إزاحة المالكي وعودة السنّة من بيروت الى بغداد

إزاحة المالكي وعودة السنّة.. من بيروت الى بغداد

إزاحة المالكي وعودة السنّة.. من بيروت الى بغداد

 تونس اليوم -

إزاحة المالكي وعودة السنّة من بيروت الى بغداد

علي الأمين

تكليف العضو القيادي في حزب الدعوة حيدر العبادي برئاسة الحكومة العراقية أطلق عجلة التفاهم العراقي الداخلي على تسمية رئيس الحكومة برعاية اميركية – ايرانية. كلمة السر قالها الرئيس الاميركي باراك اوباما في مقابلته الاخيرة مع "نيويورك تايمز". فاقتنعت ايران بضرورة ان يتنازل حلفاؤها في العراق لقيام تسوية داخلية تعيد المكونات المهمشة الى السلطة. وتمرد رئيس الحكومة نوري المالكي ووصفه تكليف العبادي بأنه خرق للدستور لم يقنعا اكثرية اعضاء مجلس النواب. وحدهم اعضاء كتلة حزب الدعوة تضامنوا مع المالكي.

اعتراضات المالكي لن تغير الوقائع، فيما الادارة الاميركية سارعت الى الترحيب بتكليف العبادي، واعتبرته خطوة في الطريق الصحيح. بينما اوعزت ايران الى عدد من النواب العراقيين المعروفين بارتباطهم الوثيق بايران الى تأييد العبادي (حسين الشهرستاني على سبيل المثال لا الحصر). ولم تقم بأي خطوة للجم المالكي والزامه بالانضواء في تكتل المؤيدين لرئيس الحكومة الجديد. فالقيادة الايرانية اقرت بخسائر سببتها سياسات حكومة المالكي، بالموافقة الضمنية على تغييره، وسلمت بدفع جزية التغيير برجلها الاول الذي استثمرت فيه طيلة ثماني سنوات.

التمدد الداعشي وانهيار الجيش العراقي امام داعش بشكل فضائحي كانا الاعلان الصارخ عن فشل ادارة الحرس الثوري وقائد فيلق القدس قاسم سليماني في ادارة هذا الملف. سليماني الذي كان يدير في العلن التحالفات السياسية والانتخابية، تمسك بوجود المالكي واستمراره رغم الاعتراضات، وهو تكفل بكمّ الافواه الشيعية المعترضة بالترغيب والترهيب، واطلق يد المالكي في ادارة الملف السنيّ، الذي كان بالنسبة اليه صندوق انتخاب. اذ ادرك المالكي، بحساباته السياسية الضيقة، ان تصعيد الخطاب المذهبي هو الجواب والحل السحري لمواجهة اخفاقاته السياسية والاقتصادية، والسبيل لتهميش منافسيه الشيعة.

المالكي كان مطمئنا الى الدعم الايراني كاطمئنانه للرضى الاميركي، لذا لم يكن شديد الاهتمام بإيجاد حلول لأزمة العلاقة بين المكونات العراقية، بل ساهم بقوة في ترسيخ الشرخ السني – الشيعي ولم يحسن ادارة العلاقة مع المكون الكردي. واستمر النزف والفشل في ادارة الدولة، واستشرى الفساد وتفاقم الفقر وسعى لبناء شعبية ركيزتها شبكة منافع غير مشروعة وتقديم نفسه بصورة زعيم يحامي عن الشيعة بوجه السنة، بخطاب عصبوي جعله ابعد ما يكون عن رجل الدولة والشخصية الوطنية. ولم يبذل ايّ جهد معتبر لبناء علاقات عربية خارج الحسابات الايرانية، لذا سارع الى دعم نظام الاسد في سورية، وفتح الحدود أمام الميليشيات العراقية للقتال في سورية بادارة ايرانية.

ايران تخلت عن المالكي كرئيس للحكومة عمليا، وسبق هذه الخطوة نقل ادارة الملف العراقي من يد الجنرال قاسم سليماني الى وزير الدفاع الايراني السابق علي شمخاني، الذي ينتمي الى الاقلية القومية العربية في ايران، ضمن سياسة الحدّ من الخسائر، مقابل ثمن هو التدخل العسكري الاميركي لضرب داعش. وليس خافيا ان بدء العمليات العسكرية الاميركية في العراق واعادة فتح باب تسليح الجيش العراقي لم يبدآ الا بعد موافقة ايران على عملية اعادة بناء المعادلة السياسية العراقية بإزاحة المالكي.

من هنا يمكن تفسير رفع كلفة ازاحة المالكي، بل سيجري تضخيمها الى حدّ ستبدو ايران كأنها قدمت الثمن الكبير. فتضخيم الثمن هدفه الذود عن مفاصل السلطة في الامن والجيش من جهة، وتأكيد ان ايران هي القادرة على ضبط الايقاع في المشهد السياسي الشيعي وهي الشريك الضامن والمؤهل للتنفيذ في الخطوات اللاحقة. لكن التفاهم الايراني – الاميركي لم يصل الى حدود الاتفاق النهائي. ثمة اتفاق على فصل اول هو اطلاق عملية سياسية من دون المالكي، واشراك المكون السني في السلطة. فما جرى في العراق هو محاولة لاستنساخ ما جرى في لبنان، حين قبلت ايران بتشكيل حكومة في لبنان تعيد السنية السياسية الى السلطة بعدما كان حزب الله قد استبعدها عبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. عودة الرئيس الحريري الى بيروت هي في السياق نفسه. سياق محاولة إعادة المكون السني الفعلي الى السلطة. وهي عودة سيكون دونها الكثير من الالغام والاختبارات...من بيروت الى بغداد.

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إزاحة المالكي وعودة السنّة من بيروت الى بغداد إزاحة المالكي وعودة السنّة من بيروت الى بغداد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia