الرئيس القوي والقوة من السلاح

"الرئيس القوي"... والقوة من السلاح

"الرئيس القوي"... والقوة من السلاح

 تونس اليوم -

الرئيس القوي والقوة من السلاح

علي الأمين

وصل الرئيس تمام سلام الى سدة رئاسة الحكومة نتيجة استشارات نيابية ملزمة دستورياً، وهو فعليا كان حصيلة توافق بين القوى السياسية بعدما اظهرت قوى فاعلة في فريق 8 آذار رفضها ان يكون الرئيس سعد الحريري هو رئيس الحكومة، بل رفضت ايضا اي خيار من اسماء جرى تداولها كرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة او اللواء اشرف ريفي. وجاء اختيار تمّام سلام استنادا الى كون شرعيته السياسية ليست محصورة بالرئيس الحريري، وكونه من الشخصيات التي توصف بالمعتدلة وليس من صقور "المستقبل" او" 14 آذار".

كما انّ الرئيس نجيب ميقاتي لم يحتج من الناحية الدستورية لأكثر من تأييد الأكثرية النيابية، التي ألزمت رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم تعيينه. ولو انّ الرئيس نبيه بري لم ينل في مجلس النواب الأكثرية ونالها سواه في انتخابات رئاسة مجلس النواب لما كان رئيسا للمجلس. تأييد الرئيس بري، ان كان خوفاً او بسبب توافق سياسي شيعي حوله، لا يلغي حقيقة ان انتخابه يتطلب تصويت البرلمان ونيله اكثرية الاصوات، سواء كان هناك منافس، او كان بري مرشحا وحيداً.

"الرئيس القوي"، بمعنى انه يحوز على تأييد الغالبية من نواب طائفته، هو وصف لم ينطبق على رئاسة الحكومة في العقدين الاخيرين. فقط انطبق بحدود على موقع الرئاسة الثانية وشخص الرئيس بري. لكن ايضا يجب الانتباه الى ان الوصاية السورية، وليس شعبيته، من فرضه في العام 1992. حتى نواب حزب الله في ذلك الحين كانوا يفضلون الرئيس حسين الحسيني.

حتى الرئيس رفيق الحريري نفسه، الذي تولى رئاسة الحكومة في 1992، لم يكن لديه ايّ تمثيل نيابي، فيما كان سليم الحص رئيساً لكتلة نيابية اساسية. فضلا عن الرئيس عمر كرامي وغيرهم من النواب. وعندما تولى اميل لحود رئاسة الجمهورية في 1998 لم يسمّ مجلس النواب الرئيس الحريري، رغم انه كان الاكثر تمثيلا، بل سمّى الحص. ودائما بقوة الوصاية السورية ونفوذها على النواب.

حصل الامر نفسه في 2004 مع تولي كرامي رئاسة الحكومة. وبعد اغتيال الرئيس الحريري وانتخابات 2005 لم يُسمَّ الرئيس فؤاد السنيورة لرئاسة الحكومة من خارج التوافق ولا من خارج ارادة حزب الله الذي كان بدأ بوراثة النفوذ السوري. وعندما فرط التحالف الرباعي الشهير، بدا واضحا ان ما يرفضه حزب الله في رئاسة الحكومة وفي رئاسة الجمهورية لا يمكن ان يستمر. هذا ما حصل في 7 ايار 2008 مع الرئيس السنيورة وهذا ما حصل بعدها مع سعد الحريري بعد انتخابات 2009. اذ أسقط حزب الله حكومة الحريري وسمىّ السيد حسن نصرالله بشكل علني الرئيس نجيب ميقاتي بعدما صرف النظر عن الرئيس عمر كرامي.

اليوم يتمسك العماد ميشال عون وسواه بمقولة "الرئيس القوي" في رئاسة الجمهورية. فإذا كان الرئيس نبيه بري رئيسا قويّا في شيء، فهو بأنّه نجح في جرّ العماد ميشال عون الى انتخابه رئيسا للمجلس رغم التنافر بينهما... فيما عجز الحريري عن جرّ عون الى الوقوف معه حين قرر حزب الله اقالته وتعيين الرئيس ميقاتي. وبين هذين المشهدين ثمة سحر للقوة وللسلاح لا يمكن للجنرال مقاومته.

هذا السحر وهذه الجاذبية برزا لحظة اقتضت مصلحة حزب الله السير في التمديد، وعدم التضامن مع حليفه العماد عون او حتى مسايرته برفض التمديد غير التقني. فذهب الوزير جبران باسيل الى منح المقاومة حق التصرف كما تشاء، وخرج الجنرال عون ليبشر بالتكامل الوجودي مع حزب الله. علما ان حزب الله تنازل عن الثلث الوزاري المعطل في حكومة الرئيس سلام، وعن الثلاثية الذهبية او الخشبية، عندما اقتضت مصلحته دخول التسوية.

مع الاشكال السني - الشيعي الذي انفجر اجتماعيا على مستوى المنطقة، تتراجع اهمية عون لدى حزب الله وايران. وعدم انتخاب رئيس لا ينتظر سوى مآل التسوية السعودية – الايرانية. الى حينها سيكرّر حزب الله لازمة ترشيحه للجنرال. اما اذا تمت التسوية فعون، كما جعجع، سيكونان خارج السباق. وبالطبع فإنّ عون، رغم عدم فوزه بالرئاسة، سيوقّع مع حزب الله بعد خيبته الرئاسية، على وثيقة تكامل وجودي واندماج، بعد ان يطوي "وثيقة التفاهم".

وفي المحصّلة لن يكون هناك "رئيس قوي"، على الطريقة العونية - الحزب اللهية، الا بقوة السلاح لا الدستور.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس القوي والقوة من السلاح الرئيس القوي والقوة من السلاح



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia