حسن البطل
أين يمكن خوض نقاش أكاديمي حرّ في الإلحاديات، والإلهيات؛ الغلمانيات والخمريات؟ مبدئياً يمكن هذا في الجامعات والمعاهد الأكاديمية.
.. وفي "خطبة الموعظة" السياسية اختار الرئيس الأميركي أن يلقيها في إسرائيل أمام 1000 ـ 1500 من طلاب الجامعات، وليس أمام أعضاء الكنيست الـ 19 المنتخبين.
هناك من يدعي أن جامعة بيرزيت هي بمثابة جامعة هارفارد فلسطينية، ولا أعرف من هي طليعة جامعات أميركا في دراسة القانون، هل هي "يال" أم "هارفارد" أم "ستانفورد" لكن جامعة بيرزيت تذكرني بما كانت عليه جامعة "بيركلي" في الستينيات، حيث كانت بؤرة الاحتجاج الأكاديمي على حرب فيتنام.
لنترك المقارنة بجامعات أميركا جانباً، فإن جامعة بيرزيت ليست الأكبر بين جامعاتنا، بل الأقدم والأعرق، وليست تتقدم في البحوث لأن "النجاح" و"الإسلامية" وربما "القدس" تتقدم عليها.
ربما لأنها "الأعرق" افترض زوّار سياسيون أجانب أنها الأكثر "ليبرالية" وتقبُّلاً لنقاش سياسي، ولهذا اختارها رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، ليونيل جوسبان، قبل 13 سنة، ثم اختارها هذا الشهر القنصل البريطاني في القدس، السير فنسيت فين وفي الحالتين فوجئ الزائران بجو عدائي.
رُشق الأول بالحجارة، لأنه رفض الاعتذار وتوضيح تصريح له في تل أبيب قارن فيه بين بعض عمليات "حزب الله" وبين الإرهاب؛ ومُنع الثاني من فتح فمه، وتمّ الخبط والقرع على سيّارته.
كنتُ في المنفى منتصف الثمانينات، عندما كتبتُ في "فلسطين الثورة" مستهجناً من الطلاب الاعتداء على الأستاذ سري نسيبة: كيف يضرب الطالب أستاذه؟، وكذا التعرُّض للزائر ليونيل جوسبان، الذي حاضر في معهد للحقوق بالجامعة موّلته فرنسا.
التعرُّض لجوسبان أثار أزمة بين بعض الطلاب والسلطة الفلسطينية، التي دخلت شرطتها الحرم الجامعي، ثم اعتقلت طلاباً في مدينتي بيرزيت ورام الله، فاعتصموا في الجامعة.
انتقدتُ التعرض لجوسبان في حينه، مذكّراً الطلاب بأنه قال أفضل ما قيل في الانتفاضة الأولى: آتية من البعيد.. وذاهبة إلى البعيد.
منع القنصل من الكلام جاء بعد حوالي أسبوع من تقرير أصدرته بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، واعتبر أن المستوطنات تشكل أكبر تهديد للدولة الفلسطينية، وأنه لا حلّ لمشكلة القدس سوى تكريسها عاصمة دولتين.
تقول إحدى لافتات رفعها الطلاب المحتجون: "أنا لاجئ بسبب بلفور" هذا صحيح وغير صحيح، لأن الذي مكّن من إقامة "وطن قومي يهودي" ليس "الوعد" المجرد وحده، بل دهاء الصهيونية في استغلال ظرف ومعطيات وضع دولي، وكذا الانتداب البريطاني، ولو أن عبارة ناصر دخلت الخطاب القومي العربي:
أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق!
الآن قرارات ووعود ومشاريع دولية تتحدث عن "دولة فلسطينية" يستحقها الشعب الفلسطيني، لكن الظرف والمعطيات وموازين القوى إسرائيلياً وعربياً ودولياً تعيق تحقيق هذا الاستحقاق.
احتجاج الطلاب مقبول مبدئياً، ولكن إما برفع اللافتات الاحتجاجية، وإما بالمقاطعة والاستجواب خلال المحاضرة، ولكن ليس "بكمّ الأفواه" والتعرض الجسدي للمحاضرين.
لجامعة بيرزيت العريقة فضل معيّن في إنجاح تجربة "التعليم الموازي والبديل" خلال الانتفاضة الأولى، والمساهمة العملية في الانتفاضة الثانية، وقبل هذا وذاك إرساء التمثيل النسبي في ديمقراطية انتخابات مجالس الطلبة سنوياً.
لا أظنّ أن زائراً سياسياً أجنبياً له رأي يخالف الاتجاه العام الفلسطيني سوف يفكّر بإلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت.. بعد الآن.
ليس في جامعاتنا تقاليد أكاديمية تحترم الرأي الآخر. لم تعد "بيرزيت" منارة!
".. ولو بعد ألف ألف عام"؟
Nawal Haj ـ كندا: أنا معك.. أوباما يحمل جديداً.. إنه الجديد الذي يقضي على الحلم الفلسطيني برمته، ويجعلنا نلهث وراء إسرائيل من أجل أن تمنحنا أربع أو خمس كانتونات متفرقة.. لا يمكن أن تشكل ولو بعد ألف ألف عام أي كيان فلسطيني.
من المحرّر: ألف ألف عام تعني مليون عام.. مِش هيك؟!