حسن البطل
نحن آباء نهاية الألفية الثانية، سوف نورث أجيالنا الطالعة نظاما كونياً يكون الابن الشرعي لـ "النظام الجديد" الأميركي. ومن أكل حصرم النظام الجديد، سوف يورث أبناءه "تضريس" النظام الكوني الجديد.
لا شبيه لنظام سيبدأ مطلع الألفية الثالثة، الوشيكة، بما نراه على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، مثل Stars Truk حيث يقوم الربان البشري الأصلع لمركبة الفضاء "انتربرايز" بفرض اخلاق البشر الرفيعة على "بجم" يسكنون النجوم سحيقة البعد، والذين قد يبروننا في العلم، لكنهم لم يقرؤوا "الجمهورية لأفلاطون"، ولا "المدينة الفاضلة" .. ولم يسمعوا بجان - جاك روسو .. ولا بشاعرنا المتنبي نفسه!.
سيتيه فخرا الاحفاد الاميركان للرائد الفضائي نيل ارمسترونغ، وسيطأطئ مكتشفو اميركا رؤوسهم تواضعاً لأحفاد اول رجل مشى على سطح القمر، ولقنوه هذه العبارة "خطوة صغيرة لانسان؛ وخطوة عملاقة للإنسانية".
سيكون القمر للاميركان، لان الروس "نطحوه" برفق اولاً، لكن الاميركان سبقوهم بوضع اقدامهم الاولى. وبدءاً من العام 2004 سيجعلون من أعمق فجوة على سطح القمر، وكواكب المجموعة، وتوابعها من اقمار مركز انطلاق للكون الرحيب من جهة، ومركز سيطرة وتحكم "روموت كونترولي" بأمّنا الأرض.
صحيح انه من الماء كل شيء حي، بما في ذلك النظام الكوزموسي الجديد، حيث ان ماء البحيرة المتجمد في اعماق الفوهة القمرية، سيكون وقودا هيدروجينيا لمركبات "انتربرايز" الفضائية (لا "انتربرايز" التي تمخر عباب المحيطات).
ومن السهل، تغطية تلك الفوهة، ذات قطر الـ ٢٥٠كم، وجعلها "دفيئة" وبناء مدينة، بل مدن داخلها، بشروط حياة اقرب الى الارض. وعلى شاشات في تلك المستعمرة البشرية الاولى، سنرى اجمل كواكب المجموعة الشمسية .. اي أمنا الارض، وسيسهر خبراء البنتاغون على أمن النظام الجديد الارضي .. تحت تهديد مدافع "ليزرية" قادرة على اجراء عملية جراحية لأي نظام عاصٍ، او محو بلاد بكاملها.. دون حاجة لعاصفة صحراوية!.
وبالطبع، من يسيطر على القمر ومائه الثمين، الأثمن من النفط العربي بأسره، سوف يسيطر لاحقا على كواكب المجموعة الشمسية. وبعد مئات السنين سيكون "الممثل الشرعي الوحيد" للجنس البشري في عقد السلام، او اعلان الحرب، مع "أشرار" الكون .. (أي: النظام الكوني الجديد).
ستصبح الارض كوكبا يدور حول القمر، ويدوران حول الشمس، التي تدور مع دوران مجرتنا درب التبانة .. التي تدور حول نفسها مرة واحدة كل ٥٠٠ مليون سنة، وهذا يعني ان النظام الشمسي دار مع المجرة عشر مرات فقط، منذ ان خلق الله هذه الارض.
وقبل الدورة الحادية عشرة، والثانية عشرة، سيكون القمر الأرضي قد ابتعد عن أمه الارض مسافة كافية ليفلت من جاذبيتها، ويترنح الف سنة في اجواز الفضاء، ثم يرتد الى الارض بسرعة رهيبة .. ليعانقها عناق الفناء.
قبل عناق الفناء، اي يوم القيامة، قد يكون الانسان انطلق مع "انتربرايز" الفضائية الى مجموعة شمسية اخرى، وربما الى مجرة اخرى، مثل "الاندروميدا".
وكل ذلك، لان نيل ارمسترونغ، الاميركي، وضع قدمه على سطح القمر سنة ١٩٦9، لان جون كنيدي جنّ جنونه من "سبوتنيك" السوفياتي واقسم ان "هذه الأمة ستكون أول أمة تضع انسانا على سطح القمر".
لكن من مطلع الالفية الثالثة الى مطلع الالفية الرابعة، "سيضرّس" احفاد احفادنا، لأن أجداد أجدادهم أكلوا "حصرم" النظام العالمي الجديد، الذي "عوّفنا دنيانا" وسيعوّفنا سماواتنا أيضاً.
٦ / ١٢ / ١٩٩٦