بلاد الآلهة والأساطير قالت oxi لأوروبا

بلاد الآلهة والأساطير قالت Oxi لأوروبا !

بلاد الآلهة والأساطير قالت Oxi لأوروبا !

 تونس اليوم -

بلاد الآلهة والأساطير قالت oxi لأوروبا

حسن البطل

سألتُ قبرصياً يونانياً: لماذا الحضارة الإغريقية يمّمت وجهها إلى شرق وجنوب البحر المتوسط وليس إلى أوروبا. قال: آنذاك كانت أوروبا بلاد الهمج والبرابرة.
ماذا كانت بلاد الإغريق وقتها؟ بلاد الفلاسفة والحكمة والأساطير والآلهة. لذا ينسب إلى واحد من كبار فلاسفتها، هو أفلاطون قوله: «شكراً لمن خلقني إغريقياً لا بربرياً، حرّاً لا عبداً، أثينياً لا إسبارطياً، رجلاً لا امرأة».

نقول اليونان، وتقول أوروبا Greece، لكنّ اليونانيين يقولون عن اسم بلادهم «إلينكي ذيموكراتيّا» وعن بلادهم «إلاّ ذا» وترجم العرب كتاب أفلاطون «الجمهورية» لكن اسمه في اليونانية هو «ذيموكراتيّا» أي الديمقراطية، واسم قبرص هو «كبرياكي ذيموكراتيّا».

من كان يقصد أفلاطون في حديثه عن «البرابرة»؟ ليس ما قصد الرومان عن الأمازيغ، لكن كان قصده هو «الجرمان» أي الألمان، والقبائل الجرمانية المتوحشة آنذاك.
صارت ألمانيا بلاد الفلاسفة والموسيقيين العظام، ومن ثم بلاد «الرايخ الثالث» وأنشودة «ألمانيا.. ألمانيا فوق الجميع» ودبابات البانتر وطائرات شتوكا .. والآن، تقود أوروبا، مع فرنسا عبر «اليورو» والاتحاد الأوروبي.

لكن؟.. ماذا؟ لا تبقى أوروبا أوروبية مسيحية إذا دخلت تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولا توجد أوروبا أوروبية مسيحية إذا خرجت منها اليونان، مهد الحضارة الأوروبية، وبلاد «الديمقراطية» والآلهة والأساطير.

هذه خلفية تاريخية لتصويت الإغريق إمّا Oxi (لا) وإمّا Nai (نعم) على شروط انتشال بلاد الإغريق من أزمتها الاقتصادية، ببرنامج تقشف مقابل 240 مليار يورو.
ما الذي حصل؟ فاز شاب يساري عمره 40 سنة في الانتخابات الديمقراطية اليونانية، وهو أصغر رئيس وزراء لبلاده منذ 140 سنة، وكان شعار اليكيس تسبيراس هو معارضة شروط الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اقتصاد اليونان، ودخول مفاوضات لتحسين الشروط.

بينما ينتظر العالم نتيجة مفاوضات إيران حول برنامجها النووي، حانت ساعة استفتاء اليونانيين، حول Oxi لليورو و Nai (نعم) للعودة إلى العملة الوطنية «الدراخما». شعب بلاد «إلينكي ذيموكراتيّا» قال Oxi (أو خي) بغالبية 61%.

في الحقيقة لم يقل أفلاطون «الحمد لله الذي خلقني إغريقياً» لأن بلاد الإغريق كانت بلاد الـ 11 إلهاً وآلهة وثنية، وصارت بلاد الكنيسة الأرثوذكسية، ولم يبق الألمان برابرة جرمانا، لكن كما صالح الإغريقي آلهته فكذلك تحداها، ومن ثم فإن اليونانيين تجرّؤوا على ما لم يتجرّأ عليه الإسبان والإيطاليون الذين انصاعوا لشروط برلين، أي شروط ملكة اليورو والاتحاد الأوروبي، أو شروط المستشارة انجيلا ميركل.

من بين كل شعوب أوروبا التي قاومت المستشار وفوهرر «الرايخ الثالث» فإن المقاومة الإغريقية والسلافية كانت الأشدّ (روسيا وصربيا مثلاً).
الحقيقة أن اتحاد الحديد والصلب والفحم، الفرنسي ـ الألماني كان عماد السوق الأوروبية المشتركة، ثم عماد الاتحاد الأوروبي EU ثم عماد وحدة النقد الأوروبية «يورو» بديلاً من «المارك» القوي والفرنك الفرنسي، وبقية العملات بما فيها «الدراخما» مع استثناء عضوية مشروطة لبريطانيا وعملتها «الباوند».

الديمقراطية التي تقدّسها أوروبا، وتشترط على شعوب دولها أن تختار بها عضوية الاتحاد الأوروبي، هي (النصف + واحد) وكانت التقديرات أن اليونانيين منقسمون إلى غالبية طفيفة ستصوت Oxi، لكن تسبيراس حثّ المقترعين على خوض التحدي ومعركة الكرامة، وهكذا صوت تيار كبار السن Nai خوفاً على رواتبهم التقاعدية (انخفضت من 1750 يورو إلى 700 يورو)، لكن الشباب صوّتوا Oxi بغالبية 61%.

على الأرجح فإن الاتحاد الأوروبي سوف يعقد قمة طارئة حول موضوع واحد: هل تخرج اليونان، روح الحضارة الأوروبية، من الاتحاد أو من عملة «اليورو» أو تحترم أوروبا الديمقراطية الإغريقية، وتعدل شروط ديون اليونان للاتحاد.
تسبيراس خرج بطلاً مرتين.. عندما انتخب رئيساً للحكومة، وعندما انتخب الشعب خياره في قول Oxi للمستشارة ميركل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد الآلهة والأساطير قالت oxi لأوروبا بلاد الآلهة والأساطير قالت oxi لأوروبا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia