الضربة الثالثة

الضربة الثالثة

الضربة الثالثة

 تونس اليوم -

الضربة الثالثة

حسن البطل

لم تعد حديقة "هايدبارك" اللندنية شهيرة، فقط، بركنها الشهير، حيث يقف أياً كان ليتناول بالنقد الجارح والجامح أي شأن، بين زيارة أولى للحديقة، صيف 1994 وثانية شتاء 2014 أضيف لأكبر حدائق لندن معلمان تخليديان.

الأول: ركن حديقة في الحديقة على اسم الأميرة الراحلة ديانا. الثاني هو ما يعنينا، حيث خلّدوا ضحايا تفجيرات لندن في 7 تموز 2005، وراح ضحيتها 56 نفساً بريئة.

التخليد الثاني عبارة عن أعمدة معدنية بلون فضي، وبشكل قاعدة مربع صغير، عليها نقش للساعة 8,45 صباحاً، أي ساعة الذروة لمحطات ميترو الأنفاق، ونفّذها أربعة انتحاريين في القطارات وأحد الباصات.

لم يتغير نظام الميترو الدقيق بالطبع، لكن إجراءات الأمن البريطانية وقوانينه تغيّرت، نحو التشديد والتقييد.

وُصفت عمليات هجوم قاتلة، هذا الشهر، في باريس بأنها تشبه ما جرى في نيويورك 11 أيلول 2001. ومن قبل وُصفت تفجيرات لندن بما جرى في نيويورك.

أميركا تغيّرت بعد ضربة نيويورك، ولندن تغيرت بشكل أقل، وسنرى كيف تتغير فرنسا بعد ضربة ثالثة.

في خطابه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، أمس، طالب رئيس الحكومة الاشتراكية البرلمان أن يشرّع  قوانين أكثر تشدداً لمراقبة شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي، وكذلك قوانين تعزز إجراءات الحكومة ضد الإرهاب.

ستجري الانتخابات البرلمانية البريطانية في نيسان هذا العام 2015، فإذا فاز حزب المحافظين، فإن لندن ستشدّد إجراءات الأمن، مع قيود أكبر على الهجرة إلى بريطانيا، أكثر مما لو فاز حزب العمال بقيادة سياسي شاب وغرّ !

لكن في العام 2017 ستقرر بريطانيا خطوات إيجابية أو سلبية لعلاقتها مع الاتحاد الأوروبي، علماً أن عضويتها غير كاملة فيه، لجهة العملة الموحدة (اليورو) وبشكل خاص لجهة فيزا "شينجن" لبعض دول الاتحاد، التي تبيح التنقل الحرّ للسياح والزوار بين دول الشينجن.

المعنى من ذلك، أن البرلمانات الوطنية لدول الاتحاد ستزداد قوة مقابل البرلمان الأوروبي الذي يجمع دوله، وهو محدود الصلاحيات في كل حال.

بين العام 2001 والعام 2014 تلقت ثلاث عواصم غربية رئيسية ضربات إرهابية، لكن في العام 2011 تلقت أوسلو، عاصمة النرويج، ضربة قاسية، عندما فتح مسيحي يميني متطرف، هو أنديس كيرفيك، متنكراً بزي الشرطة، النار العشوائية على مخيم صيفي لشباب حزب العمال الحاكم، وأوقع 76 ضحية.

مثل هذا العمل الفردي القاتل جماعياً يحصل كثيراً في الولايات المتحدة، ولعله حصد بين العامين 2001 و2014 عدداً من الضحايا يفوق عدد قتلى تفجيرات لندن وإسبانيا، وبالتأكيد هجوم مزدوج أخير في فرنسا.

بينما خلّدت لندن ضحايا تفجيرات ميترو الأنفاق والباص، فإن ذوي ضحايا المخيم الصيفي في النرويج رفضوا، مبدئياً، إقامة نصب تذكاري لتخليدهم.

في باريس شوارع لأسماء شخصيات عالمية، وكذا يهودية، وساحة على اسم محمود درويش، وربما تضيف بلدية باريس أسماء جديدة بعد المقتلة الشنعاء في شارلي ايبدو والمتجر اليهودي، أو تقيم نصباً تذكارياً للضحايا في حدائق التويليري الشهيرة، وبعض علماء الفلك اقترحوا إطلاق أسماء الرسامين الضحايا الأربعة على كويكبات تائهة في الفضاء!

المهم، أن هناك تمييزاً تعسفياً بين مجازر ينفذها انتحاريون أصوليون إسلاميون، وأخرى ينفذها آخرون غير إسلاميين، مع أنه في الحالتين يجري فتك وقتل غير تمييزي للضحايا، وأحياناً مجازر تستهدف رعايا أجانب أو مهاجرين، مثلما حصل في النرويج، أو مثلما حصل في مجزرة باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي 1994، وكانت نقطة تحول.

تسببت مجزرة النرويج في خسارة حزب العمال للحكم، وأثرت في بريطانيا على خسارة حزب العمال للحكم لصالح حزب المحافظين، وقد تسببت في صعود اليمين مرة أخرى إلى الحكم في فرنسا، وهناك من يتوقع ضربة انتحارية في برلين حيث يحكم حزب محافظ بقيادة ميركل.

الضحايا من يهود هذه الدول هم قلة، لكن إسرائيل تستغل هذه العمليات لصالحها، بينما تلقي ظلالاً على العلاقات الإسلامية بدول العالم، وأيضاً تؤثر سلباً على القضية الفلسطينية، بطريقة أو بأخرى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضربة الثالثة الضربة الثالثة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia