«مذكرات تلميذ ابتدائية»

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

 تونس اليوم -

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

حسن البطل

إمّا قلمُه سيّال، وإمّا الشاعر خالد جمعة دؤوب مثابر. له ٢٨ كتاباً، بينها ١٨ للأطفال. في كتاب الأطفال الأخير «مذكرات تلميذ ابتدائية» يستوحي من طفولته.

«ارجع ادرس» يا ولد
بدأ الزنّ، فقد اقتربت الامتحانات. أمي وأبي أعلنا الاستعداد للحرب، وكأنني سأتخرج من كلية الطب بعد يوم ونصف! كانت لديهما رغبة في أن يفتحا رأسي ويحشوا الكتب فيه، كلما أردتُ أن أتنفس قليلاً يقولان: ارجع ادرس، الامتحانات اقتربت، تريد أن تسيء الى سمعة العائلة وترسب؟ فأسأل: أي عائلة؟ فعائلتنا لا يوجد منها في المدينة إلا انا وأمي وأبي وأختي الصغيرة. وعمّ واحد بلغ الستين ولم يتزوج وليس له أولاد، فعن أي عائلة يتحدثون؟

«الأهبل يقرأ ويقرأ»
غداً الجمعة، سأخرج مع أصدقائي حين يذهب أبي لزيارة عمي، سنزعج الحارة كلها بعلب السمن الفارغة، ستخرج جارتنا أم حسين التي كنا نلقب ابنها حسين بالأهبل لأنه لا يخرج الى الشارع، وكان دائماً يقرأ ويقرأ، ويحرجنا حين يسألنا الأستاذ.

تطاردنا أم حسين قليلاً، بالطبع نحن أسرع منها، لأنها سمينة ولا تستطيع الجري، مع أن صوتها مخيف في الحقيقة، وبعد عدة محاولات فاشلة تستسلم وتعطينا بعض الحلوى مجاناً، كي نوقف التطبيل امام بيتها، نأخذ الحلوى ونذهب للتطبيل أمام بيت أم علي، بائعة المهلبية في آخر الزقاق.

«مدرسة على البحر»
في هذه الرحلة اتجهنا أخيراً إلى البحر بعد معاناة زيارة الوزارة والمصنع ومزرعة الأسماك. في البحر أنا استمتع كثيراً لدرجة أنني اختفيت أنا وخليل من المكان حتى لا يعثروا علينا عندما نعود، بيني وبينكم، البحر جميل، ولو وضعوا المدرسة على البحر سوف تكون علاماتي أعلى من كل تلاميذ العالم.

«غريبات هنّ الأمهات»
أشجار التوت في المدرسة قصة وحدها، يمنعنا عنها الناظر، لكنها تغرينا بتوتها الأبيض والأحمر، يتدلى من الأغصان وكأنه يُخرج لنا لسانه، اليوم خرجت المدرسة كلها في مظاهرة، إلا أنا وخليل، انتهزنا الفرصة وصعدنا كل واحد على شجرة، وأكلنا حتى صارت افواهنا مثل دراكولا تقطر دماً، ولم ننتبه ان أبا فتحي، بوّاب المدرسة، قد أغلق الباب وانصرف الى بيته. سور المدرسة محاط بالأسلاك الشائكة، ولم نعرف كيف يمكن أن نخرج منها!

النتيجة كانت أننا قضينا الليلة في المدرسة، وجاء ليلتها في الاخبار أن هناك شهيدا مجهول الهوية لم يتعرف عليه أحد، وظلت أمي تبكي وهي تظن أنني هو، وفي طريقها الى المستشفى لتتعرف إلى جثتي قابلت أم خليل، التي كانت هي الأُخرى تبكي وتظن ان خليلاً هو الشهيد، وسارت أما الشهيدين تبكيان حتى وصلتا الى المستشفى، واكتشفتا ان أهل الشهيد قد تعرفوا عليه وأخذوه معهم، فقالتا بنفس واحد: «والله لأخلي جلده أزرق لما أشوفه»، غريبات هن الأمهات، أليس كذلك؟

«كل التفاحات بداخلها دود»
أبي قرّر أن يأخذني معه إلى السوق، وأخذ يشرح لي عن الخضروات والفواكه واللحوم، وأنا ألعب بين البسطات، وكان يشد أذني بين الحين والآخر، فأتصنع الانتباه، وفي نهاية اليوم كانت الكارثة! أبي سيسافر، وقد كان يعلمني كيف أنتقي الخضار والفواكه واللحوم كي اشتريها لأمي وهو غائب. بالطبع لم أتعلم شيئاً، وفي أول أيام سفره أرسلتني أمي لأحضر فاكهةً من السوق لأن لدينا ضيوفاً، بالطبع لم تفهم أمي لماذا كانت كل التفاحات بداخلها دود، وهل أستطيع الدخول الى التفاحة كي أعرف؟! غريبون هم الكبار، أليس كذلك؟
* * *
الكتاب من إصدار «مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي» - فلسطين.
طبعة أولى ٢٠١٥

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مذكرات تلميذ ابتدائية» «مذكرات تلميذ ابتدائية»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia