هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله

هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله؟

هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله؟

 تونس اليوم -

هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله

علي الأمين

معظم اطراف الحكومة مستاء من الحراك المدني، وان كان التعبير عن الاستياء متفاوت بين طرف وآخر، وموصول بمحاولات استدراجه نحو لعبة الانقسام الداخلي الكفيلة بانهاء الحراك المدني وجعله صوتا هامشيا غير مؤثر في قواعد الانقسام وشروطه.

لكن تبدو قوى 14 آذار الاكثر تعبيرا عن ضيقها من الحراك المدني، وهذا ما كشفته البيانات الصادرة عن امانتها العامة، اثر المواجهة التي وقعت بين بعض المشاركين في الحراك وقوى الامن الداخلي. فيما تبدو قوى 8 آذار أقل توتراً وتعبيراً عن موقفها السلبي من الحراك بعدما نجحت، عبر ترهيب الحراك المدني، في تحييد زعيميها السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري عن شعارات المتظاهرين المتهمة لهما بالفساد.

هذه النتيجة وفرت تحييد فئة من المتعاطفين مع الحراك المدني عن المشاركة في تحركاته، لاسيما ان المتربصين به وجدوا ثغرة أمكن من خلالها بثّ الشكوك لدى فئة واسعة من اللبنانيين من ان الحراك مسيّر من جهات سياسية تستسهل توجيه سهام النقد في اتجاه محدد من الفساد وتتفادى توجيه سهام لجهات اخرى في جبهة الفساد، إما لاسباب سياسية او خوفا وهلعاً من بطشها الميليشيوي. وازاء توقع استمرار الحراك المدني في اعتراضه على الحكومة من الابواب السهلة وغير المكلفة، اي من ابواب رئيس الحكومة الذي يكاد يكون المسؤول الوحيد في الدولة اللبنانية الذي بقيت فيه الشوارع حول دارته في المصيطبة غير مغلقة بالاسلاك الشائكة والسواتر امام المواطنين.

المعادلة الحاكمة التي تتحكم بالدولة وتستنزفها، هي حصيلة معادلة محلية واقليمية، تقوم على اطلاق يد حزب الله في الأمن والقتال داخل وخارج الاراضي اللبنانية، في مقابل السماح لتيار المستقبل وقوى 14 آذار ان تكون شريكة له في ادارة الشؤون الداخلية وعليها مهمة استقطاب المستثمرين والمساعدات الخارجية. وهذه المعادلة عبرت عنها حكومة الرئيس تمام سلام. لكن المستجد انّ الحيّز الذي يتمثل في الشراكة داخل الحكومة اختل وتعطل وهو مرشح للانهيار او التلاشي.

هذه الوضعية التي آلت اليها الحكومة اليوم، هي تعبير ايضاً عن انكفاء وتراجع لمنظومة قوى 14 اذار وفاعليتها، ليس بسبب هجوم استثنائي قاده حزب الله ضدها. فالاخير كان هو من وضع المعادلة الحكومية التي اتاحت له في الفترة السابقة ان يحقق من خلالها القضاء على معظم المجموعات السنية المعادية له في صيدا وطرابلس وفي البقاع، ووفرت له الارضية الملائمة لاستمرار قتاله في سورية من دون ازعاج داخلي. هذه الحكومة هي حاجة لمشروع حزب الله بأولوياته الاقليمية، فيما انهيارها او سقوطها سيشكل تهديدا جدّياً لهذه الاولويات.

ما معنى ان يتمسك حزب الله بهذا اللقاء الدوري الذي يجمعه مع تيار المستقبل كل ثلاثة اسابيع؟ السبب الرئيس بالتأكيد ليس تثبيت دولة القانون ومرجعيتها، بل السبب هو الذي تقرره منظومة اولويات حزب الله الاقليمية. ذلك ان "المستقبل" بوزنه الداخلي وبامتداداته العربية، يوفر شروط استقرار لا تخل ببرنامج حزب الله الاقليمي والعسكري بل تحميه لبنانياً. فيما انهيار الحوار بينهما كفيل بفرض وقائع جديدة على البلد تضغط على حزب الله اكثر من سواه، لأنه سيجد نفسه في مواجهة داخلية، كان تيار المستقبل كفيل بأن يحميه من سهامها بوجوده في الحكومة وباعتباره الأقدر على مواجهة الجماعات المعادية لحزب الله في البيئة السنيّة، وباعتباره المشجب الذي تعلق عليه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

من هنا فإنّ اكثر من يتحسس من تراجع تيار المستقبل وانهيار الحكومة هو حزب الله. فقد اثبت تيار المستقبل انه الخصم النموذجي والمرتجى من حزب الله، خصم اعتاد الاخير على التعامل معه، يقدر ردود فعله ويعرف حدودها ويمتلك وسائل ترهيبه، كما ترغيبه. هو خصم تعرفه افضل من خصم لا تعرفه... لكن المستجد اليوم ان تيار المستقبل الذي كان يطمح ان يكون لاعبا فعليا في معادلة الحكومة، بدا اليوم امام جمهوره عاجزاً عن القيام باي دور فاعل في السلطة على رغم التزامه الطوعي او رغما عنه، بعدم عرقلة قتال حزب الله في سورية فضلا، عن طرح قضية السلاح غير الشرعي. معادلة "ربط نزاع" مع حزب الله كما قال الرئيس سعد الحريري غداة تشكيل "الحكومة السلامية" افضت الى المزيد من تدهور "المستقبل" والى تعطيل المؤسسات الدستورية. السؤال الذي يطرح: هل ثمة من انتبه لهذه المعادلة ويريد تقويضها ورميها في وجه حزب الله؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله هل الحراك المدني في عمقه ضد حزب الله



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia