الأمن الغذائي «الخارج» بريء من خطايانا

الأمن الغذائي: «الخارج» بريء من خطايانا

الأمن الغذائي: «الخارج» بريء من خطايانا

 تونس اليوم -

الأمن الغذائي «الخارج» بريء من خطايانا

علي الأمين

رفع راية حماية الأمن الغذائي في لبنان خطوة ايجابية قام بها وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، رغم أنّ ما قام به من فضح اسماء مؤسسات تجارية مخالفة لشروط سلامة الغذاء، لاقى اعتراضات من قبل البعض وتعاطف من قبل أكثرية اللبنانيين. الخطوة ايجابية وضرورية. بل هي من واجبات وزير الصحة التي ربما ذكّرنا بها ابو فاعور، على اعتبار انّ مثل هذه الاجراءات لم نعتد عليها لدى اسلافه من وزراء الصحة، او على الأقل كنّا نظنّ انّ اختصاص الوزارة هو مراقبة الدواء وتجارته فقط.

هي خطوة مرشّحة إلى ان تُحاصر، وان يتمّ تفريغها من مضمونها خلال الايام المقبلة، بسبب قوّة اصحاب المصلحة من المتضرّرين ونفوذهم من جهة، وبسبب غياب الرأي العام الذي يستطيع ان يواكب هذه الاجراءات من خلال ادوات تمثّله، قادرة ومتفاعلة ولديها حسّ المثابرة على هذا الصعيد.

على انّ اهمية ما قام به ابو فاعور، ونحن نواجه كلبنانيين تحدّيات تطال اصل وجود النظام والدولة، تكمن في انّه يقدّم إلى اللبنانيين قضية يمكن لهم ان يحقّقوا شيئاً مفيداً لهم من خلالها، من دون ان يخرج عليهم زعيم او مسؤول رسمي او حزبي ليقول لهم ان لا حلّ لهذه القضية ما دام القتال في سورية قائما، او انّ هذه القضية ترتبط بتراجع الكيان الصهيوني عن اطماعه التوسعية. او انّ تحقيق الأمن الغذائي يتطلّب اجتماع مجلس الامن الدولي وضمان عدم استخدام حقّ النقض، او انّ معالجتها تنتظر نتائج الحوار الاميركي – الايراني.

لست هنا في موقع تبرئة او اتهام الوزير ابو فاعور بأنّ اثارته هذه القضية لها خلفيات سياسية تهدف الى التغطية على قرار التمديد لمجلس النواب عبر اثارة الغبار والضجيج حول قضية تحرف الانظار عن "جريمة التمديد". سأذهب إلى تبنّي الاتهام الذي تناقلته بعض ألسن السياسيين وغيرهم من المواطنين. لكنّ هذه الغاية السياسية غير المتّصلة بصحة الناس تفترض من الجميع التقاطها. اذ ليس الغذاء الفاسد هو فاسد بالنسبة إلى فئة من المجتمع ونافع لفئة اخرى من المجتمع، ولا هو سلاح مصوّب ضد الآذاريين ولا الوسطيين ولا العونيين، بل هو سلاح ينكّل بصحّة كل لبناني دون استثناء.

قضية مكافحة الفساد والاهمال في مجال الغذاء مهمة لبنانية بحت، وامتحان لمسؤولية الوزراء في الحكومة وللنواب والادارة العامة وللمجتمع ايضاً. اذا لم تستطيعوا انتخاب رئيس للجمهورية يحصّن الصحّة السياسية للمسيحيين واللبنانيين عموما، لاسباب خارجية او لتعنت طائفي او مذهبي... فلا يعتقدنّ احد انّ معالجة الخلل، بل الازمة، اي استسهال العبث بصحّة الناس في الغذاء، امر يحتاج الى مؤتمر وطني تأسيسي، او استكمال تطبيق اتفاق الطائف. هذه مهمة ليست اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية او الدولية منهمكة بتعميقها. وهي مشكلة لا يمكن القاء تبعات وجودها على الخارج.

ربما اساء ابو فاعور الى بعض المؤسسات وربما كشف عن جزء بسيط من الأزمة. في الحالتين لا بدّ من ابقاء القضية حيّةً ومثارة، ومن ظُلِمَ يجب ان يستعيد حقّه، ومن كان مهمِلا او مسيئاً يجب ان يُعاقَب.

لفلفة الملفّ بادعّاء انّ اثارته فيها اساءة الى صورة لبنان ومؤسساته ليست مقنعة. بل العكس تماما. صورة لبنان المشرقة ترتبط بتنفيذ القانون وتحقيق العدالة في ابسط الامور وفي اعقدها. على انّ القضية هنا ليست قضية وزير او جهة سياسية. وما قام به الوزير يفترض انّه من واجباته، التي يحتمل تنفيذها الخطأ والصواب. وما على الحكومة، التي تجمع المنقسمين على شؤون كبرى وعظمى، الا ان يحمدوا الله على توفّر فرصة لتحقيق انجاز لهم ما دامت القضايا الكبرى تحتاج الى اجيال ودماء ومال.الامن الغذائي مستباح لمن يعلم حقيقة البلد وواقعه على هذا الصعيد. ففي مقارنة بسيطة في القوانين والاجراءات المتّبعة على هذا الصعيد في دولة من الدول التي تحترم شعبها، وبين الاحوال في لبنان، ستكشف للبنانيين انّ غذاءهم متروك لضمير التاجر والبائع وقبلهما المنتج. لكنّ الامن الغذائي لا تحميه النوايا بل الاجراءات التي تكبح شهية الربح الفاحش وما يستتبعها من اهمال وفساد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمن الغذائي «الخارج» بريء من خطايانا الأمن الغذائي «الخارج» بريء من خطايانا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia