تشييع الحركة النقابية

تشييع الحركة النقابية..

تشييع الحركة النقابية..

 تونس اليوم -

تشييع الحركة النقابية

طلال سلمان

... وبعد تشييع «هيئة التنسيق النقابية» في مواكب احتشد فيها عشرات الآلاف من أساتذة التعليم الرسمي والخاص، معززين بآلاف أخرى من الموظفين والأجراء الذين تصوّروا أن اجتماعهم في تظاهرات موحدة ملأت بجماهيرها شوارع بيروت، واعتصمت أمام أبواب الوزارات والإدارات الرسمية،
... وبعد مفاوضات استطالت شهورًا، ووعود وتعهدات بإقرار سلسلة الرواتب والأجور، فور تعديلها في المجلس النيابي الذي لا يكتمل نصابُ جلساته إلا للتمديد لنوابه...
بعد ذلك كله ونتيجة له، على الأرجح، تكاتف أهل النظام، وبينهم أرباب العمل وأصحاب المدارس الخاصة، والقلة من الصناعيين، معززين بتهويل أصحاب المصارف بأن إقرار السلسلة يدمر حركة الإنتاج ويتسبّب بصرف آلاف العمال والأجراء، فاغتالوا آخر ما كان تبقى من الحركة النقابية: هيئة التنسيق.
فرغ الشارع من الجماهير التي وحّدتها المطالبُ المحقة، فتجاوزت الانتماءاتِ الطائفيةَ والمذهبيةَ لتتوحد حول حقها في نصيبها من ناتج عملها، في الإدارة الرسمية أساسًا كما في القطاع الخاص.
على أن الأخطر كان سقوط الدولة الجامعة كمرجعية واحدة لشعبها بفئاته المختلفة، هي مركز القرار وهي المسؤولة والمعنية والقادرة ــ بقوة القانون ثم بموقعها كأكبر رب عمل ــ على إنصاف «رعاياها»، سواء أكانوا موظفين فيها أم أجراء وعمالًا يبيعون علمَهم وجهدَهم وعرقَ الجباهِ لإداراتها ومؤسساتها أو لأرباب العمل في القطاع الخاص.
ها نحن نشهد الآن تحركاتٍ مطلبيةً لفئات من العاملين في مؤسسات شبه رسمية تتوجه بمطالبها، وبغض النظر عن مدى «شرعيتها»، إلى مراجعَ دينيةٍ طارحةً «ظلامتها» بمنطق طائفي، بافتراض أن هذه المراجع أقوى من الدولة، أو أنها «تمون» عليها.
وإنه لأمر طريف أن تصبح المرجعيات الدينية بديلًا من الهيئات النقابية توجه إليها المطالب «لتتدخل» بنفوذها لدى الدولة فتلزمها بإنصاف المغبون في مرتبه أو في تعويض صرفه.
إنها، ببساطة، رصاصة الرحمة تطلق على تاريخ العمل النقابي في لبنان الذي لعب ــ تاريخيًّا ــ دورًا بارزًا في إضفاء قدر من الحيوية على الحياة السياسية، كما نجح في كسر حدة طغيان الطائفية والمذهبية على العمل العام، بمختلف تياراته ووجوه نشاطه، وَأَهَّلَ الحركة النقابية اللبنانية لأن تحتلَ موقعًا رياديًّا على مستوى الوطن العربي، بل إنها قد لعبت دورًا في الحركة النقابية الدولية مما خَفَّفَ من بشاعة النظام الطوائفي في لبنان.
الطائفية من أمامكم والمذهبية من خلفكم فأين المفر؟!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشييع الحركة النقابية تشييع الحركة النقابية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia