بينيت جينوسايد» سياسي فلسطيني

بينيت: جينوسايد» سياسي فلسطيني؟

بينيت: جينوسايد» سياسي فلسطيني؟

 تونس اليوم -

بينيت جينوسايد» سياسي فلسطيني

بقلم : حسن البطل

تهكَّم أحد الإسرائيليين، بعد إعلان الرئيس كلينتون حل الشيفرة الوراثية (جينوم) للبشر، وقال: هكذا لا يمكننا إبادة بيولوجية للفلسطينيين، طالما تكاد هذه الشيفرة تتطابق بين اليهود الشرقيين والفلسطينيين!
ربما كان في بال ذاك المتهكِّم إبادة بيولوجية للغزاة البيض لأميركا لسكانها الأصليين بإلقاء بطانيات ملوّثة بالحميات الراشحة من قلاعهم إلى «هنود حمر» غير محصَّنين من التيفوئيد والجدري مثلاً!
مع صيرورة عالمنا «قرية» مختلطة من الأعراق وبالتالي الأوبئة التي تصيبهم والمناعة المكتسبة من جرّائها؛ طُويت حماقات الإبادة البيولوجية، لصالح أنواع من الإبادات القومية ـ العرقية والدينية، وكذا الديموغرافية والعسكرية، التي صارت، بدورها، غير ممكنة.
لم تفلح النازية الآرية في إبادة «العرق السامي»، ولا الحروب الدينية والمذهبية في إبادة خصومها، ومن ثم هناك، في إسرائيل بخاصة، من يدعو إلى ما يشبه «إبادة سياسية» بدأت بنفي فلسطين من الخارطة بعد النكبة إلى نفي وجود شعب فلسطيني، (مائير).. والآن كما يدعو زعيم «البيت اليهودي ووزير التعليم»، نفتالي بنيت، إلى «إزالة فكرة القبول بأي دولة فلسطينية».
البداية كانت، قبل صعود «الليكود» إلى الحكم، مثلاً مع المؤرخ المرتد، بيني موريس، وندمه لأن التطهير العرقي زمن النكبة، وهو شكل من الإبادة العنصرية، لم يتحقق خلالها وبعدها، وفق «ضربة واحدة وانتهينا».
كان شمعون بيريس قد نفى عن إسرائيل ممارستها سياسة عنصرية إزاء الفلسطينيين بالقول: «جميعنا حنطيون». هذا صحيح، لكن العنصرية الدينية اليهودية كامنة جذورها في عقلية «الشعب المختار» الذي هو «نور الأمم»، فإلى «شعب يسكن وحده» كما تقول كتبهم الدينية.
نصل إلى تسويغ بينيت لنفي «فكرة القبول بأي دولة فلسطينية» أي بالإبادة السياسية، أو بنفي حق تقرير المصير، إلى ادعائه: لا يوجد يهودي واحد يرغب أو على استعداد، للعيش تحت السيادة الفلسطينية، أو إلى جانب دولة فلسطينية».
طالما أخذت دولة إسرائيل على الدول العربية أنها لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود قبل كامب ديفيد المصري ـ الإسرائيلي، ثم أخذته على م.ت.ف قبل اتفاق أوسلو.. وانتهت إلى رفض مبادرة السلام العربية، فإلى التعامل التمييزي ـ الدعائي معها، كتحالف مع الدول العربية السنية بديلاً «لحل الدولتين»!
صحيح أن بينيت وزير في حكومة يمينية ويحتل حزبه 8% من مقاعد الكنيست الحالية، وأن رئيس الحكومة لا يتبنّى، صراحة، إبادة سياسية للدولة الفلسطينية، لكنه يساير سياسة بينيت لحشد مليون مستوطن في الضفة الغربية لتصير الضفة مثل شمال إيرلندا.
في القانون الدولي يوصف نقل سكان دولة احتلال إلى أرض تحتلها كجريمة حرب، وأوصلتنا حكومة نتنياهو الى قولها إن أي تسوية سياسية في المسألة الفلسطينية لن تتضمن إزالة مستوطنة واحدة، بل وإلى نقل بؤرة «عامونة» غير الشرعية من ارض خاصة فلسطينية إلى أرض خاصة فلسطينية، ستسمى «عميحاي» (شعب حي) على غرار «كهانا حي»!
لاحظوا انجراف إسرائيل المتمادي والمتسارع، نحو اليمين، وانجراف الصهيونية نحو الدينية اليهودية. في الكنيست 12 رفضت محكمتهم العليا قبول حركة «كاخ» برئاسة الحاخام مائير كهانا للانتخابات القطرية، لأنه يطالب بتطهير عرقي ـ ديني لإسرائيل اليهودية من الفلسطينيين، سواء في دولة إسرائيل، أو الأراضي التي تحتلها دولة يهودية نقية!
بدلاً من مقعد واحد في الكنيست لحركة «كاخ» تشغل أحزاب تتبنّى جوهر أفكاره عشرات المقاعد في البرلمان، وعدّة حقائب وزارية، يصرخ حاملوها بأفكار تفوق عنصرية بينيت، مثل وزيرة الثقافة ـ ليكود، ميري ريغف، ووزيرة العدل ـ البيت اليهودي، آييليت شكيد.
صحيح، أنهم وزراء ونواب منتخبون، لكن ماذا لو ردّ وزير فلسطيني سلطوي بالمثل، ونفى حق إسرائيل في الوجود كدولة احتلال عنصري تمارس خطة لإبادة سياسية لحق تقرير المصير الفلسطيني في إقامة دولة خاصة؟
لفت نظري في مداولات الحكومة الإسرائيلية، قبل حرب حزيران 1967، أن الوزير يوسف بورغ، رئيس حزب «المفدال» القومي الديني، عارض الحرب والاحتلال خشية على يهودية إسرائيل، أمّا نجله ابراهام بورغ فقد انتهى عضواً في حزب «راكاح»!
بقايا «المفدال» شكّلت مع «تكدما» ـ النهضة وحزب آخر ما يدعى «البيت اليهودي» الذي يملي على زعيم الحكومة والليكود سياسات عنصرية يهودية متدرّجة، علماً أن بينيت «تجنّح» من الليكود هو و»إسرائيل بيتنا» و»كولانو» كأن الليكود هو «الذئبة» وهذه التجنُّحات هي جِراء الذئبة، كما حال «الإخوان المسلمين» مع باقي الحركات الإسلامية المتطرفة والارهابية.
في مقالة أخيرة، يقول أوري أفنيري اليساري، إن الصهيونية ابتذلت، لكل حزب صهيونيته، ولكل منها يهوديته، ولكل يهودي «اتبع حاخامك».
يرى باحثون إسرائيليون أن الانحراف من الصهيونية لليهودية، ومنها لليهودية التوراتية يعود إلى أسباب عميقة، هي أن اليهود يعتبرون أنفسهم «الشعب المختار».
مع ذلك، لن تتحقق الإبادة السياسية لفلسطين التي يدعو إليها بينيت وأضرابه، لأن الشعب الفلسطيني غدا حقيقة معترفا بها، وحل الدولتين هو المطروح دولياً، وحل الدولة الواحدة لكل رعاياها، ينفي عن إسرائيل صفتها دولة يهودية، وليس «دولة كل يهودها» كما يصف جدعون ليفي هدف اليمين اليهودي.
يمكن للسلطة أن تعدّ ملفاً عن بينيت بصفته مجرم حرب يدعو للاستيطان ليس بذريعة الأمن، بل كإبادة سياسية لحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
بينيت انتخبه جزء من شعبه، وهتلر انتخبه جزء أكبر من شعبه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بينيت جينوسايد» سياسي فلسطيني بينيت جينوسايد» سياسي فلسطيني



GMT 06:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

يوم الدجاج المتعفن…يا رب رحمتك

GMT 06:47 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني ـ بنس وصندوق البريد اللبناني

GMT 06:45 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تكشف عن طموحات قيادية

GMT 06:40 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني يكشف وجهه…

GMT 06:38 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الى شعراء الأمة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia