هل هي بداية نهاية المشروع الوطني

هل هي بداية "نهاية المشروع الوطني" ؟

هل هي بداية "نهاية المشروع الوطني" ؟

 تونس اليوم -

هل هي بداية نهاية المشروع الوطني

حسن البطل

كنتُ في غزة، مطلع شتاء العام 1995، وتعلّمتُ شيئاً غير أن هذا القطاع يشبه في احتقانه الدوري "المصران الأعور" في جسم الإنسان!
برفقة جندي فلسطيني زرنا "خط التحديد" في عبسان الصغرى، وأفادنا الجندي بمعلومة محزنة وهي: كانت منطقة حرام عازلة مساحتها 200 متر بين القطاع وإسرائيل.
نظرياً، كان يحق لإسرائيل اقتسام المنطقة الحرام العازلة، أي بناء جدار معدني يمتد مائة متر غرباً، وليس مائتي متر.
إن قضم مائة متر على امتداد القطاع طولاً يعني تضييق مساحة غزة، عملياً، وهي البالغة 1% من مساحة فلسطين ـ فيما بعد ستدمر المنطقة الصناعية وتنهب عند شمال بيت حانون، مخلّفة بطالة عشرات الآلاف من الأيدي العاملة.
المشكلة أن معبر "إيرز" (بيت حانون) أكثر المعابر تشدداً في إسرائيل والعالم، يقام في معظمه على أراضي القطاع.
كم تصبح مساحة "مصران أعور" تشكله غزة، بعد جولات حرب 2008 ـ 2012؟ لأن إسرائيل التي استبدلت الجدار المعدني بجدار اسمنتي حظرت الاقتراب من الجدار الاسمنتي لمسافة تتراوح بين 150 ـ 1500، وهي المنطقة الزراعية الرئيسية لفلاحي القطاع.
الآن، يتحدث البعض في إسرائيل عن نسخ نموذج "الضاحية الجنوبية ـ بيروت" على منطقة الشجاعية أي تحريك السكان نحو وسط غزة.
أعطت المقاومة اسم "الفرقان" لجولة 2008، التي بدأتها إسرائيل بغارة جوية كثيفة على حفل تخريج شرطة فلسطينية أودت بحياة المئات من الضباط والخريجين وعائلات الخريجين.
في الواقع حققت المقاومة إنجازاً عسكرياً عندما اخترقت الحدود، عبر نفق، وأسرت جندياً إسرائيلياً، تمكنت من مقايضته بمئات من الأسرى.
لكن حتى عندما كانت المقاومة مواجهة شعبية وموضعية، تمكنت من تدمير دبابة ميركافاه 3، وهي أثقل دبابة في سلاح المدرعات الإسرائيلي، وليس بصواريخ كورنيت ولكن بعبوة مفخخة ثقيلة من المتفجرات.
هذه أول حرب تبدأها المقاومة، ويبدو أنها لم تتوصل إلى إنهائها، فإسرائيل لا تريد رئيس السلطة أبو مازن شريكاً في حل سياسي يفضي، تدريجياً، إلى دولة فلسطينية مقيّدة، لكنها، في المقابل تريد "عدواً" هو فصائل المقاومة في غزة، تريد عدواً "إسلامياً".
مرّ أسبوع على تراشق صاروخي ـ جوي، في عملية أعطتها إسرائيل اسم "الجرف الصامد" لكن فصائل المقاومة أطلقت عليها اسمين قرآنيين "العصف المأكول" (حماس) و"البنيان المرصوص" (الجهاد).
في حرب "عمود السحاب" قتل 13 جندياً إسرائيلياً، منهم 6 أو 7 بنيران صديقة، وغير واضح كم هو خسائر الجنود والمستوطنين والمدنيين الإسرائيليين، وباستثناء اشتباك بحري في قاعدة "زكيم" شمال القطاع، وصد محاولة إنزال بحري إسرائيلي، فإن الحرب تبقى مبارزة غير متكافئة بين الصواريخ والإغارات الجوية، وغير متكافئة بالمرة في حجم الخراب والدمار، وعدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين، ستنتهي الحرب وتبدأ تبرعات للإعمار لما دمرته الحرب؟
سؤال مشروع: كم كلفة الحرب والخراب والضحايا في غزة، بينما تعجز حكومة حماس عن تدبير رواتب موظفيها، ولا تسمح الإجراءات المصرفية الدولية بتحويل المنحة القطرية، لمدة ثلاثة شهور، لدفع الرواتب!
سؤال مشروع أكبر: يبدو من تصريحات قائد الجهاد، رمضان شلح، أن على أبو مازن، رئيس السلطة، أن يتصرف كأنه قائد فصيل، ويعطي أمراً لـ "فتح" للبدء في انتفاضة ثالثة.
إسرائيل لا تريد حسماً سياسياً مع السلطة، ولا تريد حسماً عسكرياً مع فصائل غزة، لأنها لا تريد دفع ثمن حل "الحسم السياسي" في الضفة ولا تريد دفع ثمن "الحسم العسكري" في غزة، بل تريد تعطيل أية محاولة سياسية لإنهاء انقسام 2007، وتحتاج "تدريباً" عسكرياً دورياً ضد فصائل غزة لا يؤدي إلى حسم.
نخشى أن نتوصل إلى نتيجة وهي أن المشروع الوطني الفلسطيني يواجه مخاضاً عسيراً، بينما المشروع الإسلامي الفلسطيني يتقدم من حرب وخراب إلى حرب وخراب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي بداية نهاية المشروع الوطني هل هي بداية نهاية المشروع الوطني



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia