عمر الصحافي عمران: عمر قلمه، وعمر حياته. منذ ٤٤ عاماً وقلمي منكبّ على "معلف" الشخبطة الصحافية. هذا العمر القلمي أقلّ بست سنوات من " يوبيل ذهبي ". وأما أجل العمر فلا أظن ان طوله سيطاول "يوبيلاً ماسياً".
بعد ١٦ عاماً قلمياً من فوزه بجائزة فلسطين في المقالة عام ١٩٩٨ كان لقلمي حصة في فرص جوائز اتحاد الصحافيين العرب، بمناسبة يوبيله الذهبي.
شيء مختلط من الزهو المهني (عمر القلم) والارتباك (عمر السن) غمرني عندما وصف الاتحاد العربي الفائزين بأنهم "روّاد" و"رموز" الصحافة العربية في دفعة المكرمين الصحافيين العرب، من دول عربية فيها نقابات صحافية منتخبة ديمقراطياً، صرت "زميلاً" في التكريم لشيخ الصحافيين العرب، محمد حسنين هيكل، وأظن ان عمر حياته تجاوز "اليوبيل الماسي" وأيضاً زميلاً لرئيس تحرير "السفير" اللبنانية، طلال سلمان، وأظن أن عمره القلمي أفتى بسنوات من عمر قلمي.
هناك من قال: "خير الناس من حضر صيته وغابت صورته" وصيتي شخبطات قلمي، أما صورتي فإن تقاليد الصحافة الفلسطينية، في الأقل كما هي في "الأيام" لا ترفق مقالة الرأي او العمود الصحافي بصورة كاتبها. كنت "نكرة" الى أن استلمت الدرع المذهّب!
لو أن أستاذي وقدوتي الصحافية، ميشيل ابو جودة، رئيس تحرير سابق لـ "النهار" اللبنانية، امتد أجل عمر حياته حتى أدرك "اليوبيل الذهبي" لكانت له حصته، كما لو امتد العمر بأبرز الصحافيين المصريين الملتزمين فلسطين، أحمد بهاء الدين لكانت له حصة في القرص، ومع ذلك كرموا في حياتهم!
في اليوبيل الماسي، بعد نصف قرن آخر، سيكون للصحافة والصحافيين رموز ورواد آخرون، وربما جوائز تقديرية أخرى من جانب روابط صحافية أخرى، قطرية وقومية. هذا ان استمرت جوائز "نادي دبي للصحافة" مثلاً.
نادي دبي "جوأز" هذا العام كاتب العمود المصري في "الجمهورية" "نصف كلمة" الزميل احمد رجب، وكانت جائزته تقديراً لآخر عمره القلمي، فقد وافاه الأجل بعد شهور، عن عمر ٨٦ سنة.
كانت تصفيات لجائزة نادي دبي، وكنت مرشحاً منافساً، دون علمي والله، وفي النتيجة هو احرز (٥) أصوات وأنا (٤). بالتالي فاز بـ ٥٠ ألف دولار، وقيمتها الفعلية للصحافي تعادل "ثروة" الملياردير السعودي الوليد بن طلال.
جائزة اتحاد الصحافيين العرب معنوية محضة، وهي درع تكريمي، مذهّب وثقيل (في وزن لاب توب كبير) أرهقني تدبير مكان له في حقيبة سفري الصغيرة.
يقول شعار الاتحاد "حرية ومسؤولية" وأظن أن ادارتي لتحرير "فلسطين الثورة" في حقبتها الذهبية طيلة ١٣ عاماً علمتني الحدود المتداخلة بين الحرية والمسؤولية.
لا أدري أين أقف وقلمي، ما دمت لست عضواً في نقابة الصحافيين الفلسطينيين، التي رشحتني لحصة فلسطين في قرص التكريم، ولا في اتحاد الكتّاب الفلسطينيين، كما لست صحافياً حراً (فري لانس) بل ملتزما صحافة المنظمة، ثم صحيفة "الأيام". ماتت "الزوجة" الأولى، وستعيش "الزوجة" الثانية بعد ان ينقصف عمري القلمي او الحياتي.
الاحتفالية في القاهرة (٢١ و ٢٢ تشرين الثاني - أكتوبر) شملت حصة فلسطينية اولى، وهي ندوة حول القدس، بالتعاون بين "الكسو" العربية والاتحاد العربي، انطلاقاً من كتيب عن "صورة القدس" في الفوتوغراف الأوروبي، مدى انحيازه المقصود الى الروايتين التوراتية والإنجيلية، لا الإسلامية ولا العربية .. والآن تحضر "صورة القدس" الفلسطينية والإسرائيلية في صراع هو جزء من "الرواية".
من مأثورات أقوال أمي، رحمها الله، أن "عزّ الزيارة غارة" ويومان لا غير في "برّ مصر" كانا "غارة" لا زيارة أولى ولا سياحة أولى .. حتى أنني ما رأيت نهر النيل، الذي يقال: من شرب منه عاد إليه.
في "غارة" اليومين كان هناك ساعة ودقائق في لقاء قادة الاتحاد وفروعه والمكرّمين مع الرئيس المصري. لم يأت دوري للكلام، فاختصرت للرئيس ثلاث نقاط "على الواقف" تعقيباً على مداخلته في اللقاء .. فإلى الغد، حيث قال الرئيس، وما قلته له، والتمعت عيناه وافترّ ثغره .. وشدّ على يدي.