الصين من «البسكليت» إلى «الإمبريالية»

الصين: من «البسكليت» إلى «الإمبريالية»

الصين: من «البسكليت» إلى «الإمبريالية»

 تونس اليوم -

الصين من «البسكليت» إلى «الإمبريالية»

حسن البطل

هاكم قصّتين عن اثنين من الفلسطينيين. الأول: زار أخي الصين في الخمسينيات، بصفته رئيس نقابة النقل الجوي في سورية، والثاني: ابن صديقي، بصفته مهندس برمجيات عليا يعمل في الصين.
مما حدثني به أخي حوار عَبر مترجم إلى العربية، وعلى لسان فلاح صيني قوله: كان أبي قنّاً لدى الإقطاعيين ـ الآن لدي قطعة أرض و»بسكليت». لمّا يكبر ابني سيكون لديه بقرة وبسكليتان.
مما رواه لي صديقي، وكان خبيراً في البرمجيات القديمة لدى BMI: سيغادر ابني وزوجته الصينية، وابنتهما بكين هذا الشتاء، إلى استراليا، هرباً من التلوّث الجوّي.
خلال نصف قرن، ومن البسكليت والبقرة، إلى ثاني اقتصاد عالمي؛ وثاني دولة، بعد أميركا، في حقن الغلاف الجوّي بالغازات المسيئة.
هذا الأسبوع، أنهى الحزب الشيوعي الصيني سياسة صارمة: طفل واحد لكل زوجين كانت سارية 35 عاماً على قومية «الهان» الكبرى، وأقلّ سرياناً على قوميات أخرى.
مساحة الصين هي ذاتها، 9.597 مليون كم2، لكن هي البلد الأكثر سكاناً 1.37 مليار، وأغلب الظن أن سياسة طفلين لكل زوجين لا تتوخّى، فقط، اتقاء شيخوخة المجتمع، بل دلالة على صيرورة اقتصاد الصين الثاني حجماً بين دول العالم، قادراً على إطعام سكانها.
في الخمسينيات من القرن المنصرم، كان الرهان بين صين شيوعية وهند ديمقراطية كالتالي: أيهما سيوفّر لسكانه صحن الرز اليومي.
هكذا مسيرة الصين الشيوعية: من «دع مائة زهرة تتفتّح» إلى «القفزة الكبرى للأمام»، التي نقلت الصين الفلاحية إلى الصناعية، وأهلكت عشرات الملايين، إلى «الكتاب الأحمر» لقائد الجيش لين بياو، فإلى ماذا؟
ارتفع أمد الحياة المتوقع إلى 80 سنة للرجال، و85 سنة للنساء، أي أقل قليلاً من اليابان الشائخة.
هذا يبدو مفهوماً، لكن غير المفهوم دخول مواطنين صينيين قائمة أثرى الأثرياء في العالم، وأثرى رجل في الصين يملك، الآن، 13.2 مليار دولار.. بس!
لماذا غير مفهوم؟ هذا الثري البالغ من العمر 61 عاماً كان جندياً في «الجيش الأحمر» وقت كان مئات ملايين الصينيين، وفي العالم، يُلوّحون بالكتاب الأحمر للجنرال لين بياو.
في يوم واحد خسر هذا المليونير 3.6 مليار دولار (وليس ينا) لكن خلال ست دقائق في مؤتمره الصحافي زادت ثروته 200 ألف دولار!
إنه سمسار عقارات، كما أثرى أثرياء اليابان، وأيضاً واحد من عائلة «منعم» في الأرجنتين، سوى؟
سوى ماذا؟ الصين يحكمها حزب شيوعي، خلاف الارجنتين واليابان، وأثرياء النفط العرب، وأثرياء التكنولوجيا المتقدم في الغرب.
الفارق الآخر، أن عقوبة الإعدام سارية في الصين على الفاسدين من الكسب غير المشروع في الحزب والمجتمع. وحسب مجلة «فوربز» فإن 100 ثري صيني يملكون ثروات بقيمة 450 مليارا، وتزداد ثروتهم بمعدل 20% سنوياً؟
التنين الصيني صار يعدو كالغزال، أو يرمح كنمر «الجاغوار» ويغزو أسواق العالم، وخلاف الإمبرياليات الغربية واليابانية، التي غزت دول العالم عسكرياً، فإن الصين الشيوعية مساحتها هي كما هي.
من المبكر الرهان على تحالف اقتصادي عالمي خماسي جديد يدعى «بركس» يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، أن يتحدى «صندوق النقد الدولي» والبنك الدولي.
روسيا تحاول أن تتعافى من «البيريسترويكا» لكن الصين العجيبة صبرت نصف قرن، قبل أن تسقط «التفاحة الذهبية» المسماة هونغ كونغ في أيديها، تحت شعار: «دولة واحدة واقتصادان» وسوف تنتظر نصف قرن آخر قبل أن تسقط «التفاحة الماسيّة» المسماة فرموزا في يديها!
كان الأقدمون يجسّدون الإنسان الخارق برأس أسد على جسم بشري، وكان لينين يتصور الشيوعية: تكنولوجيا رأسمالية وأيديولوجيا ماركسية!
.. والآن، صين رأسمالية يترأسها حزب شيوعي وبدعة «بلد واحد ونظامان اقتصاديان»!
من البسكليت إلى حاملة طائرات صينية، وبرنامج فضائي صيني، وجزر صناعية في بحر الصين الجنوبي كقواعد عسكرية لجعل هذا البحر ومكامنه النفطية الواعدة بحراً صينياً.
اسألوا تجار الخليل كيف صارت «الكوفية» الفلسطينية والثوب المطرز الفلسطيني تأتينا من «اطلبوا التجارة ولو من الصين».
القرن الـ 21 سيكون قرناً صينياً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين من «البسكليت» إلى «الإمبريالية» الصين من «البسكليت» إلى «الإمبريالية»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia