مصر كأنها أُمّة في الأُمّة

مصر كأنها أُمّة في الأُمّة ؟

مصر كأنها أُمّة في الأُمّة ؟

 تونس اليوم -

مصر كأنها أُمّة في الأُمّة

بقلم : حسن البطل

مستشرقون اختاروا أغنية أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام: «مصر يا أُمّة يا بهيّة» كإحدى أجمل الأناشيد الشعبية العالمية في حب البلاد. هناك في مناسبات دينية من يهنئ الأُمّتين العربية والإسلامية. هناك من يتحدث عن «الأُمّة العربية» وسنجد في الخطاب الناصري عبارة: «شعوب الاُمّة العربية»، وفي الخطاب العروبي القومي ـ البعثي من يتحدث عن «الأُمّة العربية»، و»الوطن العربي»!
هل أقول: تبدو مصر بمثابة «أُمّة مصرية في الأُمّة العربية»؟ يُقال عن فلسطين وقضيتها أنها «المركزية». هل نقول إن مصر هي، جغرافياً وسكانياً وسياسياً، مركز هذا العالم العربي، وأنها فلكياً كما كوكب المشتري العملاق في المجموعة الشمسية؟ الفلكيون يقولون لو كان المشتري أكبر حجماً لكان هناك شمس أخرى في مجموعتنا؟
لنترك جانباً الأناشيد الشعبية، وتعريف «الأُمّة»  و»القومية» البلد والشعب والفلك، ايضاً، إلى أحد مبادئ الحركة في الفيزياء، حيث الكتلة ـ العجلة الكبيرة تبدأ دورانها ببطء، ويهدأ دورانها ببطء. ذات مرة قال مستشرق زار مصر متعجّباً من حالها الراهن: هل هذه هي البلاد التي كانت فجر الدولة المركزية في الحضارات العالمية؟ وهل هذا الفلاح الصعيدي الفقير هو من بنى الأهرامات؟
ربما تشبه «أُمّة مصر» في الأُمّة العربية والبلاد العربية حال الصين في قارة آسيا. كانت الصين و(الهند) مركزية في تكنولوجيا قديمة للاقتصاد، ثم تقهقرت بعد «حرب الأفيون» التي شنتها عليها الإمبراطوريات الاستعمارية الغربية.. والآن، صار التنّين الصيني سريع الخطى في التكنولوجيا، وهناك من يتحدث عن «قرن صيني» يخلف القرن الأميركي، الذي خلف القرن الأوروبي.
البلد المركزي في الحضارات القديمة، هو، أيضاً، فجر الديانات التوحيدية غير السماوية (يتساءلون هل أخناتون هو موسى؟).. وفي القرن العشرين هناك من قارن المشروع النهضوي الناصري بالمشروع النهضوي في قرن سابق للألباني محمد علي، حيث كانت الفجوة الحضارية بين مصر وفرنسا لا تتعدّى الجيل، وكيف أجهض الغرب المشروعين.
بدءاً من الانهيار الناصري، بعد نكسة العام 1967، انتقل تدريجياً مركز الثقل العربي من مثلث مصر والعراق وسورية إلى منطقة الخليج العربي، التي لعبت دوراً في حرف هذا «الربيع العربي» من ثورة شعبية ترفع شعار «يسقط حكم العسكر» إلى خراب واقتتال في بلاد انشقت شعوبها وجيوشها، وأخرى لم تنشق شعوبها وجيوشها.
الجيش المصري أعرق الجيوش العربية، وأكثرها انضباطاً وربطاً، وهو يحكم البلاد منذ العام 1952. يقولون إن شعب مصر أكثر شعوب العالم تديُّناً، ويليه الشعب الإيراني، لكن حكماً إسلامياً بعد عشرات السنين من «التمكين» انهار سريعاً، وعادت مصر إلى «حكم العسكر» وأمامهم وأمام مصر هذا السؤال: هل تطفو أو تغرق، ومعها يغرق العالم العربي؟
تقول الأغنية «عقدتين والتالتة ثابتة وتركبي الموجة العفيّة». الرئيس العسكري الرابع لمصر يقول إن الديمقراطية، كما كانت زمن سعد زغلول، تستطيع أن تنتظر عقدين من السنوات، كما انتظرت ديمقراطية كوريا الجنوبية سنوات بعد سقوط الديكتاتور نغوين ديم صديق أميركا، وصارت بلاد «السامسونغ»!
حالياً، تواجه مصر قلاقل في جارتها القريبة ليبيا، وجارتها الجنوبية السودان، وكذلك في سيناء. من قبل واجهت مشاغبات العقيد القذافي، ومتاعب مع حكم العسكر في السودان، وإرهاباً إسلامياً منذ اغتيال الرئيس السادات.
رسمياً، يقول حكم العسكر في مصر، إنه لا يتدخل في قلاقل جارتيه الغربية والجنوبية، كما تفعل دول «الناتو» وبعض دول الخليج في ليبيا، بعد حملة اللواء خليفة حفتر لتوحيد البلاد ونشلها من الفوضى و»الإرهاب» لكن الاستنتاج المنطقي أنها تجنّد وتدعم انتصار جيش حفتر على من يحكم العاصمة طرابلس الغرب. لماذا؟ لأن مصر أولى البلاد باستقرار جارتيها، بينما دول «الناتو» هي من أسقطت حكم المشاغب العقيد القذافي، ومعها بعض دول الخليج العربي.

«الإسرائيلي النطاسي»؟
بفضل مكتبة المكتب الشعبي الليبي في نيقوسيا (أي السفارة) قرأت كتاب ابن أبي مصيبعة: «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» لكن سليم بركات استعاره لاحقاً.. واحتفظ به.
في الكتاب ترد عبارة «الإسرائيلي النطاسي» عن أطباء يهود زمن الخلافة العباسية.
هاكم قصتين من الكتاب: الأولى، أن طبيباً كان يمرّ يومياً من أمام حانوت جزّار يلتهم حشايا الذبيحة من أكباد وأطحال، ويقوم بتركيب «إكسير» لعلاج جزّار سيصاب بذبحة ذات يوم.. وعندما سقط الجزار مريضاً على وشك الموت كان «إكسير» العلاج جاهزاً.
الثانية، كان الناس يُشيِّعُون ميّتاً على محفّة، ولاحظ طبيب نطاسي أن راحتي قدمه ترسمان زاوية قائمة، بينما في حالة الوفاة ترسمان مع ساقيه زاوية منفرجة. كان في الميّت بقية روح، وهكذا قام الطبيب بإنعاشه.
الخلاصة: يبدو أن ترامب يحضّر «إكسيراً» من سُمٍّ زُعاف، ويُراقب حالة المريض العربي، حتى إذا شارف على النجاة أسقاه إكسير الموت.. وهذه هي قصّة تأجيل إعلان «صفقة القرن».. إلى يوم النكبة ثم يوم النكسة!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر كأنها أُمّة في الأُمّة مصر كأنها أُمّة في الأُمّة



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia