القدس يمام و «جدري الموت»

القدس: يمام و «جدري الموت»

القدس: يمام و «جدري الموت»

 تونس اليوم -

القدس يمام و «جدري الموت»

بقلم : حسن البطل

السابعة مساء؛ القدس لا تشبه القدس... صيفاً!   
الخامسة مساء: القدس لا تشبه القدس.. شتاء!   
القدس تحاول، على مدى أعوام الاحتلال، أن تشبه مدينة الله. غير أن اليمام هو الذي يرى الله كما يحبّ الله؛ ويرى اليمام أتباع الديانات الثلاث لا كما يرون أنفسهم.. أو القدس التي يتنازعونها منذ ألفي عام.   
ربما كان المهندس الذي صمّم، ما يسمى اليوم "كلية شميدت" من بين قلّة من البشر رأوا القدس العتيقة بعيني اليمام. على مستوى نظرة اليمام للأفق القدسي، ترى هذا التآلف بين هندسة حجر الكلية وهندسة حجر الأسوار.. وبالذات، الحجر الذي يكلّل باب العامود.   
.. ذلك المهندس بنى صرحاً واحداً للأولاد الذين يدخلون دين العلم أفواجاً جيلاً بعد جيل.. ليروا الأفق المقدسي كما هو: خطّ جميل يصل "سرّة الأرض" بكبد السماء. لم يرشّح شميدت نفسه رئيساً لبلدية مدينة الله، لم ينتخبه أحد لهذا المنصب. بنى مبنى تتآلف فيه المدرسة مع أسوار المدينة المقدسة.
***
أجهل القدس صباحاً، لولا أن تلك القبة المذهبة مرآة نظيفة تعكس نور شمس الصباح ونور شمس الأصيل كما يكون الجمال. رحم الله الملك حسين، لقد أكمل جميل المهندس الذي بنى كلية شميدت، وأضاف عنصر تآلف آخر بين أفق المدينة وقبابها. قبة زرقاء تحضن قبة من ذهب.
***
من على سطيحة "بابا أندرياس" تستطيع أن ترى الأفق القدسي كما يراه اليمام البرّي، الذي لا يغيّر خطّ طيرانه العشوائي - على مستوى طيران اليمام دائماً - بين القباب.   
"الإنسان طير لا يطير"؛ واليمام ليس أي طائر يطير. إنه خير من يرى مدينة الله من مستوى أرض الحرم القدسي، وكنيسة القيامة. يرى الى أعلى القبة ذات الهلال هنا.. وأعلى القبة ذات الصليب هناك.
***
يسمونها "الجثمانية" وستبقى على اسمها من أول الدهر الى آخره.. وسيبقى لوجه الموت في الجثمانية صورة "جدري الموت". من على سطيحة مطعم/ مقهى أندرياس تشرب القهوة (كما تريد) وترى طيران اليمام (كما يريد).. لكنك ترى جدري الموت لا كما يراه الذين يعبدون الله في كنيسة القيامة أو الحرم القدسي..    
.. لا كما يراه اليمام الحرّ في مدينة يحتلها أتباع دين من أتباع دين.. إلى أن يحرّرها الله من الجميع!
***
ماذا فعل السيد المسيح أيضاً؟ طرد الباعة من كنيسة الرب؟   
ماذا على رئيس بلدية فلسطيني أن يفعل إذا رأى العلَم الفلسطيني يرفرف فوق الحرم؟   
عليه أن يطرد جميع هؤلاء الباعة الذين يحتلون باحة ساحة باب العامود.. باستثناء أمهاتنا وخالاتنا الفلاّحات اللواتي يأتينك بالنعناع الريان وورق العنب وثمار القرى!    
السابعة مساء، صيفاً، تبدو ساحة باب العامود أكثر بشاعة من سوق الحسبة في البيرة. لماذا؟    
ساعات رديئة، أحذية رديئة، علب سجائر مزوّرة، أرانب وطيور تحسد اليمام، وتنتظر السكين الذي يحزّ رقابها..    
وفي الخامسة مساء (شتاء) أو السابعة مساء (صيفاً) ينتهي مهرجان البيع والشراء.. وتبدو أحجار سور باب العامود جديدة نسبياً، أمام كل هذا الحطام أسفلها. يهرب اليمام الى القباب. يهرب من القباب الى النوم، يحلم بالصباح الجميل، قبل أن يأتي الباعة، الذين يأتون قبل أن يأتي الذين يرفعون صلواتهم للأعالي.. مخلوطة بهديل اليمام!
***
من آخر مدينة البيرة حتى أول مدينة الرام، لا تشعر أنك ذاهب الى السلام على الأرض، إلى السلام في السماء. هكذا، إذاً، القدس تتزنّر بدروب بشعة، وطرق رديئة، وحواجز عسكرية.. بشعة ورديئة معاً!   
طريق قلنديا ليس كالطرق، وشارعها ليس كالشوارع.. وأيضاً، مطار قلنديا ليس كأي مطار آخر. لا هو مهبط طائرات، ولا هو مطار. يقال: إنه كان أقدم مطارات الشرق الأوسط. وبينما لا يختلس اليمام طيرانه فوق القدس، فإن الطائرات تختلس شرعية الطيران من مهبط قلنديا. من هنا تبدأ أول الكذبة حول توحيد المدينة قسراً.    
المدينة التي يعشقها الجميع، يتزوجها الجميع بالتناوب. هذا فعل اغتصاب، ولليمام رنّة الحزن في هديل لم ينقطع ألف عام، ألفي عام.   
اليمام هو اليمام. الله هو الله. والبشر ليسوا يماماً.. ولو كانت لصلواتهم استعارة هديل اليمام.   
القدس الخامسة مساء (شتاء).   
القدس السابعة مساء (صيفاً).
.. ولليمام أن يستعير القدس فوق أجنحته، وأن تستعير المدينة لسانه، وللبشر أن يستعيروا عبوديتهم في مدينة الله.. الى أن يستعيروا حريتهم في حرية الآخرين.. في مدينة عبّاد الله.   
.. وإلى أن يذهبوا، جيلاً وراء جيل، الى "جدري الموت " في "الجثمانية ". لا يستحق القدس إلاّ اليمام..   
.. واليمام يبقى. والهديل هو الهديل السادسة مساء أو السادسة صباحاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القدس يمام و «جدري الموت» القدس يمام و «جدري الموت»



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia