الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن 1

الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن (1)

الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن (1)

 تونس اليوم -

الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن 1

علي الأمين

- اللجوء الى الدين او الطائفة في الحيّز العام يخرج المجتمع من الواقع

- ظل الحسّ القبلي لدى اللبناني هو الذي يسيطر على طبيعة انتمائه

من تعريفات الدولة الفاشلة أنها دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة أو غير فعّالة، لا تملك إلا القليل من السيطرة على جزء كبير من أراضيها. تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر فيها عددٌ من الأعراض، أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة.

العديد من الناشطين اللبنانيين على شبكات التواصل الاجتماعي طرحوا في الآونة الاخيرة فكرة اعلان لبنان دولة فاشلة، بسبب هذا العجز المقيم في سلطات الدولة واجهزتها عن القيام بمهماتها، كما قال الزميل والناشط اكرم عليق، وغيره ممن ذهبوا الى دعوة الانتداب الفرنسي مجددا الى لبنان. ربما هذان المطلبان يعبران عن شعور باليأس من قدرة اللبنانيين على الخروج من الأزمات المتحكمة والمتناسلة على مستوى الدولة والمجتمع. ويذهب البعض الى احالة كل هذه الأزمات الى النظام السياسي الطائفي الذي يحكم لبنان. ويتساءل المواطن: هل ان الأزمة هي ازمة هذا النظام الذي جرى تعديله في الطائف؟ ام ان الأزمة في مكان آخر؟ او أنها حلقات متسلسلة من المجتمع الى السلطة الى الدولة؟

ربما هناك خلل أكبر من خلل النظام الطائفي، هو ان الدولة فقدت مرجعيتها في كل ميادينها، ونقصد الدولة التي من مهماتها الايجابية تطبيق القانون، ومن مهماتها السلبية ان تكون الحكم النهائي بين المكونات السياسية والمجتمعية. سيادة الدولة مخترقة من الجميع. الكل ينصب نفسه مرجعاً فوق الدولة، لذا فقدت قدرتها على ممارسة دورها الى حدّ كبير يجعل من وصفها دولة فاشلة امراً جائزاً من دون ان نرفض التحفظ لدى البعض.

لبنان لم ينجز التحول الثقافي الذي يجعله على طريق تحقيق الدولة الحديثة. والمواطن اللبناني عموما تأثر بمنظومة العولمة والحداثة الغربية، لكنه اقتصر في نمط الحياة الشخصية. أمّا في الشبكة الثقافية التي ينتمي اليها فقد ظل الحسّ القبلي لديه هو الذي يسيطر على طبيعة الانتماء والاختيار. حسّ قَبَلي سواء في الانتماء الى الحزب او الطائفة. الانتماء هنا ظلّ انتماء عصبيا قبليا. في لبنان ليس هناك مجال لأن يمتلك الفرد حرية الاختيار في العقيدة وفي السياسة، لأن خروجه على الانتماء القبلي والعصبي يسبب له تهديدا اجتماعيا وليس قانونياً، وقد يصل الى حدّ هدر دمه اجتماعيا وعصبيا وليس قانونياً كذلك.

في لبنان هناك شكل ديمقراطي يمكن ان نلمسه في الدستور وفي القوانين يحكم الدولة اللبنانية، لكن يجب ان نقرّ انه ليست هناك قيم ديمقراطية في المجتمع، والعبارة الشهيرة التي تتردد لأحد الفلاسفة الغربيين تجد معناها في لبنان وفي كل مكان، وهي ان "لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين". بهذا المعنى الديمقراطية هي خاصية اجتماعية قبل ان تكون خاصية سياسية. في سلوكيات المجتمع نحن بعيدون عن الديمقراطية، وجاءت الأحزب لتستجيب لهذا السلوك وترسخه لا لتخفف منه او تلغيه.

من هنا فإن الثورات عموماً ان لم تحدث تحولات بنيوية في المكونات الاجتماعية والقيمية، فهي لن تكون الاّ تغييرا في الشكل، وما اللجوء الى الدين في ثورات الربيع العربي، تلك التي وصفها البعض بالصحوة الاسلامية... إلا مؤشر مرضي. لأنه كان هروباً من الواقع، وهروب المجتمع او عجز عن مواجهة استحقاقات الحداثة.

اللجوء الى الدين او الطائفة في الحيّز العام يخرج المجتمع من الزمن ومن الواقع.

يتبع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن 1 الاسلاموية والطائفية والخروج من الزمن 1



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia