مصر بوصلة الربيع العربي

مصر بوصلة "الربيع العربي"

مصر بوصلة "الربيع العربي"

 تونس اليوم -

مصر بوصلة الربيع العربي

حسن البطل

الناس تحفظ أسماء رؤساء مصر الجمهورية الأربعة، من ثورة يوليو إلى ثورة يناير، لكن في حياة مصر الحديثة (ومصر عمرها سبعة آلاف عام) ثلاثة رجال من كبار بناة مصر. محمد علي ضيّق الفجوة الحضارية بين مصر وأوروبا إلى 40 سنة. عبد الناصر بنى السد العالي وأمّم القناة. والثالث؟ إنه طلعت حرب 1867ـ1941 الذي أسس "بنك مصر". ليس مجرد أول بنك مركزي وطني، لكن مؤسسة لنهضة مصر. ساحة التحرير "كعبة" ثورة يناير، وانضم إليها "قصر الاتحادية" حيث يقيم الرئيس المصري الخامس لمصر الجمهورية. أنصار الرئيس يهتفون: إسلامية.. إسلامية، لا مدنية ولا علمانية، ومعارضوه: ارحل.. ارحل! لكن، لماذا جعلوا تمثالاً لطلعت حرب كأنه جثة واقفة ترتدي كفناً، وربما لاحقاً يفعلون به ما فعل الطالبان في تمثال بوذا، في "باميان" بحجة أنه وثن غير مسلم، والأوثان حرام. طلعت حرب اقتصادي مصري مسلم، أو هو محمد علي الثاني والصغير، وهو حفظ القرآن ونال شهادة الحقوق عام 1889. القرآن والحقوق معاً! ينسبون ثورة يناير المصرية إلى "الربيع العربي" ولكنها أبعد مدى من ذلك وأعمق، حتى من ثورة 1919 الشعبية ضد الاحتلال البريطاني، فهي ثورة تتعدى تغيير نظام بآخر، أو رئيس عسكري النشأة بآخر، ذي خلفية إسلامية، أو مستبد عسكري بآخر تصرّف وكأنه "الحاكم بأمر الله". مصر ليست دولة "خفيفة" مثل تونس أو حتى سورية، فهي أقدم دول الأرض وأعرق الحضارات الإنسانية، فإذا كانت الثورة الفرنسية الكبرى قد صاغت فرنسا ومن ثم أوروبا، ونقلتها من ملك هو ظل الله على الأرض إلى الديمقراطية، فإن ما يجري في مصر هو استكمال لثورة يناير. جاوز الرئيس محمد مرسي شرعية الانتخاب بأغلبية 1% إلى محاولةٍ لتوظيف هذه الشرعية لقلب نظام الدولة والمجتمع، فاصطدم مع قضاة مصر، ثم مع شعب مصر. شعب مصر أكثر شعوب الأرض تديناً، لكنه لا يريد استبدال استبداد نظام عسكري بآخر ديني يقول فقهاؤه إن "الأهرام" و"أبو الهول" رجس من عمل الشيطان، أو أن تمثالاً لطلعت حرب هو وثن. ظاهرياً فقط، يبدو أن استفتاءً على دستور جديد أمر ديمقراطي، لكن هو أمر شاذ في الحقيقة، ليس لانسحاب العديد من الكفاءات من لجنة صياغة الدستور، لكن لأن الاستفتاءات عادةً هي سؤال واحد: نعم أو لا. كل دستور هو مئات المواد ومئات الأسئلة!. يقارنون الثورة المصرية الديمقراطية بالثورة الفرنسية، التي هدمت "الباستيل" في البداية ونصبت "المقاصل" في النهاية، قبل إن تغيّر وجه فرنسا وأوروبا. عندما أجرى الجنرال ديغول استفتاءً على الانفصال عن الجزائر، كان السؤال: نعم أو لا، لكن في مصر هناك 50% من الشعب أميون، فكيف يمكن الاستفتاء على مئات مواد الدستور؟ هذا الاستفتاء دستوري شكلاً وغير دستوري مضموناً، لأن الناخب المصري العادي سيصوّت لصالح دستور يرفع شأن الإسلام في "أبو القوانين". الدستور يصوغه خبراء قانونيون محايدون أو يمثلون تيارات المجتمع الفكرية، ثم يقره برلمان منتخب أصولياً. يمكن مثلاً، استفتاء الشعب على سؤال: هل تؤيد عودة الملكية إلى حكم مصر، أو حرية تشكيل الأحزاب، وحزب واحد حاكم. ما يجري في "ثورة ديسمبر" المتممة لثورة يناير هو لا أقل من عملية حرث الشعب والمجتمع، وإعادة تثقيفه بثقافة ديمقراطية جديدة، أبعد مدى من ديمقراطية الانتخاب، سواء للبرلمان أو لوضع دستور جديد للدولة. يمارس الرئيس المصري تكتيكاً خطيراً، وهو "القفز" ثم التراجع خطوةً للتقدم خطوتين وأكثر!. مصر هي التي ستحدّد اتجاه "الربيع العربي". هل نحو ديمقراطية حقيقية أم نحو ديمقراطية شكلية. مصادفة؟! حركة "حماس" تحاول نسبة الانتفاضة الأولى العظيمة لها، والإخوان في مصر يحاولون نسبة ثورة يناير لأنفسهم؟!. نقلاً عن جريدة "الأيام" الفلسطينية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر بوصلة الربيع العربي مصر بوصلة الربيع العربي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia