معركة تشرين قوة المساومة

معركة تشرين.. قوة المساومة

معركة تشرين.. قوة المساومة

 تونس اليوم -

معركة تشرين قوة المساومة

حسن البطل

بعض ما لا يعرفه البعض من اجتياح لبنان، صيف 1982، ومعركة حصار بيروت: في الأيام الأولى من الحرب، سئل أبو جهاد من مقاتلين في فصائل مختلفة، فقال: يا إخوان نحن نقاتل لتحسين شروط الخروج. هذه واحدة، والثانية أنه في معركة صمود / حصار بيروت صدرت جريدة "المعركة" وتحمل بعض عبارات من شعر بول إيلوار شاعر المقاومة الفرنسية للاجتياح النازي "المجد للمقاومة .. لا مساومة" .. وبلطف، طلب أبو عمار حذف "لا مساومة". كان يعرف أننا نقاتل لتحسين شروط الخروج المشرّف. تبدو كلمة "معركة" نقيض كلمة "مساومة" وهذه تعني في الخطاب الثوري السائد: تفريطاً وتنازلاً .. لكن، الحرب هي سياسة بوسائل أخرى، والعكس صحيح. المساومة قد تكون جمع أوراق القوة السياسية لمواجهة عدو قوي عسكرياً. لدى فلسطين، الضعيفة إزاء قوة إسرائيل العسكرية، أوراق قوة / مساومة سياسية، إجمالها هو اللجوء الى الاحتكام للشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال، وأما تفصيلها فهو في خطاب رئيس السلطة أمام الجمعية العامة في دورتها الحالية. صحيح، أن المنظمة احتكمت للشرعية الدولية، منذ العام 1974 خصوصاً، وخطاب عرفات التاريخي: بندقية الثائر وغصن الزيتون، لكن "مياهاً كثيرة مرت تحت الجسر" وهذه القنطرة عليه بصفتيها: بندقية الثائر وغصن الزيتون، ونختصرها بالقول: من الاعترافات الدولية بالمنظمة الى الاعترافات الدولية بالدولة، وبينهما قناطر الانتفاضة الأولى والثانية، وتأسيس السلطة، وأوسلو، ومساومات استمرت عشرين سنة من أجل حل ينهي الاحتلال ويحقق الاستقلال. ما هي المساومة؟ هي أيضاً أن تتكلم بلطف (لديك خيارات متعددة) وأن تحمل هراوة (أن تجعل من الخيارات قوة موقف سياسي). من نساوم حالياً؟ الولايات المتحدة بالذات، علنا نصل وإياها إلى مساومة تجبرها على الامتناع عن استخدام حق النقض في معركة التصويت بمجلس الأمن على مشروع قرار فلسطيني وعربي لإنهاء الاحتلال. هل تتقدم واشنطن بمشروع قرار الى مجلس الأمن يتضمن بعض مطالب المشروع الفلسطيني.

 أي الموافقة على أن خطوط 1967 تشكل حدود الدولة الفلسطينية، مقابل عدم تحديد موعد لإنهاء الاحتلال؟ كانت الولايات المتحدة قد حدّدت آجالاً للاتفاق التفاوضي على إقامة الدولة، ولم يتحقق أي واحد منها، لا في العام 2005 ولا في العام 2009، ولا بعد وساطة الشهور التسعة التي قادها جون كيري! في مسعى أميركي أخير لمشروع قرار من مجلس الأمن حول حدود دولة فلسطين، وأجل إنهاء الاحتلال، جرت مساومات تفاوضية بين كيري ووفد فلسطيني برئاسة صائب عريقات، يبدو أن نتيجتها غطت عليها أمور مثل الانتخابات النصفية لمجلسي الكونغرس الأميركي، و"انتفاضة القدس"، وأيضاً بداية موجة الاعترافات الدولية بفلسطين من جانب "دول نوعية" وآخرها مشروع من الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا بتصويت برلماني على منوال تصويت مجلس العموم البريطاني غير الملزم للحكومة، لكن الاعتراف السويدي صار ملزماً ورسمياً في بداية الشهر الجاري. قيل إن مشروع القرار الأميركي يحدّد حدود دولة فلسطين، لكنه لا يحدّد موعداً لإنهاء الاحتلال، بل يطلب التفاوض مع إسرائيل على موعد إنهاء الاحتلال. 

تردّد أن الجانب الفلسطيني يسعى لتوضيح أكبر في الموقف الأميركي شرطاً لقبوله، علماً أن إسرائيل في غمرة حملة شعواء ضد رئيس السلطة منذ خطابه في الجمعية العامة، الى موقفه من معركة القدس الجارية، وخاصة من اقتحامات الحرم القدسي المتكررة. على ما يبدو، فإن الجانب الفلسطيني عازم على التوجه الى مجلس الأمن هذا الشهر، كما يستدل من تصريحات الناطق باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة، ومن تصريحات لكبير المفاوضين صائب عريقات.. وحتى من تصريح عضو اللجنة التنفيذية واصل ابو يوسف. ذاهبون، إذاً، الى معركة نوفمبر في مجلس الأمن، وتبعاً لنتيجة المساومات على التصويت، ومشروع القرار الفلسطيني - العربي او الأميركي الوسط، سنذهب الى ميثاق روما، ومحكمة الجنايات الدولية، لرفع دعوى ضد الاستيطان برمته في الضفة والقدس أيضاً. هناك، أولاً، دلالة المغزى في خوض "معركة نوفمبر" ففيه صدر قرار التقسيم الدولي، وأيضاً اغتيال رابين وعرفات، ناهيك عن انتفاضة القدس الجارية. 

في مرحلة ما من الانتفاضة الأولى سأل رابين جنرالات جيشه: هل لديكم حل عسكري؟ .. ومن ثم قرر الذهاب إلى أوسلو. أمّا في الانتفاضة الثانية فقد تمكنت إسرائيل من تحقيق حسم عسكري.. لكن دون حسم سياسي، لأن السلطة الفلسطينية صارت حقيقة سياسية. الآن، وفي غمرة معركة نوفمبر، وفي ظلال انتفاضة القدس يقول أمنيون في إسرائيل أن القدس لا تحتاج حسماً أمنياً بل حسماً سياسياً، ويشير جنرالات الى أن الحسم التفاوضي مع الفلسطينيين يمرّ عبر قبول إسرائيل مبادرة السلام العربية، ثم التفاوض على صيغة او صيغ لتطبيقها، او طرح مبادرة سلام إسرائيلية في مقابلها؟! المساومة ليست دائماً تفريطاً او تنازلاً، وبخاصة إذا كانت تعززها أوراق قوة سياسية تحدّ من أوراق القوة العسكرية الإسرائيلية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة تشرين قوة المساومة معركة تشرين قوة المساومة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia