حسن البطل
في ربع الساعة الأخير، من الولاية الثانية لإدارة الرئيس باراك أوباما، سيعود وزير خارجيته الى المنطقة «قريباً جداً» .. لتحريك الوضع «بعيداً عن الهاوية»!
كان كيري قد اخفق في جولة مكوكية استغرقت تسعة اشهر، وصفت بأنها المسعى الأخير لدفع الأمور نحو حافة السلام.
قبل الإعلان عن الجولة الجديدة القريبة جداً، كانت إسرائيل طلبت من وفد الرباعية الدولية، تأجيل زيارته لفلسطين واسرائيل .. حتى إشعار آخر، لكن موقعاً للقناة العاشرة الإسرائيلية ذهب في التوقع حد القول أن كيري بدأ اتصالات تهدف الى عقد قمة ثلاثية فلسطينية - إسرائيلية بمشاركته شخصياً، بل وأن الأردن أعرب عن استعداده لاستضافة القمة؟
كانت قمة أنابوليس (اولمرت - عباس - بوش) قد جرت عام ٢٠٠٧، ثم جرت استئنافاً دولياً موسعاً في شرم الشيخ ٢٠٠٨ بحضور عربي ومصري.
خلاف ما قاله اولمرت: لن نفشل، فقد فشلت اجتماعات القمة الثنائية بعد إجبار أولمرت على الاستقالة لأسباب اسرائيلية.
لاحقاً، فشل اجتماع آخر بين عباس ونتنياهو، لأن أميركا مشغولة بالملف النووي الإيراني، ولأن الأخير لم يعرض شيئاً حقيقياً.
بعد هبة النفق عقدت قمة عرفات - نتنياهو في ولايته الأولى، ووصف نتنياهو عرفات بأنه «شريك» خلاف تصريحاته بعد اوسلو في المعارضة بحكومة رابين، ووافق على الانسحاب من معظم الخليل.
جولة الشهور التسعة المكوكية لكيري جرت دون عقد لقاء ثلاثي او بين عباس ونتنياهو، وكانت المفاوضات تدور مكوكية.
بدأ الوضع يسير نحو التوتر بعد فشل كيري، الذي تجنّب إلقاء اللوم صراحة على أي من الطرفين، لكن مصادره تحدثت عن مسؤولية نتنياهو، الذي أخّل بوعده بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو.
في ولايته الثالثة، او حتى قبلها، ركّز نتنياهو جهوده على المسألة الإيرانية، ما ادى الى فتور علاقته بالإدارة الأميركية، وبخاصة الشخصية بالرئيس اوباما، الذي نجح لاحقاً في تمرير الاتفاق مع إيران، رغم تدخل نتنياهو الفظّ.
ردّ عباس على «انسحاب» اميركا من الوساطة بخطوات نحو رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة، ورفع العلم الفلسطيني، وكذلك في تهديده أمام الجمعية العامة بالتنصل من اتفاقيات اوسلو ما دامت إسرائيل تخرقها، رغم نصائح الإدارة الأميركية بتجنب ذلك.
ما الذي دفع كيري للعودة الى المنطقة، ومحاولة عقد لقاء قمة ثلاثي ايضاً، وهو أمر لم ينجح فيه خلال جولة الشهور التسعة؟
الرئيس أوباما في خطابه امام دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة تجاهل كلياً المسألة الفلسطينية، وكان قد تجاهلها في حديث صحافي مسهب، صابّاً ماء باردا على أقاويل وتوقعات أنه سينصرف إليها في ربع الساعة الأخير من ولايته الثانية، كما فعل سلفه بيل كلينتون في مؤتمر كامب ديفيد ٢٠٠٠.
في التفسير الإسرائيلي أن أميركا لا تتدخل للتسوية والحلول في نزاع دول المنطقة، الا إذا هدّد النزاع السلام الإقليمي الدولي، كما في عام ١٩٥٦ أثناء الإنذار السوفياتي، او العام ١٩٧٣، او حرب العام ١٩٨٢ بين الفلسطينيين وإسرائيل.
لكن قد تتدخل اذا توصل الطرفان الى اتفاق ثنائي تلزمه بعض النقاط، كما في كامب ديفيد المصري - الإسرائيلي، خلال ولاية الرئيس كارتر، او احتضان اتفاق اوسلو في ولاية كلينتون.
يبدو ان الأمور تغيّرت بعد بوادر انتفاضة ثالثة، خاصة بعد تجاهل عباس لدعوات نتنياهو للالتقاء به حتى في رام الله، ومن ثمّ طلب إسرائيل من «الرباعية» تأجيل جولة لها، ربما بطلب أميركي من إسرائيل، لتمسك واشنطن وحدها بالخيوط.
نتنياهو يواصل حملته السياسية الشخصية على عباس، الذي يتجاهل الرد بحملة شخصية على نتنياهو، ولكن يشدّد حملته السياسية على سياسة حكومته.
سنلاحظ ان اعلان كيري عن جولة اخرى للتهدئة جاء بعد خطاب الرئيس الفلسطيني القصير الى شعبه مؤكداً على خطابه أمام الجمعية العامة.
هل سيعود نتنياهو الى وصف عباس بأنه «شريك» كما فعل بعد هبّة النفق ازاء عرفات؟
عباس وضع شروطاً ويتمسك بها أمام نفسه وشعبه والعالم .. وبالطبع أمام الولايات المتحدة.
ما يطلبه عباس هو أن ترفع أميركا سيف الفيتو في مجلس الأمن، ليس أمام مشروع قرار عربي او فلسطيني، بل أمام مشروع فرنسي للاعتراف بدولة فلسطين.
هيّاتو جاي؟ ربما لينجح ويحرز جائزة نوبل، وربما ليفشل مرّة أخرى .. يقال أنه اذا نجح قد يرشح نفسه للرئاسة خلفاً لأوباما؟!