مع سورية وضد الشقيقات العربيات

مع سورية وضد "الشقيقات العربيات"

مع سورية وضد "الشقيقات العربيات"

 تونس اليوم -

مع سورية وضد الشقيقات العربيات

حسن البطل

".. والرمل شكل واحتمال. أرى عصراً من الرمل يغطينا ويرمينا من الأيام.. غيوم تشبه البلدان" - قصيدة الرمل ١٩٧٦. محمود درويش * * * لا تبحثوا عن معنى المثل "ثالثة الأثافي". إن المثل السوري ماثل أمام أعينكم: "سورنة" (على وزن "فتنمة" و"لبننة" و"بلقنة") أي حرباً أهلية. الحرب الأهلية، أولى الأثافي، تمد ذراعها اليمنى نحو "تعريب الحرب" رسميا بقرار من القاطرة القطرية التي تقود القطار العربي .. وتمد ذراعها اليسرى نحو "تدويل الحرب". يمكن ان نعد الأثافي الثلاث حسب الترتيب. سورنة، تعريب، تدويل، أو سورنة، تدويل .. فتعريب. الشقيقات العربيات أخذن في قمة الدوحة أخطر قرار في تاريخ جامعة الدول العربية، وهو نزع الشرعية عن دولة عربية مؤسسة للجامعة، واعتماد العلم السوري القديم علماً للبلاد (البعض يعتبره علم الانتداب أو الاستقلال، والبعض يعتبره علم الثورة، والبعض يعتبره علم الانفصال السوري عن مصر ١٩٦١). أخطر ما في قرار قمة الدوحة، وكل قمة تعكس، الى هذه الدرجة او تلك، سياسة الدولة المضيفة، هو اطلاق حرية من تشاء من الدول العربية في تسليح المعارضة السورية، أي "شرعنة" تعريب الحرب. عودة الى الوراء، فقد كانت قمة القاهرة ١٩٩٠ اعطت تفويضاً لمصر والسعودية وسورية في "تعريب" الحرب على العراق، وامتطت اميركا هذا التفويض "لتدويل" حرب "تحرير الكويت" من الاحتلال العراقي. ثم صار التدويل صريحاً في حرب تدمير العراق لاحقاً. عودة أبعد الى الوراء، الى العام ١٩٦٢ حيث اعترفت قمة عربية طارئة في شتورا اللبنانية بانفصال سورية عن مصر، فقاطعت مصر الجامعة العربية سنوات .. وعادت، ثم قوطعت مصر بعد معاهدة كامب ديفيد سنوات أطول .. وعادت. عودة أقرب إلى الوراء: أجازت الجامعة العربية لسورية انهاء "لبننة" الحرب عن طريق اطفائية تعريب الدور السوري، ومن ثم "تعريب" الحل. وتعديل "الصيغة اللبنانية" قليلاً العام ١٩٨٩ في قمة عقدت بالسعودية (اتفاقية الطائف). إذا كان "تدويل" الحرب بوساطة حلف "الناتو" ضد ليبيا - القذافي كان العامل الاول في اسقاطه، فقد كان "التعريب" أو الدور الخليجي (القطري - السعودي) هو الرديف، وأما في قرار قمة القاطرة القطرية في الدوحة فالأمر أكثر صراحة ومباشرة ووقاحة، لأن "الناتو" سيمتطي ظهر شرعنة "تعريب" الحرب على سورية. السؤال ليس الى أي مدى سيبقى النظام السوري متماسكاً مع ثالوث الأثافي هذا: السورنة، التعريب، والتدويل، بل إلى متى ستصمد سورية البلد قبل ان تتفكك عراها، وحتى تتفكك لحمة شعبها الى طوائف ومذاهب وقوميات، بعدما كانت بلد العروبة الأول! حتى قمة الدوحة ٢٠٠٩ كانت سورية لاعباً إقليمياً، وكانت قطر حليفة "نظام الممانعة" السوري، وحتى حليفة حزب الله وحركة حماس، وصارت سورية لعبة، كما كانت حتى الوحدة مع مصر ١٩٥٨ ثم حكم البعث ١٩٦٣، ومن علاقة مميزة مع تركيا الى علاقة عداء صريحة (قمة الدوحة هي قمة الحرب على سورية، وقامت قطر بتسويغ هذه الحرب عن طريق صفّ كلام عربي انشائي عن فلسطين، ونوايا لتحريك شبكة الضمان العربية للسلطة، ولكن بعد جولة جباية وفود عربية، وكذلك تجديد الاعلان عن تخصيص مليار دولار لانقاذ عروبة القدس، مع اعلان قطر استعدادها لدفع ربع مليار في الصندوق .. وايضاً "تعريب الصلحة" الفلسطينية بالنيّة لعقد قمة عربية مصغرة لهذا الغرض. لا يستطيع "الائتلاف السوري" الذي احتل مقعد سورية أن يزعم انه يمثل المعارضة السورية، لا الشعبية ولا المسلحة، كما لا يستطيع النظام السوري ان يزعم انه يمثل الشعب السوري بعد الحرب الاهلية. السوريون تاريخياً حساسون للتدخل الاجنبي وحتى العربي في شؤون بلادهم، ومن شأن "تعريب" الحرب ان يعيد اصطفاف القوى المعارضة في سورية، شعبيا ومقاومة مسلحة .. والصراع سوف يحتدم في سورية وعليها. صار صعباً فرز الحرب الاهلية السورية عن "التعريب" الحرب او هذه عن "تدويل" الحرب. في البداية كنّا مع المعارضة السلمية السورية، التي جرّها النظام الغاشم بغبائه للعنف، والآن لسنا لا مع المعارضة المسلحة ولا مع النظام.. وانما مع سورية البلد وضد الشقيقات العربيات. سورية البلد هي العروبة ولو جنت سياستها على العروبة وعلى فلسطين والعراق ولبنان، وسقوط دمشق أقسى وأبعد أثراً من سقوط بغداد تحت الاحتلال وقبلها من سقوط بيروت ايضاً. أعان الله سورية على أمورها .. وشعبها على نفسه ونظامه ومعارضته .. وشقيقاته العربيات. نقلا عن جريدة الايام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع سورية وضد الشقيقات العربيات مع سورية وضد الشقيقات العربيات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia