واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي

واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي

واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي

 تونس اليوم -

واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي

علي الأمين

ازمة الخيارات السنيّة هي ما يعيق اعادة ترتيب المعادلة الاقليمية في الشرق الاوسط بالمنظور الاميركي. وقد فجّر تنظيم الدولة الاسلامية، "داعش"، هذه الأزمة الى اقصاها، عندما أمسك باجزاء كبيرة من الاراضي السورية والعراقية واعلن قيام دولة الخلافة، في خطوة احرجت القوى الاقليمية ذات الثقل السنّي، اكثر مما اربكت النفوذ الايراني في المنطقة العربية.

اظهر داعش بأساً وقوة وتأثيرا داخل البيئات ذات الغالبية السنيّة، اي حيث وجد لدوره حاضنة سياسية واجتماعية. وكشفت الوقائع الميدانية ان اكثر من تسعين في المئة من ضحايا هذا التنظيم هم من السنّة العرب، اما بقية الضحايا فهم بالدرجة الاولى من الاكراد ثم بقية الاقليات.

انفجار الخيارات السنيّة في المنطقة ونتائجها هو ما سيقرر مسار الأحداث في المنطقة العربية، ولن يشكل النفوذ الايراني بذاته عنصراً حاسما في اي دولة عربية. حتى العراق، ذو الغالبية الشيعية الموالية لايران، لم يستطع ان يشكل قاعدة نفوذ مستقرة لايران، والامر نفسه في لبنان، مرورا بسورية وصولا الى يمن الحوثيين.

شكل التقارب الاميركي الايراني، تحت مظلة الملف النووي، فرصة لتستثمر ايران في التصدّعات الاجتماعية والاقليمية ضمن المنطقة العربية من اجل حجز موقعها كشريك في معادلة الشرق الاوسط الجديد. فحاجة التصدي للارهاب شكلت مركز تقاطع المصالح في الاقليم بين واشنطن وطهران. واظهرت الوقائع الميدانية في الداخل العراقي، وصولا الى حدود الجولان المحتل، قوة هذا التقاطع الذي يترجم بتنسيق عسكري معلن بين طهران وواشنطن على الارض العراقية، وتنسيق سياسي دقيق في حماية الاستقرار على حدود الكيان الاسرائيلي.

الشراكة الاميركية الايرانية ليست كافية لترتيب الاقليم. يدرك الطرفان ان مقعد الشريك الثالث لم يزل فارغا. ثمة حاجة ايرانية لوجود هذا الشريك لا تقل عن الحاجة الاميركية له. سيما ان ايران حققت اقصى ما يمكن ان تطمح اليه دولة اقليمية شيعية، فقدت جاذبيتها الاسلامية في البيئات السنيّة العربية، وهو ان تمسك بقرار المكون الشيعي في المنطقة العربية. لكن هذا الاستحواذ، وان كان بحاجة الى اضفاء شرعية اميركية عليه، الا ان هذه الشرعية ليست كافية لضمان استمراره اذا لم يكن هناك من شريك سني يقرّ بهذا الدور وبشرعية النفوذ الايراني وشراكته في الاقليم العربي.

في النموذج اللبناني لم يستطع فائض قوة حزب الله ان يوفرّ استقرارا في معزل عن بناء شراكة مع تيار المستقبل. فتجربة تعيين الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة اظهرت عجز فائض قوة حزب الله عن ان يحقق حدّا مقبولا من الاستقرار. لذا عاد وقبل بشراكة مع تيار المستقبل وبشروط سياسية لم تكن واردة في حساباته سابقاً. في اليمن السعيد ادركت ايران، وربما الحوثيين، ان سقوط اليمن عسكريا بيد الحوثيين بالكامل يشكل بداية هزيمة لانعدام الشريك الداخلي القادر على انجاز تسوية يتقدم فيها الحوثيين. ذلك ان المهزوم بالكامل ليس مؤهلا لأن يشارك في تسوية، وغالبا ما يتفادى الدخول فيها. واستطرادا كان خروج الرئيس اليمني، من صنعاء الى عدن، تحت انظار ايران وربما الحوثيين، وهو خروج لا يخلّ بقوة الحوثيين ويوفر فرصة لاعادة بناء شراكة تحكمها موازين القوى. فيما تفادت ايران خطر الابتلاء بتحمل اعباء الدولة اليمنية، لتعيد الكرة الى الدول الخليجية التي ابدت استعدادها لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والشرعية في اليمن.

النموذجان اللبناني واليمني، بكل ما يحملانه من مظاهر الدولة المعلقة، يختبران شروط الشراكة السنيّة الاقليمية والشيعية الايرانية برعاية اميركية. ليسا نموذجين ناجحين، بل متفاوتين، لكن المشترك في جوهرهما، هو منطق الحل الذي يقوم على اعتماد التوافقات بين المكونات الطائفية او المناطقية في سبيل بناء الاستقرار مع حفظ فائض القوة العسكرية الميليشيوية خارج الدولة.

ازمة الخيارات السنيّة هي ما تجعل من دولتي تركيا والسعودية عاجزتين كلٌّ بمفردها عن ان تشكل الضمانة لأي تسوية اقليمية مع طهران وواشنطن. ايران تستطيع ان تقول انها تتحدث باسم شيعة العالم العربي، وتضمن التزامهم بأيّ تفاهم. لكن هذا ليس متوفرا لا للسعودية ولا لتركيا ولا للقاهرة بطبيعة الحال. الشريك السني، بالحساب الاميركي والايراني، يجب ان يحسم خياراته في الميدان، وهذا يتطلب قدرة لديه على انهاء تنظيم داعش او خنقه. وحتى الآن ليس هناك من هو مستعد لان يقدم لواشنطن وايران هدية داعش اذا لم يكن هناك جائزة تستحق هذه المغامرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي واشنطن وطهران في شوق إلى شريك سنّي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia