معركة عرسال لن تطول وستنتهي بصفقة كبيرة

معركة عرسال لن تطول... وستنتهي بصفقة كبيرة

معركة عرسال لن تطول... وستنتهي بصفقة كبيرة

 تونس اليوم -

معركة عرسال لن تطول وستنتهي بصفقة كبيرة

علي الامين

إختبار عرسال، وما يواكبه من حراك سياسي محلي واقليمي، يكشف أنّ تحييد لبنان عن الازمات الاقليمية لم يزل الرقم 1 في الاهتمام الدولي والاقليمي بلبنان. وما جرى في عرسال من مواجهات كان سبقه استدراج عناصر المعارضة السورية من جبهة النصرة واخواتها الى هذه البلدة، في سياق انهاء وضعية عرسال كصلة وصل بين الجبهة السورية الحدودية وخط الإمداد اللبناني، وكظهر يسند، جغرافيا وسياسيا وعسكريا، المعارضين السوريين في منطقة القلمون. لاسيما أنّ معارك القلمون، خلال الشهر المنصرم، أظهرت في ميزان الخسائر أنّ حزب الله خسر خمسين مقاتلا على الأقلّ، يرجح أنّهم سقطوا في القلمون. وهو الرقم الأعلى شهريا منذ انخراط حزب الله المعلن في الحرب السورية.

الميزان العسكري الذي يميل في الآونة الاخيرة لصالح قوى المعارضة السورية، ضمن معادلة الكرّ والفرّ، بات يشكل قلقا لدى حزب الله. فهذه المنطقة يفترض أنّه حسم المعركة فيها، هو والجيش السوري، بعد معركة يبرود قبل أشهر. وكان مناصروه في مناخ الانتقال من القلمون إلى "تحرير" حلب (من أهلها على الأرجح). بل أكثر من ذلك، إذ تحدّث الامين العام لحزب الله قبل أقل من شهرين، في ذكرى تأسيس كشافة المهدي، عن استعداد حزب الله للقتال في العراق دفاعا عن المقامات الشيعية هناك. وردّد عبارته الشهيرة: "سنكون حيث يقتضي الواجب وحيث يجب".

خلاصة المشهد أنّ أعباء القتال في القلمون باتت تثقل كاهل حزب الله، ويردّد مناصرو حزب الله أنّ منطقة عرسال هي شريان المسلحين المعارضين في القلمون، وأنّ إنهاء عرسال بات أولوية لا بدّ منها لقطع هذا الشريان المغذّي لاعدائه في القلمون.

هذه الوضعية التي فاقمها في عرسال قابلية المجموعات المسلحة للاستدراج، باطمئنانها إلى حرية حركتها من لبنان الى الداخل السوري، في موازاة تراخٍ أمني وعسكري وسياسي كشف عنه صمت المسؤولين والجهات السياسية حيال الاصوات التي ناشدت الدولة والمسؤولين، ومنها رئيس بلدية عرسال علي الحجيري، الذي قال: "الامور تخرج عن السيطرة في عرسال وعلى الدولة تحمّل مسؤوليتها"... كلّ هذا قيل قبل اكثر من اسبوعين من انفجار المواجهات. لكن لم يحرّك أحد ساكناً.

توقيت المعركة في عرسال بدأ مع نجاح حزب الله بقتل نحو مئة من العسكريين على إحدى الطرق التي تصل عرسال بالقلمون السورية، وقد حرص حزب الله على نشر الفيديو الذي يظهر عشرات العسكريين القتلى، الذين سقطوا في كمين استخدم خلاله مقاتلو الحزب طائرة ايوب، على ما نقل موقع "الحدث نيوز" القريب من حزب الله. بعد هذا الكمين ومحاولة نقل بعض الجرحى الناجين من قبل المعارضين السوريين، اعتقل الجيش اللبناني المعارض السوري احمد جمعة. وبعد اكثر من 12 ساعة وقعت المواجهات وتمّ الاعتداء على قوى الامن الداخلي ثم الجيش واختطاف عناصرهما.

ليست التقاصيل الميدانية هي الفيصل في قراءة المشهد العرسالي. فالروايات متعدّدة. لكنّ الثابت أنّ انفجار الوضع في عرسال لم يكن مفاجئا. فالمعارك في القلمون السوري، وانفلات الحدود الشرقية والشمالية من دون وجود قرار رسمي بضبطها، فضلا عن انخراط حزب الله في القتال داخل سورية، ودخول المسلّحين السوريين إلى لبنان، كلّها اسباب وجيهة تسمح لأيّ كان بتوقّع حصول ما حصل وربما اكثر من ذلك بكثير.

لكن ما حال دون حصول الكثير والخطير على لبنان، أي تمدد المواجهات في اكثر من منطقة، له ايضا أسباب عدة. فإلى الموقف الدولي والاقليمي الذي أشرنا إليه آنفاَ، هناك موقف القيادات السنية الاساسية الذي اعلن بشكل حاسم وقوفه الى جانب الجيش في معركته ضدّ الارهاب. ولم يوفّر أيّ هامش من الصمت أو التساؤل عن الاسباب قد تستخدم لتبرير أعمال المجموعات المسلحة في عرسال ضد الجيش والقوى الامنية، وبالتالي تمدّد المواجهات نحو الداخل اللبناني.

هذا ما عبّر عنه الرئيس سعد الحريري، وهو موقف لم تستسغه اوساط واسعة في البيئة السنية اللبنانية، وأدرجه البعض في سياق تغطية حزب الله ودوره في سورية، خصوصا أنّ الحريري، وفي أوّل موقف أصدره اثر انفجار المواجهات، لم يأتِ على ذكر حزب الله ولا تدخّله في سورية مطلقا، بل قدّم الدعم المطلق لمعركة الجيش في تحرير عرسال من آسريها. وهكذا كان موقف الرئيس تمام سلام بعد جلسة مجلس الوزراء الاثنين.

ترك الحريري جانبا كلّ الروايات التي يشكّل تبنيها او طرحها من قبله شبهة تغطية مجموعات مسلحة في وجه الجيش. لذلك رأى أنّ معركته ليس في تقديم خطاب شعبوي يغامر بأرواح الناس، بل في تخليص لبنان والطائفة السنية داخله من هذا الارهاب. وهو آثر الخسارة الشعبوية، لحساب تحصين مشروع الدولة والوحدة الوطنية. من هنا يمكن فهم المبادرة السعودية العاجلة التي أعلن عنها الحريري، بتقديم مليار دولار إلى الجيش والقوى الامنية دعما لمعركتها في وجه الارهاب.

خلاصة ما يعتقده مقرّبون من الحريري أنّ الاخير يتطلّع إلى مشروع الدولة. وهو لا يمكن أن يتورّط في تبرير إرهاب وعدوان بسبب إرهاب آخر وعدوان مقابل. وهو يرتضي خسائر سياسية وشعبية في الحاضر لكنّه مقتنع بأنّ خياره هو الذي ينتصر مستقبلا، أي تثبيت مرجعية الدولة وتحصين مؤسساتها، لا سيما الجيش والقوى الامنية الشرعية.

موقف الحريري وسلام الحاسم في دعم الجيش بمواجهة الارهاب وازاه موقف كتلة المستقبل النيابية بعد أيام الذي رفض وجود حزب الله في سورية، وشدّد على أنّه أحد أسباب انتقال الارهاب إلى لبنان. موقفان إذا، واحد حاسم ضدّ الارهاب والثاني يحمّل حزب الله مسؤولية انتقال النار السورية إلى لبنان.

يبقى أخيرا ما لا يُخفى على أحد. فمعركة الجيش في عرسال، مضافا إليها تحرّكات النائب وليد جنبلاط، وتسويق صيغة "قائد الجيش جان قهوجي لرئاسة الجمهورية وشامل روكز (صهر الجنرال ميشال عون) لقيادة الجيش، كلّها تشكّل مسرحا مناسبا لسدّ الفراغ الرئاسي. مسرح حيث يموت كومبارس كثيرون ودمى كثيرة، ويخرج محرّكو الدمى في النهاية منتصرين ويصفّق لهم الجمهور.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة عرسال لن تطول وستنتهي بصفقة كبيرة معركة عرسال لن تطول وستنتهي بصفقة كبيرة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia