لبنان داخل أنفاق حزب الله
أخر الأخبار

لبنان داخل أنفاق حزب الله

لبنان داخل أنفاق حزب الله

 تونس اليوم -

لبنان داخل أنفاق حزب الله

بقلم - علي الأمين

أنفاق حزب الله كشفت النفق الذي أدخل فيه لبنان على كل المستويات، فلا هو جاد في ما يدعيه لجهة مقاومة الاحتلال وتحرير القدس، ولا هو قادر على إعادة الاعتبار للدولة التي طالما اتهمها بالضعف والوهن.

فضح حزب الله
كشفت الأنفاق التي تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمام دبلوماسيين أجانب عن وجودها على الحدود مع لبنان، عن تهيب حزب الله من الإقرار بأنه هو من يقف وراء حفرها، فتقرير قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل) أكد وجود هذه الأنفاق والتي حمّل لبنان مسؤولية وجودها، واعتبرها خرقا للقرار الدولي 1701 الذي يفرض وجود القوة الدولية والجيش اللبناني وحدهما في منطقة الحدود الجنوبية، أو ما يسمى منطقة “جنوب الليطاني”.

لم يصدر حزب الله أي موقف حتى الآن، لم يؤكد ولم ينف مسؤوليته، فيما بدت إسرائيل منهمكة بحملة دبلوماسية لتظهير أنها دولة يجري الاعتداء عليها، من دون أن تولي أي اهتمام برد عسكري، بل أظهرت المواقف الرسمية الإسرائيلية أنها غير معنية برد فعل عسكري في لبنان نتيجة وجود هذه الأنفاق وشقها من قبل حزب الله. والأخير تحصّن بالصمت وتفادى الاعتراف بوجودها، فضلا عن الإقرار بوقوفه وراء حفرها عند الحدود اللبنانية باتجاه إسرائيل.

في جولة قمنا بها على المناطق الحدودية الجنوبية، لاحظنا أن الصمت هو سيد الموقف، فلا مواقف تصعيدية ولا اعتداد بوجود هذه الأنفاق، بل ثمة مؤشرات تدل على محاولة التنصل من المسؤولية ولا سيما مسؤولية حزب الله.

الرسالة الواضحة التي يبثها الحزب في هذه المناطق هي عدم التعليق على ما يجري، وفي أسوأ الظروف، القول برسائله الضمنية أن هذه الأنفاق هي لمهربي المخدرات، أو هي من مخلفات مرحلة المقاومة الفلسطينية في عقد السبعينات من القرن الماضي.

تنصل حزب الله أو عدم اعتداده بهذه الأنفاق، يؤكد مجددا أنه لا يريد الذهاب بعيدا في تقديم نفسه كطرف ساع لشق طريق القدس عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل هو في قمة الحرص على عدم الانتقال من الخطاب المنبري والشعبوي المقاوم، إلى التورط في مقاومة عسكرية فعلية ضد إسرائيل.

في الأنفاق التي قامت في غزّة سواء في اتجاه الأراضي المصرية، أو نحوالأراضي الفلسطينية المحتلة، لم تتنصل جماعات المقاومة الفلسطينية من تحمل المسؤولية بل كانت شديدة الاعتداد بما أنجزته على هذا الصعيد.

حزب الله يبدو اليوم في حالة مغايرة تماما، فهو شديد الفخر بما أنجزه باسم فلسطين ضد المعارضات المسلحة في سوريا، لا بل كان يرى في معارك تدمير المدن السورية وتهجير سكانها إحدى وسائل شقّ طريق تحرير القدس، وهذا ما عبر عنه صراحة حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، بقوله إن طريق القدس تمر من حلب ومن حمص ومن القلمون، ولكن عندما يتصل الأمر بحقيقة المواجهة مع إسرائيل، كما جرى قبل أيام، نجده يتمترس بوزارة الخارجية اللبنانية ويلوذ بالصمت، ويتعامل مع حدث الأنفاق وكأنه تهمة، وليس أمرا يجب الافتخار به كما كان الحال وهو يقوم “بتحرير” حمص أو داريا أو الزبداني أو القلمون.

لم ينفك حزب الله عن القول إن الدولة اللبنانية ضعيفة وعاجزة ليبرر وجود سلاحه، بل اتهم كل من تحدث عن ضرورة التنسيق مع المجتمع الدولي والتمسك بالقرارات الدولية وتطبيقها في لبنان، باعتباره متواطئا مع إسرائيل.

هذا الخطاب الذي اعتمده لتعزيز وجوده المسلح، واستخدمه في حربه السورية عبر القول إنه هو من يحمي لبنان من الإرهاب، ليبرر تجاوز الحدود الدولية ضاربا عرض الحائط بكل سياسات الحكومة للنأي بالنفس عن الأزمة السورية.

كل هذه الانتهاكات والجرأة على مواجهة الثورة السورية، يقابلها هذا الصمت المطبق حيال الأنفاق، بل الصمت حيال ما كان يعتبره، دوما، مؤامرات دولية على المقاومة، وهو في الوقت الذي يحتمي بالدولة اللبنانية، تبدو مؤسسات الدولة آخر من يعلم بما يقوم به، لا بل يستمر في رفضه في أن تكون هذه المؤسسات هي المرجعية الأساسية في ما يتعلق بمتطلبات السيادة اللبنانية.

إسرائيل تبدو في وضعية من يريد فضح الدولة اللبنانية وحزب الله على حد سواء.

الدولة اللبنانية بوصفها عاجزة عن تحمل مسؤولية السيادة على أراضيها، وحزب الله بوصفه قوة مسلحة تتصرف بمعزل عن أي شرعية وتنتهك القرارات الدولية من دون أن تتجرأ على تبني هذا الخرق، علما أنها تجرأت ولم تخف تدخلها العسكري والأمني العلني في أكثر من دولة عربية.

أنفاق حزب الله، في النهاية، كشفت النفق الذي أدخل فيه لبنان على كل المستويات، فلا هو جاد في ما يدعيه لجهة مقاومة الاحتلال وتحرير القدس، ولا هو قادر على إعادة الاعتبار للدولة التي طالما اتهمها بالضعف والوهن، لكنه ظل مصرا على فعل ما تطلبه المصالح الإيرانية التي زادت من انكشاف الدولة والمجتمع على المزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمالية.

مأزق الدولة في لبنان تقابله قهقهات إسرائيلية صادرة عن بنيامين نتنياهو، وهو يراقب كيف أدخل حزب الله لبنان في نفق لا يستطيع الخروج منه، ولا البقاء فيه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان داخل أنفاق حزب الله لبنان داخل أنفاق حزب الله



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 13:45 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

بريشه : هاني مظهر

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:42 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل الخميس 29 -10-2020

GMT 21:53 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل 200 مؤسسة أكاديمية

GMT 12:24 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فتح باب الترشح لـ "جائزة كتارا للرواية العربية 2021"

GMT 09:40 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طُرق تنسيق "الشورت" الجلد لموضة شتاء 2021

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 10:24 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

فندق "فيلا كينيدي" قصة تاريخية أصيلة وموقع خلاب تعرف عليه

GMT 11:05 2018 الخميس ,09 آب / أغسطس

التضخم …آفة مهلكة

GMT 21:00 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إصدار جديد للروائية أحلام مستغانمي في "الشارقة الدولي للكتاب"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia