى خلاف حول تعريف ديمقراطية ـ علمانية في تركيا، وديمقراطية ـ يهودية في إسرائيل، وديمقراطية ـ إسلامية في إيران. في إيران، قاد "حزب اعتدال" لوائح ائتلاف يدعى "أمل" أو "أوميد" بالفارسية، وفي النتيجة فاز حسن روحاني على رئيس بلدية طهران المحافظ، بينما رفضت لجنة صيانة الدستور أوراق ترشيح الرئيس المحافظ السابق محمد أحمدي نجاد، الذي قال، بعد ذلك لصحيفة "كورييرا دولاسيرا" الإيطالية إنه "لا ديمقراطية حقيقية في إيران" بل "حرية محدودة" في نقاش مستقبل إيران السياسي". من بين سبعة رؤساء لإيران، منذ ثورة الإمام الخميني، تولّى رئيس محافظ واحد، هو نجاد، وقبله رئيس محافظ ثان، هو "مرشد الثورة" الإمام خامنئي بعد وفاة الإمام الخميني.. وقبل أن يصير الإمام الفقيه! يقولون إن ثورات هذا "الربيع العربي" بدأت في العام 2011، لكن في إيران حصلت "ثورة خضراء" في 2009 ـ 2010 كانت جماهيرية وواسعة، ثم أُجهضت مع خسائر بشرية محدودة، لا تقارن بويلات الاحتراب في "الربيع العربي". خسر المرشح المحافظ محمد باقر فاليباف، رئيس بلدية طهران مرتين: فشل أمام روحاني، ثم خسر المحافظون رئاسة البلدية، وكذا بلديات كبيرة، مثل مشهد، أصفهان، شيراز، قزوين، وبندر عباس، وصارت بلدية العاصمة بمقاعدها كلها الـ30 مع المعتدلين. يوجد جيل إيراني جديد! في حكم الشاه العلماني ـ الاستبدادي، رضا بهلوي، كان العروبيون يحذّرون من "الخطر الفارسي".. والآن صاروا يحذرون من "الخطر الشيعي"، وكان صدام حسين يقول: سأبني في العراق نموذجاً غير اعتيادي في العالم الثالث، وانتهى الأمر دمار العراق وإلى نموذج غير اعتيادي في ديمقراطية إسلامية إيرانية، فازت في انتخاباتها البلدية 415 امرأة، في مقابل 185 في انتخابات سابقة، والأهم أن روحاني فازت قوائمه البلدية بـ 75% من أصوات السنّة، مقابل 57% من مجموع الأصوات العامة، وفاز عامل نظافة في طهران، يحمل ماجستير، وسيحضر اجتماعات البلدية بملابس العمل. هذا لا يحصل في السعودية، التي صارت تقود تحالفاً سنّياً ـ أميركياً ضد إيران وإرهابها ومشروع قنبلتها النووية، التي ركز عليها الرئيس ترامب: "لن أسمح لإيران بحيازة قنبلة نووية"، و"حزب الله" و"حماس" تمارسان الإرهاب.

هل تخشى أميركا وإسرائيل والسعودية من المشروع النووي الإيراني، أم تخشى إسرائيل أن إيران مثلها، تجمع بين الأيديولوجيا، والتكنولوجيا، والميثولوجيا، حيث يسابق التقدم العلمي ـ التكنولوجي الإيراني إسرائيل في هذه المجالات.. ويتقدم عليه كمّياً. المفارقة أن إيران، بقيادة روحاني، توصلت إلى تفاهم مع العالم في فيينا ودول 5+1 حول ضوابط برنامجها النووي، بينما لا تتفاهم إسرائيل النووية مع العالم حول مشاريع الحل السياسي للمسألة الفلسطينية، ولا حول نزع السلاح النووي من المنطقة.

سواء قبلنا أم غالطنا، فإن إيران الإسلامية تنتمي إلى الحضارات القديمة ـ المتجددة، كما في الصين والهند مثلاً، وهي تريد حماية نموذجها بدعم حركات مناوئة لإسرائيل لحماية مشروعها ونموذجها من إجهاضه كما أُجهضت ثورة مصدق، وإن رفعت في وجه أميركا شعار "الشيطان الأكبر" وفي وجه إسرائيل "الموت لإسرائيل" على السطح الساخن، هناك من ينفخ في أوار الصراع السنّي ـ الشيعي، كما نفخ في أوار الصراع العربي ـ الفارسي، ويقدمه على الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والفلسطيني ـ الإسرائيلي.

في العمق، هناك عقدة إيرانية ـ فارسية من العرب والعروبة، لأن العرب يتجاهلون فضل إيران الكبير في الحضارة العربية ـ الإسلامية، التي يجب أن تسمى الحضارة العربية ـ الإيرانية ـ الفارسية. لم يستقر الإسلام في إيران، إلاّ بعد ثلاثة قرون من التمرد على الحكم العربي الأموي ثم العباسي. تقدم إيران وتركيا وإسرائيل ثلاثة نماذج من الديمقراطية لعالم عربي يتفتت، وتقوده السعودية، التي لن تصل إلى نموذجها الديمقراطي ـ إن وصلت ـ إلاّ بعد عشرات السنوات، بدءاً من العام 2030! هذه هي المسألة، وهنا مربط الخيل كما يقال، وعندما سئل حافظ الأسد: كيف تساعد إيران ضد العراق، قال: ستعرفون السبب في المستقبل، أي عندما تتوصل إيران إلى توازن الردع النووي مع إسرائيل، كما هو الحال بين الباكستان والهند، علماً أن الأخيرة لها نموذجها الديمقراطي، بينما ليس للباكستان نموذج لا في الإسلام ولا في الديمقراطية. دولة فاشلة، كما حال دول عربية قطرية فاشلة، وكذا عروبة عليلة على مشارف الفشل. لعلّ أهم ما قيل في قمم الرياض ما قاله الرئيس المصري السيسي: ماذا عن الدول الداعمة للإرهاب.. وهذه إشارة يفهمها الغبي من بعض دول الخليج 

المصدر : صحيفة الأيام

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران كنموذج عليه خلاف إيران كنموذج عليه خلاف



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia