تغريبة الأمير الصغير

تغريبة "الأمير الصغير"

تغريبة "الأمير الصغير"

 تونس اليوم -

تغريبة الأمير الصغير

بقلم : حسن البطل

هرب «الأمير الصغير» من مشاكل الأرض الكثيرة، فوجد مشاكلها موزعة على كل كويكب زاره. ما ان حطّ على احد الكويكبات، حتى انتهره ملك يقعي على عرش في «قطب» كويكبه، بينما تصل أطراف ثوبه القشيب «القطب» الآخر صرخ به الملك:   

- لا تدوسُ الرعية أطراف ثوب ملكها. قدّم واجب الطاعة أولاً، ثم قف كما تقف الرعية بين ايدي الملوك. كان الملك المتوحد على كويكبه الضئيل فخوراً في قرارة نفسه، فقد صار لديه رعية من مواطن واحد صغير، كان ملك الكويكب مشغولاً في عدّ كواكب قصية لامعة تبدو أصغر من عرشه.   

- « لماذا تعدها يا صاحب الجلالة « ؟ سأل «الأمير الصغير» بكل أدب.   

- لأنني ملك، والملوك يحكمون لأنهم يملكون، قال الملك الطاعن في السن.   

- ولكنني زرت بعض ما تدعوه «أملاكك» في طريقي الى مملكتك، انها اكبر كثيراً من كوكبك الذي لا يسع عرشك، ولديهم ملوكهم.. ورعاياهم، الذين لا يعلقون صورتك في بيوتهم. 

غادر «الأمير الصغير» الى كويكب أكبر قليلاً، وجد رجل أعمال واحداً لم يرد تحيته، فكان منصرفاً الى عدّ امواله، كرر التحية مرتين وثلاثاً، رفع المليونير رأسه في ريبة ورد التحية بهزة من رأسه.. وعاد الى عدّ امواله، ليرى كم يستطيع ان يشتري من كويكبات السماء اللامعة. 

على كوكب ثالث أكبر قليلاً من سابقيه صادف «الامير الصغير» رجلاً واحداً يحمل شعلة ويركض بين فانوسين، رد على التحية وهو يجري: يشعل الفانوس الاول، ويطفئ الثاني، لأن النهار والليل يتعاقبان بسرعة كبيرة على هذا الكويكب الصغير. 

غادر «الأمير الصغير» حزيناً كويكباً لا مجال لساكنه الأشيب الوحيد ليجد وقتاً ليتجاذب أطراف الحديث مع زائر لم يحظ بمثله منذ أن كان شاباً.   
 كما غادر كويكب المليونير، الذي لا يجد مكاناً لخزائن نقوده.   

 كما غادر كويكب الملك الذي لا يسع عدداً من الرعية قادراً على حمل عرش الملك من قطب الى قطب ليرى شروق الشمس وغروبها. 

بعد طول بحث عن كوكب صغير جداً للأمير الصغير، لا يوجد فيه ملوك، او رجال اعمال، او عمال لا ينامون لأنهم يضيئون الوقت ليطفئوه.   

 وصل «الأمير الصغير» الى كويكب خالٍ من البشر ومشاكلهم: ملوكاً، او متمولين، او كادحين للملوك والمتمولين، كان في الكويكب حمل واحد: أبيض وجميل، ووردة واحدة حمراء وصغيرة. يريد الخاروف ان يأكل الوردة ليسد رمقه والوردة تريد ان تنمو، وتملأ الكويكب.. صار الأمير الصغير وسيط خير بين حاجة الخاروف ليأكل ويعيش وحاجة الوردة لتنمو وتتكاثر، فيأتي النحل، ويصنع من رحيقها عسلاً فاخراً، يليق طعاماً بأمير صغير نبيل حامي الوردة من أسنان الخاروف.   

 فكّر «الأمير الصغير» أن عليه تنصيب نفسه ملكاً على كويكب الخاروف الأبيض والوردة الحمراء، وبذلك يصير غنياً من تصدير العسل الى كويكبات أُخرى، بعد ذلك عليه ان يعدّ أمواله، ويوظف عمالاً في مملكته لجناية العسل، وإطعام الحمل من ورق الورد.   

اكتشف «الأمير الصغير» انه اذا اراد خلق حالة سلام بين الحمل والوردة، فإن كويكبه سيتطور الى «كوكب - ارض صغير»، وستنمو جميع انواع المشاكل التي هرب منها الى الكويكبات البعيدة.

كان «الامير الصغير» هرب من كويكب الارض لأن الرجال «الثقات»، «العارفين ببواطن الامور» ضاقوا ذرعاً بأسئلته الساذجة، مثل: هل توجد افاع ضخمة قادرة حقاً على ابتلاع خاروف، فقالوا له ساخرين: توجد افاع عملاقة تبتلع فيلاً، تصوّر كيف تبدو افعى الـ BOA القادرة على ابتلاع الفيل، وعندما اراهم رسمته، قالوا له: هذه قبعة وليست الأفعى التي يسع جوفها فيلاً ضخماً... وضحكوا منه في أكمامهم: ولد طيب وساذج! 

قبل 40 عاماً قرأت بالفرنسية على مقاعد المدرسة «الأمير الصغير» Le Petit Prince لانطوان - دوسان اكسبري الذي وضع كتابين آخرين: «طيران الليل» و «بريد الجنوب».. وقد تاه فعلاً هو وطائرته المفقودة، يقال: لو عاش هذا الطيار - الأديب - الفيلسوف، لبزّ في الألمعية جان بول سارتر.   

 ليس ما سبق تلخيصاً لـ «رواية» صغيرة جداً، لكنه ما تبقى في ذهني من بعض خيوطها. جميل ان تعيد كتابة روايات الصبا كما يحلو لك. 

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريبة الأمير الصغير تغريبة الأمير الصغير



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia