باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل

باسكال صوما: حبّ أكثر لقلبك الطفل!

باسكال صوما: حبّ أكثر لقلبك الطفل!

 تونس اليوم -

باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل

طلال سلمان

أين تختزنين كل هذا الشغف، كل هذا العشق للحياة، كل هذه التجربة المريرة والقدرة على صياغتها شعراً، أيتها المرأة التي كنت أظنك طفلة فإذا أنتِ غارقة في لجة العشق، تتجرّعين مرارات الصد أو الهجر ولوعة الفراق قبل أن تسكبي قلبك على الورق شعراً مصفّى؟
] «كان حبك آخر نقطة/ تسقط على التراب/ بعد ذلك أتى المطر..»
] «كنت أريد أن أحبك، لكنني حزينة بما يكفي..»
] «الصمت أن تعجز عن فتح باب غرفتك، حتى للصلاة».
مَن علّمَك الشعر، أيتها الصغيرة التي اكتشفت، متأخراً، أنك قلب يمشي بساقين قصيرين وقدمين كانتا لحمامة قبلك؟
هو الحب، إذن، مَن أنضجك باللوعة والهجر:
] «هي رغبتي في الدوران حولك/ حين لا تكون هنا».
«كلهم لا يفهمون كيف تدور امرأة جميلة حول بحر مستطيل/ ليس هنا..».
هو الحب مَن أبكاكِ قهراً، ومَن أطال ليلك بالسهر، مَن جعلك سماء تعملين نهاراً في البكاء وتصيرين في الليل وسادة... وغيَّب أحلامك:
] «حين غادرت الريف على عجل/ قررت أن أتحول طريقاً في دقيقتين..
« خيبتي أنني لم ألتقِ بالماغوط/ ثم أن البحر كان دوماً يرثي حنا مينا..
«ربما ولدت متأخرة على الحلم..»
.. ولكنك ابنة جيل آخر، يا بنية، لا أنتِ مهجّرة من «القضاء السليب» اسكندرون، ولا أنتِ منسيّة عليك اقتحام الدنيا بالشعر، كابن السلمية.. فلتكوني أنتِ، فما الذي دفعك إلى الأطراف بينما بيروت تلتهمك ولا تبقي لك لحظة فراغ لاستذكار غيرها من العواصم المتوهجة بالشعر والنغم؟!
ربما أصير أقربَ إلى فهمك متى قرأت:
] «حين تكون هنا يتراشق الناس بالقبل، أطفال الشوارع يقرأون نجيب محفوظ..
و «/البحر يذهب إلى الكنيسة/ بثياب النوم/
«حين تكون هنا/ تبتسم لي الشوارع/ تحتضنني المدينة/ بيديك..»
ولكنّك تصعّبين الأمر عليّ مع كل «مربع» جديد من لوعتك:
] «الخوف حرب أيضاً/ هاتوا كل حروبكم وخذوا الحرب مني..
] «أنت والشعر ضدان/ كلما أحببتك تفلت مني القصيدة..»
... ولكنك رقيقة جداً، يا صغيرتي، أخشى أن تذوبي قبل أن تكملي الديوان:
] «لم أكن أريد أن أحبك/ يحدث أن تغتسل مدينة حزينة ببعض المطر..»
] «الخاتم ضيّق على حزني/ أهدني ابتسامة..»
] «في غرفتي سريران/ واحد لي/ والآخر لي أيضاً..»
ولكنّك لست «النحلة مسلوبة الجناحين تطيرين إلى العمق، ولا الشمس تعود أحياناً ـ رغماً عنها ـ إلى عالم يثقبها كلما استنار، وان كان عندك حزن يكفي لتدهسي العالم ولكنك لم تفعلي..» و»بقي خوفك من أن تخرج فاصلة من النص وتفضح كل شيء»..
تدهمك المأساة التي خارجك في «العواصف المنسية على أطراف العالم، وفي اللعب التي لم يعد لها أطفال والبطون التي تحوّلت قبوراً/ والخوف الذي يأكل أظافر الناس وأصابعهم ولون أعينهم وأعين العالم لأن هناك حزناً يكفي لتفتيت قلبك الكبير».
وكيف يكون «حظك الخمول أجمل ما في العالم» مع أن الحب «أن نتشابه إلى الحد الذي يجعلنا ظلاً واحداً؟ وعندك حزن يكفي لتدهسي العالم ولكنك لم تفعلي»؟
«أنت غريبة عن هذه البلاد»، هل هذا يكفي لكل الحزن الذي يفيض عن ديوانك الصغير مثلك، وأنت «تشترين أول رحيل أصادفه».. كأنك تخشين أن يسبقك أحدهم «إلى الرحيل المقبل».. مع أن في داخلك «شعباً يريد السقوط؟»
هي الوحدة إذن: «هل كلمت سقفاً فوق رأسك؟ ثم أنهيت بكاء طويلاً قائلاً: تصبح على خير؟».
تبلغ المأساة مع هذه الشاعرة التي «تريد موتاً ضاحكاً» مع ترنيمة الضياع الكامل:
] «سيدي في هذه الحانة رجل يخصّني/ سيدي أريد أن أدخل/ ـ لا نساء هنا..
«أخلع كندرتي عند الباب/ وأدخل عارية إن شئت/ وألبس حجاباً أو عمامة..
ـ لا نساء هنا! /ـ سيدي أدفع لك ثروتي/ أعطيك أساوري/ أهديك منزلي/ في الحانة رجل يخصُّني/ ـ أبداً/ خذ سيارتي، إنها جديدة/ هاك المفتاح/ في قريتي عصافير طليقة/ أمسّد سريرك، أكوي ثيابك/ أحضر لك الطعام/ أكتب بساتين اللوز لك أسجنها لك/ أشتري لك قميصاً جديداً/ أهديك لوحة جميلة، إذا شئت أعطيك نهداً من نهدي.. أو واحداً من الأصابع التي أحبها/ إنما سيدي، لا تردَّني خائبة..
ـ هاتي سيجارة/ هاك علبة، إنما سيدي في الحانة رجل يخصّني هلا أدخلتني؟
ـ هذه ليست حانة. انها جنازة. أدخلي..»
ولكن، لماذا أيتها الصبية، تشترين أول رحيل تصادفينه خشية أن يسبقك أحدهم إلى الرحيل المقبل؟ هل لأنك تكلمين السقف فوق رأسك، وتريدين موتاً ضاحكاً وهذا كل شيء.. وفي داخلك شعب يريد السقوط؟
لن أتورط في الوعظ. لن أنصحك كرجل عجوز يتأهّب دائماً لاصطياد من يمر به بالقول «أحبي اسمك». فاتركيه وشأنه في قلبك ولا تهربي من نفسك، والنبض يأتي دائماً.. فقط أنظري حولك، سترين الدنيا أوسع، ولا تحتاجين فيها إلى التخفي بل الحضور.
أنتِ من يتخفَّى الآن. وشعرك أقوى من أن يهجرك لتغرقي في النوم الطويل، وأقوى من أن يقفل بابك ولسوف تفتحين يدك مرة أخرى وستجدينه.. وعليك في مرحلة متقدمة أن تحبي اسمك. والقسوة لا تنتج الحب، والخرافة تظل خرافة أما الحب فيحتاجك لتكتبي ديوانه الجديد.
«العائدون من حزنهم/ كالذاهبين إليك»
«الحب أن أتركك وشأنك في قلبي»
القسوة، أحياناً، تعبير فج عن الحب، فاتركيه وشأنه في قلبك واكتبي له مزيداً من الشعر، وسيأتي النبض مرة أخرى، وفي كل قسوتك ستحبين أكثر.
فقط، أحبي نفسك أكثر: فعلينا في مرحلة متقدمة أن نحبّ أسماءنا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia