نصر الأصغرين وصراعات المقتتلين على السلطة

نصر "الأصغرين".. وصراعات المقتتلين على السلطة

نصر "الأصغرين".. وصراعات المقتتلين على السلطة

 تونس اليوم -

نصر الأصغرين وصراعات المقتتلين على السلطة

طلال سلمان

ملاحظة على الهامش، تستدعيها المصادفة اللافتة المتكررة دورة بعد دورة: هل تتخذ إسرائيل من "المونديال" موعداً دورياً لحروبها على العرب، سواء أكانت ساحتها لبنان (1982) أم غزة (2002 ـ 2006) أم لبنان، مرة أخرى (2006)، أم غزة مجدداً (2010) ثم غزة للمرة الرابعة أو الخامسة أو السادسة (2014)؟.. لا يهم طالما أن العالم، والعرب ضمناً، لا يجرؤ على محاسبتها، وأقصى ما يمكن أن تصدره المنظمات والهيئات الدولية فضلاً عن العربية بيانات الشجب والاستنكار والإدانة المعنوية التي لا تعني شيئاً.
ومن أسف فإن الجبهات العربية الأساسية قد أقفلت، إما بالصلح المنفرد والخروج من الميدان، وهو صلح يكاد يوازي الخيانة في أي حال، بمعزل عن مبرراته، وإما بالانشغال في الداخل وهمومه الثقيلة التي أغرقت العديد من البلاد في حروب أهلية تنذر بتحقيق النتائج المفجعة التي عجز العدو الإسرائيلي عن إنجازها، أهونها التقسيم أو التشطير أو التفتيت تحت مظلة "أمير المؤمنين" الداعشي أو "خلفائه" الفاتحين.
إن مصر المنهكة قد أخرجها رئيسها الذي خاف من النصر فاختار الصلح المنفرد، لتغرق اليوم في مشكلاتها الداخلية الخطيرة التي فجرت فيها ثورتين رائعتين أسقطتا نظام الطغيان فعلاً، مرتين ولكنهما عجزتا ـ لظروف كثيرة ومعقدة ـ من إعادتها إلى دورها المفتقد كقيادة مؤهلة للأمة جميعاً في معارك التحرر والتحرير وبناء الغد الأفضل.
كذلك فالحرب في سوريا وعليها، التي أنهكت دولتها ومزقت أرضها وشرّدت أكثر من ثلث شعبها في الداخل أو في الخارج، قد باتت خارج الميدان الفعلي للمواجهة مع العدو الإسرائيلي، وستتأخر عودتها إليه، بقدر ما تتأخر عودتها إلى ذاتها وإلى دورها الذي لا بديل منه في أي معركة تتصل بتحرير إرادة الأمة بدءاً من أرضها.
أما العراق فقد تحول من قوة قادرة تتمثل في جيش مؤهل ومعزز القدرات، إلى بلد تلفحه نيران الحرب الأهلية ويتهدده التقسيم، إن لم يكن على أساس عنصري فعلى قاعدة عرقية وأخرى مذهبية.
وهكذا تحولت القوى العربية المؤهلة والقادرة على مواجهة العدو الإسرائيلي من مصدر أمل في التحرر والتحرير إلى عبء ثقيل يقعد بالأمة عن أهدافها ويزجها في أتون من المخاطر المصيرية، خصوصاً وأنه يتجاوز السياسة إلى الطائفية والمذهبية، وكلاهما أشد تهديداً لمستقبل الأمة من إسرائيل.
فأما لبنان الذي حقق مجاهدوه في "حزب الله" معززين بالتفاف الشعب حولهم ومساندة جيشه نصراً مبيناً حين هزموا ـ مجتمعين ـ الحرب الإسرائيلية وأسطورة الجيش الذي لا يقهر في مثل هذه الأيام من العام 2006... وهي هزيمة لن تنساها إسرائيل، وهي تعد العدة، بالتأكيد، للثأر من لبنان ومقاومته في أية فرصة تسنح لها.
كذلك فإن مجاهدي غزة قد أفشلوا الحروب الإسرائيلية المتكررة على ذلك القطاع من فلسطين المحاصر براً وبحراً وجواً، بما يشبه شراكة غير معلنة بين بعض العرب والعدو الإسرائيلي،
... وها هي غزة بشعبها الفقير المحاصر حتى التجويع
تواصل القتال، مرة أخرى، لوحدها، وهي ما تزال في أسار الحصار، وقد أكد "شعبها" الفلسطيني فيها قدرته على الصمود بل والمواجهة فوق أرضه مستعيناً بحقه في الحياة وبعض الدعم الذي توفر له من جهات ما تزال ترى في الصلح مع العدو خيانة لأهداف الأمة في التحرر وحقها في الحياة بكرامة.
ليست الهزيمة قدراً. والأمة لم تتأخر يوماً عن تلبية النداء من أجل تحرير الإرادة وتحرير الأرض. ومن الترف أن نحاسب المنتصر على نصره بذريعة أن شعاره السياسي المعلن يناقض التوجه العام لحركة التحرر والتحرير... فلقد قاتل الشعب الفلسطيني في غزة جميعاً، بصموده وبدعمه للمجاهدين الذين تصدوا للعدوان الإسرائيلي بما ملكت أيمانهم من أسباب الدعم بالسلاح والقدرات المادية، وحققوا إنجازاً باهراً يؤكد القاعدة: أن الأمة قادرة، وأن الناس البسطاء، الفقراء حتى العظم، والذين فقد الكثير منهم بيته ومصدر رزقه قادرون على العطاء بعدُ، وأن العيب "فوق" في القيادات التي تقتتل على السلطة ولو دفعت الأوطان الثمن من وجودها... وأن الشعارات ليست مصدر العزيمة بل إرادة الناس البسطاء والطيبين.
وليس بالحروب الأهلية ذات الشعار الطائفي يكون النصر على إسرائيل وإنجاز التحرير... ولا بناء الدول التي يذهب بها الصراع على السلطة فيها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصر الأصغرين وصراعات المقتتلين على السلطة نصر الأصغرين وصراعات المقتتلين على السلطة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia