أيكيـا

"أيكيـا" ؟

"أيكيـا" ؟

 تونس اليوم -

أيكيـا

حسن البطل

شهدتُ بعيني، قبل سنوات، كيف انهمك شقيقان سويديان في عمّان بتركيب هدية شقيقتهما العروس، إلى فلسطيني لاجئ، بالاستعانة بكتيّب تعليمات ورسوم.

العريس، شقيق صديقي، صار وزيراً، ولا أدري هل حافظ، بعد هذا العمر، على هدية هي بمثابة "جهاز العروس" أم لا، وهو عبارة عن غرفة نوم ذاتية التركيب. جاؤوا بالهدية على قاطرة من السويد للأردن؟
أعرف أن الخشب السويدي ممتاز لصنع الأثاث مثلاً، شأنه شأن الصلب السويدي، لكن لم أكن أعرف أن "أيكيا" صناعة أثاث سويدية ذات شهرة عالمية.

علمتُ من "تذاكي" الأخرق وزير خارجيتهم ليبرمان، ومن ذكاء وزيرة الخارجية السويدية، مارغو فالستروم، موقع "أيكيا" من تبادل "قرصات" دبلوماسية بين إسرائيل والسويد، بعد اعتراف حكومة ستوكهولم بدولة فلسطينية رسمية.

لدغ ليبرمان حكومة السويد بقوله: علاقات دول الشرق الأوسط أكثر تعقيداً من تركيب قطع أثاث "أيكيا".

لسعت فالستروم بردها: يسرّني أن أرسل إليه قطعة أثاث "أيكيا" ليقوم بتركيبها، ويرى أنها تحتاج دفتر تعليمات وشريكاً معاوناً.

هل لسعة الوزيرة للوزير إشارة له ولحكومته أن لا غنى لهما عن "شريك" فلسطيني أم أن "كتالوغ" التعليمات يتضمن اعتراف السويد بدولة فلسطين كعنصر مساعد؟

حكومة السويد لم ترد، حتى الآن بالمثل، على سحب السفير الإسرائيلي من ستوكهولم، وهو إجراء إسرائيلي نادر في العلاقات الدولية الدبلوماسية لإسرائيل، لكنها وعدت بزيارة قريبة إلى المنطقة، وستكون مفارقة أن ترحّب بها رام الله، بينما تعتبرها تل أبيب شخصاً غير مرغوب به!

جاءت الانتقادات المتبادلة بين السويد وإسرائيل، في غمرة توتّر عابر بين مسؤولي الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء الإسرائيلي، حدّ وصف نتنياهو بأنه chichkenshit أي "رعديد وبائس"!

ليست السويد أول دولة تعترف بفلسطين، لكن ما أثار حفيظة إسرائيل من الاعتراف السويدي هو أن تقتدي دول اسكندنافية باستوكهولم، ثم تليها دول "نوعية" في الاتحاد الأوروبي.. ثم أن تختار واشنطن، ذات العلاقات الخاصة جداً، بإسرائيل، أن تمتنع عن استخدام حق "النقض" في التصويت المقبل حول دولة فلسطين في مجلس الأمن.

كان أبا إيبان دبلوماسياً مفوهاً، ولعله أذكى وزراء خارجية إسرائيل، وكانت علامة انحطاط الدبلوماسية الإسرائيلية تعيين وزير خارجية تونسي المولد، سلفان شالوم، الذي يجيد الفرنسية/ الإنكليزية، لكن "غباء" و"طوشانيّة" ليبرمان، جعلت رئيس دولة إسرائيل السابق، شمعون بيريس، يقوم بمهام وزير خارجية "دولي" مساعد!

ما الذي يفسر "وجع" إسرائيل من الاعتراف السويدي الرسمي بفلسطين؟ ربما نجده في عبارة إسرائيلية أثيرة وهي: لن يكون سلام قبل أن يصبح الفلسطينيون اسكندنافيين!

ما الذي حصل؟ هناك منظمة تسمى OECD لتصنيف الدول المتطورة، وهي زهاء 24 دولة، ودائماً تأتي السويد في مقدمتها، وتأتي إسرائيل، في مجالات كثيرة، في ذيلها، أي أن السويد هي الدولة "النوعية" العالمية الأولى!
لا أعرف هل ستحمل وزيرة خارجية السويد خلال زيارتها للمنطقة قريباً قطعة أثاث "أيكيا" هديّة إلى الوزير الإسرائيلي الأحمق ليبرمان، مع كتاب تعليمات.. لكن، هذا الأسبوع سيزور وزير خارجية الدانمارك، ماركن ليد يغارد فلسطين، وبالتالي وعلى الأغلب إسرائيل، وسيلتقي الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، ويزور غزة أيضاً. من غير المستبعد أن تحذو كوبنهاغن حذو ستوكهولم.

إن الاعترافات الدولية من الدول "النوعية" العالمية، حتى لو شملت اعتراف دول غرب أوروبا والولايات المتحدة ذاتها، لا تغني عن دولة عن طريق التفاوض، لكنها تشكل ضغطاً معنوياً ودبلوماسياً وسياسياً على إسرائيل.

رئيس السلطة الفلسطينية يعرف هذا ويدركه ويعيه، لكنه يريد قواعد جديدة للتفاوض، أي قراراً من مجلس الأمن بتطبيق القرارين 242 و338 على علاقة إسرائيل بفلسطين، بعد تطبيقهما في علاقة إسرائيل بمصر والأردن.

كان لأبا إيبان ادعاء سياسي يقول: العرب لا يتركون فرصة لإهدار الفرص، ثم صار الإسرائيليون يقولون هذا عن الفلسطينيين.. والآن تقولها السويد وحتى الولايات المتحدة أن إسرائيل هي من يهدر فرص السلام العربي ـ الإسرائيلي؟ والفلسطيني ـ الإسرائيلي، ويقول بعض الإسرائيليين أن حكومتهم تهدر فرصة مشروع السلام العربي.

قالت إسرائيل العمّالية إن عرفات "لا شريك" وتقول إسرائيل الليكودية إن عباس "لا شريك"، ويقول الفلسطينيون إن كل حكومة إسرائيلية ينتخبها شعبها هي "شريك" بالضرورة.

.. وتقول قاعدة إنشاء السلام إنه يُعقد بين الأعداء. إيران لا تحتل أرضاً إسرائيلية، وإسرائيل تحتل فلسطين.. ولا سلام مع الاحتلال.
السويد ليست شهيرة فقط بـ "أيكيا" والصلب السويدي، وسيارات "فولفو" و"ساب"، وحتى بطائرات حربية صناعة ساب SAAB تنافس الأميركية والروسية والفرنسية، بل أيضاً بـ "متلازمة ستوكهولم".

هذه المتلازمة هي مرض من يتعاطف مع العدو ويُعجب فيه غلاة الإسرائيليين يصفون من يؤيد منهم حقوق الفلسطينيين بأنه "محبّ للعرب" و"كاره نفسه"، ومن يكره الاحتلال بأنه "لاسامي" و"يعادي اليهود".. حتى أن رئيس دولتهم الجديد، رؤوبين ريفلين، قالوا له بعد خطابه في كفر قاسم: "اذهب إلى غزة" و"أنت خائن".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيكيـا أيكيـا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia