بين عرسال وغزة للأرض القداسة والجهاد

بين عرسال وغزة: للأرض القداسة والجهاد ..

بين عرسال وغزة: للأرض القداسة والجهاد ..

 تونس اليوم -

بين عرسال وغزة للأرض القداسة والجهاد

طلال سلمان

ليست عرسال في أعلى البقاع الشمالي، على التخوم اللبنانية مع سوريا، غزة هاشم في فلسطين التي تقاتل بلحمها الفولاذ والنار والعنصرية الإسرائيلية.
عرسال رهينة عصابات مسلحة يختلط فيها المغامرون والمنافقون من حملة الشعار الديني والمرتزقة الذين جاء بهم الذهب (العربي غالباً والأسود حكماً) إلى حرب في بلاد الآخرين لا يعنيهم إن هي احترقت بأهلها جميعاً وامتدت نيرانها إلى الإخوة في جوارها... فلا هم أبناء الأرض ولا يعنيهم مصير شعبها بل إنهم «عابرون في كلام عابر» كما وصف محمود درويش الإسرائيليين الذين يحاولون الآن اغتيال غزة بشعبها جميعاً فتنتصر عليهم بدمائها و«تحرس ورد الشهادة».
وليس أهل عرسال بحاجة إلى من يهديهم إلى الإسلام، فقد أخذهم إيمانهم إلى الجهاد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وكانوا في طليعة المقاومين لانحراف «حكم 17 أيار» عن النهج الوطني وإقدامه على محاولة جر لبنان إلى اتفاق العار 1983.
لقد اعتمد أهل عرسال، كما الأكثرية الساحقة من المؤمنين، القاعدة التي تقول إن حب الوطن من الإيمان..
... وها هو الإيمان بالدين الحنيف يؤكد نفسه عبر هذه المواجهة الأسطورية التي يخوضها الشعب الفلسطيني في غزة هاشم ضد قاتل الأطفال والمستشفيات والنور والمدارس وبيوت الذين شرّدهم ـ من قبل ـ بعيداً عن مدنهم وقراهم وبياراتهم، ويطاردهم اليوم بصواريخ طائراته وقذائف دباباته ومدافعه في حرب إبادة أمام عيون العالم المفتوحة بالخرس على جرائمه.
عرسال رهينة الآن، ولكنها لم تفقد قدرتها على الصمود، خصوصاً وقد أدركت بالمحسوس أن لا حاضنة لها إلا وطنها بقواته المسلحة وأهلها فيه.
ولقد أثبتت تجربة غزة، بالحروب الإسرائيلية الأربع أو الخمس أو الست، أن الإيمان بالأرض هو صميم الدين، وأن الجهاد الحق هو الجهاد من أجل الأرض التي لها قداستها المؤكدة، وأن الإيمان بالأرض بشعبها جميعاً هو في صميم الدين.
التعصب جهل بالدين يأخذ إلى التفريط بالوطن، بينما الإيمان بالأرض وحق أهلها فيها هو الجهاد بعينه. وليس الخروج على الوطن أو منه دخولاً في الدين، بل هو كفر صريح.
لقد طوّر «الإخوان المسلمون» في غزة موقفهم تجاه الأرض وقداستها تحت النار الإسرائيلية، فانتبهوا إلى أنهم شركاء في الأرض كما في الدين مع سائر مواطنيهم، لا يمتازون عنهم إلا بمقدار ما يبذلون في الجهاد من تحرير أرضهم وحماية حق أهلها فيها.
أكد أهل غزة إسلامهم، الذي لا حاجة لتأكيده، بجهادهم لحماية أرضهم في وجه حرب القتل الجماعي والتدمير الشامل التي شنها العدو الإسرائيلي... ولقد منحوا «الإخوان» شرف قيادتهم في هذه المواجهة الباسلة نتيجة التلاقي على الإيمان بالأرض وحمايتها، وليس لأنهم يصلّون ويتهجّدون ويقرأون كتب السلف الصالح أكثر منهم.
وتتبدى الفروق واضحة إلى حد الإيلام بين توسل الشعار الديني طريقاً إلى السلطة ولو بتمزيق وحدة الشعب وتهديد كيانه السياسي، كما جرى في مصر وكما يجري في أنحاء عربية كثيرة بينها العراق وسوريا وليبيا، وبين وضع الدين في موقعه الصحيح كجامع بين أهل الأرض مؤكد لإيمانهم بوطنهم وحافز للجهاد من أجل حفظها ولو بسيل من الدماء الطاهرة.
ونعود إلى عرسال المحاصرة بفلول التنظيمات والعصابات التي تلاقى تحت ظلال أعلامها السوداء أشتات من المقاتلين الذين يجعلون الدين ستاراً لأغراضهم سواء السياسية (ولو بالإجرام، بشهادة السيارات المفخخة) أو المادية (بشهادة ضروب الابتزاز وفرض الخوة على الناس.. وكما حال عرسال الآن، وهي أشبه بالرهينة).
إن اللبنانيين جميعاً يعيشون مع عرسال في محنتها الراهنة. وها هو الجيش الذي قدّم أمس كوكبة من شهدائه فيها (11 شهيداً) قد بعث بنخبته المقاتلة لإسنادها وتحريرها من العصابات التي تحاول السيطرة عليها، باستخدام شعارات السرطان المذهبي.
إن عرسال رهينة، ومن الواجب العمل على تحريرها بكل الوسائل، خصوصاً أن استرهانها يتحوّل إلى مصدر خطر حقيقي على محيطها جميعاً، بل على الوطن، كل الوطن.
وموقف أهالي عرسال هو أساس النجاح في تحريرها... وليس الجيش ـ جيشها ـ وافد غريب، كما العصابات التي تسترهنها، بل إنه يدفع من دماء أبنائنا جميعاً ثمن هذا التحرير.
أما «الجهاد الحق» فهو في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي يحرق بنار أحقاده وعنصريته غزة هاشم، مرة جديدة.. وليس باستخدام عرسال ذريعة للتنصل من واجب حماية الوطن بذريعة حماية الطائفة. وعرسال كانت دائماً طليعة في أداء هذا الواجب، وجدران منازل أهلها مضاءة بصور الشهداء من أبنائها الذين سقطوا في ميدان مواجهة العدو الإسرائيلي كما في مواجهة الطغيان الداخلي الذي حاول أن يموّه نفسه بشعارات طائفية لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين عرسال وغزة للأرض القداسة والجهاد بين عرسال وغزة للأرض القداسة والجهاد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia