السعودية تنتظر رحيل اوباما قبل التسويات الكبيرة

السعودية تنتظر رحيل اوباما... قبل التسويات الكبيرة

السعودية تنتظر رحيل اوباما... قبل التسويات الكبيرة

 تونس اليوم -

السعودية تنتظر رحيل اوباما قبل التسويات الكبيرة

علي الأمين

العلاقة الاميركية الايرانية احتلّت العنوان الابرز في مقاربة ازمات المنطقة العربية، لا سيما في علاقة واشنطن بدول الخليج او بدول اخرى امتدّ اليها النفوذ الايراني في المنطقة. فهل سيشكّل التقارب بين واشنطن وطهران مؤشرا لاستقرار المنطقة ام انّ الصراعات فيها هي اعمق من موضوعات الخلاف الاميركي الايراني؟

لم تصل واشنطن وطهران الى اتّفاق نهائي يرسم الحدود النهائية في الملف النووي الايراني، ولا اطمأنت ايران بعد الى الغطاء الاميركي لما تعتبره مصالح تاريخية واستراتيجية لها في المنطقة العربية. لكن ثمة مسافة قطعها كلٌ من جهته باتجاه الآخر اظهرت بوضوح وجود مسعى حقيقي من كلا الطرفين، جادّ في بلورة علاقة استراتيجية بشروط لم تزل محل خلاف.

فالتقدم باتجاه الاتفاق النووي حقّق خطوات مرضية للطرفين، أدّت الى بدء عملية رفع العقوبات الاميركية، ولو بشكل محدود، عن ايران. كما ساهمت عملية الإنقاذ الاميركية للنفوذ الايراني اخيراً في العراق، من خلال استنقاذ ما تبقّى من الدولة العراقية، في تبيان وجود تقاطع مصالح في هذا البلد. وليس اخيرا وفّر السكوت الاميركي عن تمدد الحوثيين في اليمن، رغم الغضب الخليجي، تعويضاً عما خسرته ايران في العراق.

التقارب الايراني الاميركي وفّر حماية للدور الايراني في اكثر من دولة، وطوى الى حدّ كبير مرحلة العداء الايديولوجي، لتنتقل العلاقة الى مرحلة الخصومة الاعلامية، مترافقة مع تنامي مساحات التعاون بينهما حول العالم العربي.

هكذا نجح الرئيس الاميركي باراك اوباما في احداث هذا الخرق مع احد اقطاب "محور الشرّ"، بحسب التوضيف الاميركي، من دون ان يكلّف بلاده دفع اثمان الحرب، من جنود او مال وعتاد. وهذه الاستراتيجية هي نفسها التي دفعت اوباما الى اعلان انفتاح بلاده على كوبا. وهو مسار يكشف انّ الادارة الاميركية الحالية تنطلق من فرضية نشوء عالم جديد على انقاض آخر ينقرض.

وتسعى واشنطن الى وضع قواعد دولية جديدة في العالم الجديد، ابرز مؤشّراتها انّ واشنطن لا تريد اعداء لها بعد الآن. في ما يشبه سياسة "صفر أعداء" التي سوّقها ذات يوم "العقل المدبّر" للحقبة الإسلامية الأردوغانية في تركيا، أحمد داوود أوغلو.

فكلّما اقتربت المسافة بين واشنطن وطهران، ابتعدت المسافة بين الرياض وواشنطن. وبدا ان المملكة العربية السعودية تتّجه الى التفلّت من بعض قيود التحالف مع الادارة الاميركية. تفلت يجري التعبير عنه من خلال تصويب نخب سعودية قريبة من الحكم على ادارة اوباما وتظهير هشاشة دورها، والاشارة الى انكفائها عن ممارسة دور تفترضه هذه النخب تجاه ما التزمت به بوجه النفوذ الايراني...

يشير مرجع كبير في العراق الى انّ مشكلة اميركا ليست مع ايران وليست مع الاسلام الشيعي الذي تديره ايران في المنطقة، بل مع الاسلام السنّي. وبرأيه انّ هذا ما شجّع طهران وواشنطن على رفع سقف التعاون في "مواجهة الارهاب" ولتطوير التعاون الامني بينهما في اكثر من ساحة.

ما يقوله المرجع العراقي الرسمي بين اربعة جدران ليس مفاجئاً بالنسبة الى نخب خليجية. بل يوفر التقارب الاميركي الايراني مادّة عداء اضافية لواشنطن في البيئة السنية، والعربية منها على وجه الخصوص. فالنفور من سياسة الادارة الاميركية، وتحديدا من اوباما، احد وسائل الدفاع لاستيعاب الغضب الشعبي من هذه السياسة ومن انظمة الحكم التي طالما كانت متحالفة معها.

فتنظيم داعش ليس وجوده الا اشارة ودلالة على الغضب الذي يعتمل داخل البيئة السنية العربية اليوم. والقلق من داعش هو قلق سنيّ بالدرجة الاولى، اذ سيطال دولا وانظمة عربية ذات اكثرية سنية.

سياسة التقارب مع ايران تتمّ ، بحسب الكثير من السنّة والعرب، على حساب مصالح العرب. من هنا فإنّ السياسات الخليجية والعربية على العموم ستتجه اكثر فأكثر نحو مشاكسة واشنطن وسياساتها. فذلك أقلّ ضررا في محاولة امتصاص النقمة الشعبية.

المملكة العربية السعودية واحدة من هذه الدول وهناك مخاطر جدّية تتلمّسها، ستدفعها الى المزيد من الغضب، يجري التعبير عنه اليوم بانتقاد سياسات اوباما، وباستخدام سلاح النفط في مواجهة روسيا وواشنطن وايران.

الرياض تخوض مواجهتها، وهي تعدّ الايام التي تفصلها عن نهاية عمر الادارة الحالية. وتحمّل الرياض اوباما مسؤولية ما تدهور المنطقة العربية. وهي تسعى الى فرض وقائع جديدة تقوم على استبعادها التسويات الاقليمية الكبرى بشروط اوباما، بانتظار مغادرته البيت الابيض. وذلك في انتظار انتخاب الاميركيين ادارة جديدة يعتقد جزء كبير من النخبة السعودية الحاكمة انها ستكون ادارة جمهورية وانقلابية على سياسات اوباما في العالم العربي، واشدّ في شروط التسوية مع ايران.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية تنتظر رحيل اوباما قبل التسويات الكبيرة السعودية تنتظر رحيل اوباما قبل التسويات الكبيرة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia