ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

ايران: القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

ايران: القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

 تونس اليوم -

ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

علي الأمين

الخطاب الامبراطوري الذي تفوّه به مستشار الرئيس الايراني لشؤون القوميات والاقليات المذهبية علي يونسي يعكس مسار من الانتقال من مرحلة التبشير بالوحدة الاسلامية لمحاربة الشيطان الاكبر، الى مرحلة تضخيم الهوية الشيعية والتمهيد لدولة المهدي لمحاربة الثورات العربية، وصولا الى الخطاب الامبراطوري الفارسي في سبيل الامة الايرانية.

 

ووفقاُ لوكالة إسنا للأنباء الإيرانية (الأحد)، قال يونسي في مؤتمر «الهوية الإيرانية» بطهران: «الآن العراق ليس مجرد ساحة لنفوذ الحضارة الإيرانية، بل نعتبر العراق هويتنا وعاصمتنا، وكان هكذا من الماضي البعيد والآن أيضاً».

 

وطالب مستشار حسن روحاني بإنشاء اتحادية بين الدول الواقعة في الهضبة الإيرانية لمواجهة التحديات، وأكد أن طهران ستدافع عن شعوب هذه الدول، واعتبرهم جزءاً من الشعب الإيراني.

 

الجديد هنا ان الخطاب الرسمي الايراني لم يعد يضع نصب عينيه كما بشّرت ثورة الامام الخميني، مشروع الوحدة الاسلامية، الذي لم تستطع الحرب العراقية الايرانية طيلة ثماني سنوات ان تفقد ايران في الوعي الاسلامي العام مشروعية رفع هذا الشعار. فالحرب هذه لم تستطع ان تفرز انقساما سنّيا شيعيا في العالم العربي ولا انقساماً عربياً فارسياً. ورغم فداحة هذه الحرب الاّ انها احدثت فرزاً سياسيا بقيت خلاله ايران حاضرة في مشروعها الاسلامي بوجدان ملايين العرب والمسلمين السنّة. اما حاليا فالوضع اختلف كليا.

 

ربما لا يفوت القارىء ان مصطلح "امبراطورية" ينتمي الى عالم ما قبل العصور الوسطى والى ما قبل الاسلام. العالم على هذا الصعيد تغير منذ سقوط روما، والحديث عن امبراطورية فارس اليوم هو كلام اكثر من سخيف بالنسبة الى النموذج الايراني. واذا صحّ الأمر فيمكن لحلفاء ايران واتباعها في الدول العربية ان يسألوا انفسهم ما هو موقعهم في هذه الامبراطورية؟ ولحزب الله وللشيعة العرب ان يسألوا اين دولة الامام المهدي في هذا المشروع، حتى لا نسأل اين وحدة الامة الاسلامية التي طالما بشرت بها ايديولوجيا الثورة الاسلامية.

 

العرب شيعة وسنّة واقليات دينية واثنية هم "سكان الهضبة الايرانية"، بحسب يونسي، ولا محل لهم في المشروع الا التبعية لايران. كلام يونسي اقل ما يقال فيه انه كلام عنصري يتجاوز كل عنصرية. ويعبر غن رغبة في اعادة انتاج الجغرافيا بذهنية ما قبل الاسلام، واعادة انتاج الجغرافيا السياسية وفق الرسم السياسي لما قبل الاسلام. ومن يتحدث هو صاحب عمامة شيعية فضلا عن كونه مستشارا للرئيس الايراني.

 

على ان هذا الخطاب القومي الايراني، يمكن ادراجه في سياق طبيعي لتطور الدولة الايرانية، وهو خطاب موجّه الى الداخل الايراني، يخاطب الانتماء العميق للناس، انطلاقاً من ان الانتماء القومي هو الذي يوفر الهوية السياسية للدول وليس الايديولوجيا الدينية. البعد الايديولوجي ربما كان مفيدا في بدايات الثورة الايرانية لتغيير الواقع الاجتماعي والقيمي لدى المجتمع، لكن الدول لا يمكن ان تستمر في هذا الخطاب، وهذا ما يمكن ملاحظته في ايران من خلال التترس خلف اهداف الامن القومي الايراني بين فريقي المحافظين والاصلاحيين. الطرفان يتبنيان نظرية الدفاع عن ايران خارج الاراضي الايرانية.

 

كما ان الخطاب الامبراطوري هو جزء من عرض العضلات امام الادارة الاميركية التي انتقلت من كونها الشيطان الاكبر الى موقع بات اقرب الى صفة الصديق المنافس او المشاكس. في هذا السياق يأتي التعبير الامبراطوري، اي في سياق سياسي هو الحوار مع واشنطن، وفي سياق اقتصادي يحاول التغطية على الازمات الحرجة التي يعاني منها الشعب الايراني بسب العقوبات وفشل النموذج التنموي والاقتصادي الذي بشرت به الثورة الايرانية شعبها طيلة اكثر من ثلاثة عقود.

 

لذا فان نموذج تمدد ايران اليوم في العالم العربي، يعجز عن تقديم تجربة ناجحة للاستقرار السياسي وللتنمية. اذ تمتلك ايران قدرة التخريب في الدول وعلى القوى الاقليمية والدولية، لكنها عاجزة عن تقديم نموذج سياسي وسلطة مستقرة. وهذا ما يتنافى مع معيار الامبراطورية وتعريفها الذي يقوم على السيطرة من خلال تكوين مستقر وقابل للاستمرار والحياة... او الاحرى اغراء الاطراف بقدرة المركز على تامين الاستقرار وربما البحبوحة لسكانه.

 

المهم ان القيادة الايرانية تحاول تقديم نفسها كطرف شريك في المعادلة الاقليمية، وساعٍ لتوفير شروط الامن القومي الايراني في الجغرافيا العربية، من دون ايّ اوهام. فايران ليست منهمكة بمشروع اسلامي هذه المرة ولا في بالها كيف يستعيد العرب حضورهم، بل الثابت ان التغيير في المنطقة العربية اصبح مشروعا خطرا على نفوذها، خصوصا ان المشروع القومي الايراني كشف عن ان قوته ونفوذه يقومان على مبدأ اساسي وهو ان الجغرافية العربية هي قطعة جبنة للتقاسم.

 

يكفي المشروع الايراني ان يكون نظام بشار الاسد نموذجه الذي استحق ان تدمر سورية من اجل بقائه واستحق ان تهدر في سبيله كل ما تبقى من رصيد لايران - الثورة في الوجدان العربي والاسلامي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia