ملامح سنة أصعب

ملامح سنة أصعب

ملامح سنة أصعب

 تونس اليوم -

ملامح سنة أصعب

غسان شربل

شهدت الأسابيع الأخيرة من العام الماضي سلسلة لقاءات وتحركات لتغليب خيار التفاوض على خيار التقاتل في الحرائق المفتوحة في المنطقة. في هذا السياق يمكن إدراج اللقاءات التي عقدت بشأن الحرب في سورية والحرب في اليمن والوضع البالغ الخطورة في ليبيا.
وأدى بروز إجماع إقليمي ودولي على ضرورة إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش» إلى ظهور رهان على أن تكون السنة الجديدة أفضل من السابقة بمعنى أن تشهد انحسار هذا التنظيم الإرهابي وحرمانه من القدرة على تهديد دول وخرائط. وثمة من ذهب أبعد وراهن على أن روسيا التي تدخلت عسكرياً في سورية في العام الماضي ستكون بأمس الحاجة إلى صناعة السلام في سورية في السنة الجديدة تفادياً للغرق في وحول نزاع باهظ التكاليف على كل المستويات. وأن حاجة روسيا إلى هذا السلام ستدفعها إلى التدخل لدى إيران لتسهيل إنهاء الحرب في اليمن والانخراط في الجهد الدولي لمنع النار الليبية من التمدد في أكثر من اتجاه.
في الأيام الأولى من السنة الحالية لا تبدو هذه الأمنيات قابلة للتحقيق والأسباب كثيرة.
عشية بدء السنة الجديدة أقر الرئيس فلاديمير بوتين الوثيقة العسكرية الجديدة التي حملت بعض التعديلات على ما تبلور في مطابخ الجيش الروسي في السنوات الأخيرة. وإذا كانت الوثيقة اعتبرت الإرهاب البند الأول في لائحة الأخطار فإنها تضمنت أيضاً إشارة إلى أن أدوار حلف الناتو وتحركاته وتمدده تحمل تهديداً محتملاً للأمن القومي الروسي. وإذا أخذنا في الاعتبار السلوك الميداني للجيش الروسي في سورية ومحاولته فرض وقائع جديدة على الأرض تغير ملامح الحل المطروح للأزمة يصعب توقع تعاون أميركي - روسي حقيقي وفاعل على مستوى المنطقة لإخماد حرائقها.
لسنا في الطريق إلى قرار أميركي - روسي باستدعاء أهل الشرق الأوسط إلى طاولة المفاوضات. أغلب الظن أن روسيا ستحاول تحقيق المزيد مستفيدة من النهج الانسحابي لإدارة باراك أوباما وبانتظار أن تنتهي السنة باتضاح اسم الساكن الجديد في البيت الأبيض.
القرار الدولي الحازم مستبعد والقرار الإقليمي غير موجود أصلاً. بدايات السنة توحي أننا نتجه إلى وضع إقليمي أكثر تعقيداً. هذا ما كشفته الأزمة الحادة بين إيران والسعودية وما تخللها من تصريحات عنيفة واعتداءات استهدفت السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران إثر تنفيذ الأحكام بـ47 مداناً في المملكة.
لا شك أن ظهور تنظيم «داعش» وتمدده على مساحات واسعة من العراق وسورية شكل تطوراً خطراً ومقلقاً. لكن لا بد من الالتفات إلى أن مشكلة المنطقة لا تختصر بظهور «داعش» وممارساته الإرهابية. عمق ظهور التنظيم حالة الانهيار في المنطقة وضاعف الأخطار لكن الانهيار كان بدأ عملياً قبل إطلالته. صحيح أن «داعش» حول الإرهاب معضلة إقليمية ودولية وتصدر لائحة الأخطار لكن الصحيح أيضاً هو أن المنطقة مصابة أصلاً بمرض نقص مناعة مجتمعاتها ودولها خصوصاً بعدما أدت سنوات من الثورات والاضطراب والحروب بالواسطة إلى اقتلاع ركائز الاستقرار.
الخلاف السعودي - الإيراني ليس جديداً. دخل مرحلة جديدة حين عاودت إيران سياسة تصدير الثورة إثر سقوط نظام صدام حسين. ضاعفه الحديث عن «هلال» يضم بغداد ودمشق وبيروت. زاده حدة النزاع المدمر في سورية. ألهبته المغامرة الحوثية في اليمن. شعرت السعودية بمحاولة للتطويق عبر البحرين والعراق واليمن. ورفضت على نحو قاطع التسليم بأن إيران صارت مرجعية دينية وسياسية للشيعة العرب معتبرة أن من شأن ذلك تمزيق الخرائط وطي صفحة ترميم الاستقرار وفتح الباب لحروب لا تنتهي.
ينذر أي تصاعد للأزمة الجديدة بين السعودية وإيران باستقطاب حاد في العالم العربي والإسلامي. كما ينذر بتعميق خيار المواجهة في الأزمات التي كان يؤمل أن تسلك طريق المفاوضات. كانت السنة الماضية صعبة للغاية. بدايات الحالية توحي بأننا نتجه إلى ما هو أصعب.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملامح سنة أصعب ملامح سنة أصعب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia