للكيانية الفلسطينية حالات الماء

للكيانية الفلسطينية حالات الماء ؟

للكيانية الفلسطينية حالات الماء ؟

 تونس اليوم -

للكيانية الفلسطينية حالات الماء

حسن البطل

خصّت فصلية "سياسات" آخر إصداراتها لـ "يوبيل" حركة "فتح" في مرور 50 عاماً، أي نصف قرن على انطلاقة جناحها العسكري (العاصفة).
رئيس تحرير الفصلية، الزميل عاطف أبو سيف، دمج افتتاحية إنشائية جميلة، شاكل فيها بين الحركة ورئيسها ـ رئيس المنظمة و"أبو" الوطنية الفلسطينية.
لماذا أبو عمار هو "أبو" الوطنية الفلسطينية؟ أولاً، لأنه كان يقول في خطبه الجماهيرية: الشعب الفلسطيني أعظم من قياداته السابقة، والحالية... واللاحقة. وثانياً، لأنه في المؤتمر العام الخامس للحركة، الذي هتف فيه الأعضاء: "عاصفة.. عاصفة" قال لهم: تموت "العاصفة" وتعيش "فتح". تموت "فتح" وتعيش المنظمة. تموت المنظمة وتعيش "فلسطين".. وخرج غاضباً والحضور يصرخون فيه. "عاصفة.. عاصفة" وهو يقول: "فلسطين.. فلسطين"!
للشاعر العام ما قاله "في وصف حالتنا" وعلى كاهل هذا الشعب الأعظم من قياداته كم هائل ومتنوع من المشاكل، وتفاصيلها ومفرداتها وحالاتها "أكثر من الهمّ على القلب" كما يقال، أو نقول إنها وصلت إلى العظم بعد اللحم وبعد الجلد!
من التفاصيل إلى الإجمال، فهل نعقد مشاكلة أو مشابهة أو مقارنة بين حالات الماء الثلاث، وحالات الكيانية السياسية الثلاث؟
لفلسطين الكيانية ثلاث حالات راهنة متواصلة وغير مترابطة هي: المنظمة.. السلطة.. والدولة المعلنة.
تعرفون أن للماء، وهو معجزة الطبيعة، حالاته الثلاث: سائلة. غازية. صلبة. لا يوجد سوى عنصر صغير وهامشي طبيعي آخر، نسيت اسمه له هذه الحالات.
هل السلطة هي الحال السائلة للكيانية الوطنية؟ هل الدولة المعلنة هي الحال الغازية؟ هل المنظمة هي الحال الصلبة للكيانية! أو أنه يمكن "تسييل" الحالات/ العناصر وتجميدها وجعلها غازية حسب المعطى والظرف.
الدولة هي فصل السلطات، لكن فصل حالات الماء كفصل عناصر الكيانية الوطنية. هل هذا يفسر لماذا رئيس المنظمة والسلطة والدولة المعلنة يجمع في مناصبه هذه الحالات (إضافة لرئاسته الحركة الفلسطينية الرائدة والقائدة).
الآن، صارت فلسطين من حق نضالي إلى حقيقة سياسية عالمية، لكن ليست، بعد، الكيانية الفلسطينية حقيقة سيادية.
هل فشلت استراتيجية التحرير والكفاح المسلّح، أم أنها أدّت إلى كيانية السلطة؟ هل فشلت كيانية السلطة في الانتقال من الدولة المعلنة إلى الدولة السيادية؟ هل وصل "الحل بدولتين" إلى عنق الزجاجة أو ما يعرف بالفرنسية Colede Sac أي ربطة على عنق الكيس.
إذا كان للماء حالاته الثلاث، وللكيانية حالاتها الثلاث، فإن للكيانية، قبل السلطة وبعدها، حالات: صلبة، سائلة.. وغازية، من التمثيل السياسي.
هناك من اعترف بحركة "فتح" عربياً ودولياً، وهناك من اعترف بالمنظمة عربياً ودولياً، وهناك من يعترف بالدولة المعلنة عربياً ودولياً، أي أن للتمثيل الدبلوماسي الفلسطيني ثلاث حالات هي: مكتب، ممثلية أو مفوضية، وسفارة.
إن الميثاق القومي بعد تأسيس م.ت.ف في القدس العام 1964 ربط بين استراتيجية التحرير والكيانية الوطنية وبين الاستراتيجية العربية، لكن بعد ثلاث سنوات جرى تعديل الميثاق القومي إلى الميثاق الوطني، بعد سيطرة الفصائل الفدائية على "القيادة القومية" للكيانية الفلسطينية، إثر هزيمة الدول العربية في حرب العام 1967، ثم بعد إخفاق الجيوش العربية في "تحرير الأرض العربية المحتلة" 1973، وضعت القيادة الوطنية للكيانية الفلسطينية برنامج "النقاط العشر ـ برنامج السلطة الوطنية" العام 1974.
منذ ذاك العام، صار "القرار المستقل" إرادة وشعاراً يبحث عن سبيل للممارسة بين سياسات قطرية عربية متنازعة.
آنذاك، وصف الرئيس السوري حافظ الأسد القرار المستقل بأنه "بدعة" لأن فلسطين هي "سورية الجنوبية" فمازحه عرفات "سورية هي فلسطين الشمالية".
لم يكن الأمر مجرد "مماحكة" بل خلافاً ونزاعاً وحروباً بين القطرانية ـ الكيانية الوطنية الفلسطينية، وهذا النظام القطري العربي أو ذاك.
انعكس صراع القطرانية العربية والكيانية الفلسطينية إلى خلاف وصراع بين الفصائل الفلسطينية، سواء قبل مرحلة لبنان وبيروت، أو بعد تأسيس السلطة (خلاف "فتح" و"حماس) أو خلاف الوطنية ـ الكيانية مع الإسلام السياسي بعد خلافها مع العروبة القومية والقطرانية.
لنتأمل، مثلاً، حال وجود 12 ـ 13 فصيلاً فلسطينياً، ثلاثة منها وافقت على أوسلو، لكن جميع كوادرها وعناصرها توافق على سلطة أوسلو موافقة مشروطة، وبين حال سورية حيث يتصارع فيها 100 فصيل مسلح معارض إضافة لفصيلين كبيرين: "داعش" و"النصرة" مع الجيش السوري والنظام وحلفائه.
كما الحال الفلسطينية في زمن الثورة والمنظمة تبحث عن استراتيجية ناجعة، فكذا الحال الفلسطينية في زمن السلطة والدولة المعلنة تبحث عن استراتيجية.
في تعريب التكتيك العسكري والسياسي يقال في العربية "عملانيّة" وفي تعريب الاستراتيجية يقال في سورية والعراق ولبنان "السوقية".
الآن، الكيانية الفلسطينية عادت إلى صراع كياني مع إسرائيل دولة ونظرية صهيونية، وصهيونية دينية. يقال: لكل فعل ردّة فعل معاكسة له في الاتجاه ومعادلة له بالشدّة، لكن ولعوامل كثيرة لم نتوصل إلى معادلة الشدّة، نظراً للحال العربية والعالمية إضافة للحال الفلسطينية والإسرائيلية.
للاستراتيجية مقومات: عدد السكان، قوة الاقتصاد، القوة العسكرية.. إلخ، ولا يتوفر للكيانية الفلسطينية سوى القليل منها، وأهمها "معجزة" الشعب الفلسطيني في حالاته الثلاث: الصلبة، السائلة، الغازية.
.. أو أن الشعب أعظم من قياداته السابقة والحالية واللاحقة.
هذا طريق طويل، شاق وصعب ومصيري بين "يا وطن الشهداء تكامل" و"يا وطن الأنبياء تكامل" كما قال الشاعر القومي!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للكيانية الفلسطينية حالات الماء للكيانية الفلسطينية حالات الماء



GMT 07:49 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تكتيكات جازف بها عرفات

GMT 07:41 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مجرّة الأوسمة

GMT 19:51 2021 السبت ,15 أيار / مايو

القدس - غزة أولاً، ماذا عن لبنان ؟

GMT 13:09 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

فلسطينية في «ناسا» الأميركية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia