حسن البطل
لمّا السياسة تصير منزوعة الكياسة تصير تياسة؛ ولمّا كان سلفان شالوم وزيراً للخارجية، وكانت كوندوليزا رايس مسؤولة الأمن القومي، صرتُ طرفاً دخيلاً في قصة صحافية سياسية برهنت عن تياسة شالوم.
شالوم عاد ليصير مساعداً لبيبي، أي نائب رئيس الوزراء لشؤون المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.. لا أهلاً ولا سهلاً!
هاكم القصة من «السلام عليكم» دون «دق ـ دق» حمل الوزير الأصيل، آنذاك، للخارجية في حكومة شارون، مقالة لي مترجمة للعبرية بواسطة معهد «ميمري» لمراقبة الإعلام العربي، إلى لقاء خاص استمر 20 دقيقة مع الست رايس.
كانت مقالتي خاصة بكوندوليزا، وكانت تخلط المفارقات بالطرافة واللوذعية، وتقارن ما يميزها عن نساء أميركيات بارزات (جاكي، زوجة كنيدي، وروزالين زوجة كارتر، ولورا زوجة بوش ـ الابن، وأولبرايت وزيرة الخارجية).. وكمان «الست حديد» البريطانية ـ رحمها الله ـ ... فهي متعددة اللسان اللغوي، وموسيقية كلاسيكية موهوبة، أيضاً.. ودكتورة في العلاقات الدولية.
المقالة المترجمة للعبرية نشرتها «يديعوت» على خمسة أعمدة تحت عنوان: «هكذا ترسم صحيفة السلطة الفلسطينية صورة رايس».
حسب ما نشرته «الأيام» في حينه عن المقابلة القصيرة في خبر قصير، فقد ردّت رايس على شالوم بقولها: «لا أرى كلاماً عنصرياً في مقالة ترجمها اختصاصيونا».. وتناقلت الترجمة الإنكليزية شبكات الاتصال.
شبكات الاتصال كانت لاذعة، وأخذت من المقالة إعجابا يكنّه نائب الرئيس، ديك تشيني بسيقان المستشارة العزباء، بمعنى: إن كان يحق لنائب رئيس هذا الإعجاب، فلماذا لا يحق لإرهابي فلسطيني (هيك صرت إرهابي.. يا أخوات الشلّيته!).
رايس كانت مستشارة الأمن القومي في ولاية بوش ـ الابن الأولى، وصارت وزيرة الخارجية في ولايته الثانية (2005 ـ 2009) وقبل قبولها منصبها الجديد طرحت سؤالاً واحداً على الرئيس: هل أنت جاد في مسألة دولة فلسطينية؟ وكان الجواب: نعم.
في فترة تسلمها الخارجية، لم يعد سلفان شالوم نظيراً إسرائيلياً لها في حكومة ايهود اولمرت، وما نجحت فيه لا أكثر من «اتفاقية المعابر» بين السلطة وإسرائيل، بعد أن تمكنت من إقامة لجنة مراقبة التحريض في مهمتها كمستشارة للأمن القومي.
هل كبّرت رايس أو أعلت من شأن قلمي؟ كلا، ولكن الحق على ييغال كرمون، مدير «ميمري» الذي أرسل لي، بالعربية، فاكساً بعد فوزي بجائزة فلسطين للمقالة 1998 «الجائزة استحقتك».
بعد أخذ ورد، ذهبت مع الزميل سميح شبيب، إلى معهد «ميمري» بالقدس الغربية، وهناك ناقشني كرمون في مقالة لي بـ «فلسطين الثورة» 1989 (وضع صورة لها على طاولته) وكانت بعنوان: «عروبة جديدة؛ صهيونية أخرى» ترجمها أوري نير في «هآرتس» وطرح سؤاله: ماذا تقصد بإعادة صياغة إسرائيل؟ فأجبت. ولماذا لا تعترفون بحق إسرائيل في الوجود.. فأجبت في مقالة لاحقة بعد المقابلة أثارت غيظ كرمون.. وكانت آخر عهدي به.
معهد «ميمري» هو الذي ترجم إلى العبرية مقالتي عن رايس، التي ترجمت للإنكليزية، وأثارت تعقيبات وفيرة.. ولاذعة!
ما أعرفه عن سلفان شالوم أنه «يرطن» بالفرنسية، ويبرطم بالإنكليزية، وأن أمه التونسية تحبّ الأغاني العربية القديمة (أم كلثوم وأسمهان) وأنه، سياسياً «صوت سيده» نتنياهو في الموضوع الفلسطيني، كما هو شريكه اسحاق مولخو الذي كان يثير المتاعب لتسيبي ليفني كمسؤولة ملف المفاوضات.
مريم وماري وماريا
البابا طوّب قديستين فلسطينيتين: ماري وماريا، قبل العام 2000 ترددت على «بيت الكرمة ـ بيت هاغيفن» وكانت تعمل ألمانية يهودية أثار إعجابها أن «شقفة» من نباتات الصبار وضعها تلميذ يهودي في لوحة «كولاج» قد نبتت قليلاً.
قيل لها إنني ولدت في حيفا (طيرة حيفا ـ «طيرات هاكرمل») فاستغربت، ثم سألتني هُويتي... ثم استهجنت أن اسم أمي «مريم» لأنه خاص باليهود، وعلينا تسمية بناتنا «بماري» مثلاً.
وماذا أقول عن تياسة سلفان شالوم الذي تدخل لدى كوندوليزا في ما لا شأن له ولإسرائيل واليهودية به؟