جاروشة المصالحة

جاروشة المصالحة !

جاروشة المصالحة !

 تونس اليوم -

جاروشة المصالحة

بقلم : حسن البطل

كنتُ في غزة يوم اكتساح "حماس" للانتخابات البلدية، وكان ذلك اليوم آخر عهدي بغزة. لماذا؟ ولد في العاشرة يكاد "يصفع" وجه جندي سلطوي بعلم "حماس"، أمام مسجد مخيم جباليا، دون أن ينهره الجندي أو يكشّه!

خلال تجوالي، آنذاك، في شوارع المدينة، لاحظتُ أن جنود السلطة في حالة توتر، خلاف استرخائهم على معبر "ايرز". من هذا وذاك، تذكرت قول ذلك الشاعر "الجاهلي": أرى خَلَل الرماد وميض جمر/ ويوشك أن يكون له ضرام".

ثم، كنت في رام الله، يوم اكتساح "حماس" للانتخابات البرلمانية، وفي الذاكرة صورة ولد يتسلّق حيطان مكاتب المجلس التشريعي، ويشتل علم "حماس" بعد إنزاله العلم الوطني! لم يعد شعار تظاهراتها: "هي لله، لا للسلطة ولا للجاه"!

بين فوز في البلديات، وآخر في البرلمان، كتبت أعمدة عدّة في هذا المكان، وما ذكّرني بها، بعد اكتساح "حماس" لمقاعد البرلمان، أن مدير الحملة الانتخابية للحركة الفائزة، د. نشأت الأقطش، أعاد نشر خمسة أعمدة في دراسة له عن الانتخابات، خلاصتها: تمنّيتُ أن تغمض قيادة "فتح" عيونها عنها.

في دراسته تلك، يعزو الأقطش، خبير الاستطلاعات من جامعة أميركية أسباباً عدة لانتصار "حماس" يهمنّي واحد، هو شعار انتخابي أطلقه، وعُلّق في الشوارع والمفترقات، يقول: أميركا تقول: لا لحماس؛ وإسرائيل تقول: لا لحماس.. فماذا تقول أنت!، ويدّعي أن هذا الشعار زاد فرص فوزها بنسبة 20%.

بعد محاولة مصرية ثالثة للمصالحة، في هذا الأيلول المتخم بالمناسبات، عَقَّبْتُ على آمال الزميلة الغزية، دنيا الأمل إسماعيل، بالقول: "إبريق الزيت"، فردت بسؤال: ألستَ متفائلاً مثلي؟ الجواب: "لا"!

في مثل هذا اليوم، من العام 2011، ذكّرتني ذاكرة "الفيسبوك" بعنوان عمود لي: "مباطحة مع إسرائيل، مطارحة مع حماس"، لكن فصيلاً من "سحِّيجة" جاروشة المصالحة المصرية الثالثة في مديح دور مصر، ذكّرني أنها المحاولة المصرية الرئيسية بعد محاولتي العام 2005 و2011، والأولى كانت دور مصر في اتفاقية العبور والمعابر التي صاغتها كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، لتشمل معابر غزة مع مصر وإسرائيل، ومعابر إسرائيل بين غزة والضفة.

تعرفون كيف كرّر كذبة الذئب ثلاث مرات، وقصة الديك الذي يصيح في فجر كاذب، لكن لنأخذ البلاغة في قصة مصالحة مصرية ثالثة رئيسية، ناهيك عن ما لا حصر له من مشاريع واتفاقات المصالحة.

نحن نتودّد لمصر لأنها "أرض الكنانة" فهل تكون المصالحة الثالثة آخر سهم مصري في "كنانة" أسهم محاولات المصالحة، ومحورها: حل اللجنة الإدارية، وتفعيل عمل حكومة الوفاق، وبالذات إشرافها الأمني على معبر رفح.. وصولاً إلى مربط خيل الانتخابات؟

لنعد إلى ما كانت توصف به حالة تواجد منظمة التحرير، قبل أوسلو، في بعض الدول العربية، وبالذات الأردن ولبنان، من أنها حالة "دولة في إطار دولة" وتصادم منطق الدولة مع منطق الثورة. الآن، ما هو دور المصالحة في منطق سلطة ساعية للدولة، ومنطق الاحتلال؟

بعد انتخابات 2006 ثم انقلاب 2007 الدموي، تطور وضع "حماس" من سلطة موازية للسلطة، إلى سلطة داخل السلطة، لكن بعد احتراب الانقلاب، وثلاث حروب مع إسرائيل، وعشيّة المحاولة المصرية الثالثة، التي تبدو الأخيرة أو الأكثر جدّية، يقول وزير دفاع إسرائيل، أفيغدور ليبرمان: إن إسرائيل تتمتع في حدودها، ومع غزة بالذات، بهدوء هو الأكبر منذ العام 1967. قد يقولون: لعله الهدوء الذي يسبق العاصفة.. ربما تعدّدت أسبابها، وتستعد إسرائيل لها بمناورات هي الأكبر.

الانقسام الذي تعمّق خلال سنوات عقد مريرة، حصل في وردية الرئيس الثاني للسلطة، ويريد أن يرأب صدعه قبل إنهائه مهامه، وعلى تعدّد مشاريع وجولات المصالحة والدول الراعية لها، عربياً ودولياً، أكد أبو مازن على دور مصر فيها أولاً.

هل ستنجح السلطة في تعويم غزة، ليس من غرقها في البحر، بل من وصول أوضاعها إلى حالة ميؤوس منها بعد خمس سنوات، ليس بصرف نصف ميزانيتها عليها، بل لكلفة استيعاب الإدارة الحمساوية وقواتها، المقدرة بما ينوف على 980 مليون شيكل سنوياً. أين المال؟

قاعدة مشروع المصالحة الجديدة هي تنفيذ آليات اتفاق القاهرة في أيار 2011، الذي مرّت عليه ست سنوات، تغيرت فيها معطيات ومعادلات دولية وإقليمية، سياسية وأمنية، وبالذات أمن مصر في سيناء، وعلاقته بغزة، والأزمة الخليجية العربية حول دعم "الارهاب" والوضع الميداني والسياسي المستجد في سورية والعراق، وانحسار "الإسلام السياسي".

مصر كانت، هذه المرة، وسيطة بعد مفاوضات مع "حماس" ثم مع "فتح" لكنها ستكون شريكة في خطوات التنفيذ، ميدانياً وسياسياً، يعقبها لقاء بين سلطتي رام الله وغزة، ثم "حوار فصائلي شامل" للاتفاق على الاحتكام لانتخابات جديدة، تشريعية ثم رئاسية كما تقول "فتح" أو معاً كما تقول "حماس". هذا أول لغم!

تعددت المحطات والمحاولات والمشاريع، من "وثيقة الأسرى" إلى مكّة، ومخيم الشاطئ، وقطر، وتركيا.. فهل هذه المرة "فوجئ" الجميع حقاً، وسارعوا إلى "الترحيب"؟

"تفاءلوا بالخير تجدوه" لكن لسان حالي هو لسان "سعيد أبي النحس" يميل للتشاؤم أكثر من التشاؤل.

فيما سبق من انقسامات عابرة في فصائل م.ت.ف في المنفى، كانت المسألة خلافاً على الخط السياسي، لكن هذا الانقسام كان خلافاً عميقاً بين الخط الوطني وخط "الإسلام السياسي".

الاسم الكامل لـ"فتح" هو: حركة التحرير الوطني الفلسطيني؛ و"حماس": "حركة المقاومة الإسلامية  في فلسطين".

أعترف أن زملائي على هذه الصفحة أخبر مني في شؤون المصالحة، وأن قلمي هو أقلّ من خاض في شجونها.

المصدر : صحيفة الأيام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جاروشة المصالحة جاروشة المصالحة



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia