حسن البطل
يقول الإمام علي (رضي الله عنه) أن القرآن الكريم "حمّال أوجه" ولهذا نصح أن يفسّر آياته الراسخون في العلم وفي الايمان، كأنه يرى زمناً صار فيه كل شيخ ضحل مفتياً في الحلال والحرام.
"الربيع العربي" حمّال أوجه بدوره: خطوة للوراء وخطوتان للأمام، أو خطوة للأمام وخطوتان للوراء؟. "الاسلام منه براء" أو "الاسلام براء من المسلمين".
لنترك جانباً إمام البلاغة علي، واحتمالات "الربيع العربي" حيث يقولون أن ادارة الرئيس اوباما حمّالة أوجه في التدخل العسكري او الضغط السياسي، وهي لا تريد، بعد افغانستان والعراق، دور شرطي في العالم في مشاكل هذه المنطقة الحيوية.
هذا العام حافل بالمشاكل، وحمّال احتمالات حروب او تسويات، وهذا الشهر المقبل هو - كما يبدو - مفصل من مفاصل هذا العام الحافل.
في ايران، هناك انتخابات لعلها لا تقل في الاهمية عن انتخابات "الربيع العربي". في تونس ومصر، او بالاحرى عن انتخاب اوباما وانتخاب حزب نتنياهو. بعدها، سنرى كيف تتجه مفاوضات ٥ + ١ (اعضاء مجلس الامن + المانيا) مع ايران حول ملفها النووي.
في سورية، قد يعقدون مؤتمراً يسمونه "جنيف ٢" قوامه مشروع حل سياسي وسط بين واشنطن وموسكو، او تفاوضي وسط بين انصار النظام السوري والمعارضات السورية المتعارضة؟
في فلسطين، دخلت على الخط بتشكيل الحكومة الـ ١٤ لمدة ثلاثة شهور، تمهيداً لحكومة المصالحة العتيدة (او الموعودة منذ سنوات) وايضاً، بتأجيل السناتور - الوزير جون كيري عرض مخططه الخام لاستئناف المفاوضات من أيار الجاري الى حزيران المقبل. جرّ أرجل .. وجرّ مشاريع.
اللهم نجنا من ايار وحزيران، لأنه يذكرنا ببدايات التأزم، ثم بحرب النكسة، وتقول اسرائيل الآن انها لا تشعر بأمان ازاء ايران، ولا ازاء سورية .. ولا إزاء ماذا؟ "انهيار مصداقية الردع" بين جنودها والشبان الفلسطينيين.
بدأ الموضوع بتحقيق في "معاريف" حول معنويات الجنود المدججين تحت وابل من حجارة الشبان، وارتفاع جرأة الشبان وصداماتهم مع الجنود بنسبة ١١٢٪ خلال الشهور الثمانية. قال الجنود "هربنا ولم ننسحب" قال ضباطهم: افتحوا النار شبه القاتلة - القاتلة ببنادق قصيرة السبطانة (روجر - توتو ٢٢) بدل الرصاص المطاط والرصاص المعدني.
وجه الخطورة في الأمر، انضمام ثلاثة ألوية - احتياط في الجيش الاسرائيلي الى التحذير، هم داني ياتوم. عوزي دايان .. وعميرام متسناع.. وكان متسناع قائد الضفة الغربية لما اندلعت الانتفاضة الاولى. ماذا يقول الآن: "نحن نوجد في انتفاضة ثالثة، لا تشبه الاولى او الثانية. الفلسطينيون اليوم اكثر ذكاء بكثير، فقد تعلموا الخط الدقيق بينهما".
ما هذه الدولة القوية جداً والموسوسة امنيا حتى على "وجودها" من القنبلة الايرانية، ومن الصواريخ السورية، ومن الحجر الفلسطيني، وتقول ان لديها جوابا على القنبلة، وآخر على الصاروخ .. ولكن الجواب عن الحجر مسألة اخرى.
جواب كيري على الحجر هو جواب سياسي - امني - اقتصادي، واسرائيل تتلعثم في هذا اجابة الجواب. لا تريد حل الدولتين حقاً، ولا تريد حل الدولة الواحدة قطعاً، ولا تريد ان ينجح الوزير حيث فشل سابقوه، لكنها تخاف ان يحمّل اوباما اسرائيل مسؤولية الفشل.
يقولون ان كيري يتعامل مع الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي كأنه يقوم بـ "مهمة رسولية"، وان النجاح في تسويته تمهيداً لحله سيساعد في حل الصراع السوري، وهكذا سيساعد في حل الملف الايراني .. والجميع سيساعد في علاقة روسية - اميركية تراعي "توازن المصالح".
هناك حدوته شعبية فلسطينية قد تنطبق على جهود كيري، كما انطبقت على جهود سابقيه، وهي "نص - نصيص".
اسرائيل اليهودية وايران الاسلامية
تعقيباً على عمود: "ايران : القنبلة وصندوق الاقتراع" - الخميس ٢٣ أيار:
Rana Bishara: يوجد فرق جوهري على المستوى هذا على الاقل ألا وهو الفصل التام بين الدين والدولة في الحالة الاسرائيلية وان اصبحت "اسرائيل"، حكومة وشعباً ومجتمعاً، مشبعة بالتدين والتطرف والعنصرية تجاه الفلسطينيين. ولكن، عندما يأتي الامر للانتخابات الاسرائيلية الداخلية، لا يوجد "فقيه" يحدد من يحق او لا يحق له الترشح. هناك محاكم مدنية تبت بأمور كهذه. وأشدد ان ما اقوله حول الفصل بين الدين والدولة هنا هو في الجانب الذي يخص الانتخابات كي لا يحصل لُبس.
نقلاً عن جريدة "الأيام الفلسطينية"