هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية

هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية

هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية

 تونس اليوم -

هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية

خيرالله خيرالله

ليس سهلا أيضا ترك الأمور تتدهور في بلد يمتلك أهمية استراتيجية كبيرة في المنطقة دون طرح سؤال في غاية البساطة: 'هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية وما بقي من مؤسساتها'.

يبدو الوضع اليمني أسوأ بكثير مما يعتقد. فالحوثيون (أنصار الله) لم يتركوا مؤسسة من مؤسسات الدولة إلّا ووضعوا يدهم عليها. هذا ما جعل الدكتور عبد الكريم الإرياني، مستشار رئيس الجمهورية الانتقالي عبد ربّه منصور هادي، يدقّ ناقوس الخطر.

ربّما أدرك الإرياني، أيضا، أن الاهتمام الدولي والعربي وحتّى الخليجي ليس في مستوى الحدث، خصوصا أن القمة الخليجية الأخيرة التي انعقدت في الدوحة لم تتطرّق إلى الوضع اليمني ما فيه الكفاية. اكتفت بدعوة الحوثيين إلى الانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها بواسطة الميليشيا التابعة لهم. هل “أنصار الله” في وارد الاستجابة لمثل هذه الدعوة، والتخلي عن مشروعهم الذي يستهدف، في نهاية المطاف، جعل جزء من اليمن، إذا لم يكن اليمن كلّه، تحت سيطرة إيران؟

هناك دولة تتشظّى في اليمن. لدى هذه الدولة حدود برية طويلة مع كلّ من المملكة العربية السعودية ومع سلطنة عُمان. من الصعب التكهّن بالنتائج التي ستترتب على هذا التشظي، خصوصا في ما يخصّ الانعكاسات على أمن الخليج ككل.

الثابت أن اليمن الذي عرفناه لم يعد قائما. الدليل على ذلك عودة الكلام عن الإقليميْن في إطار وحدة كنفدرالية. وهذا يعني في طبيعة الحال تجاوز ما أسفر عنه مؤتمر الحوار الوطني الذي أقرّ “الدولة الاتحادية” ذات “الأقاليم الستة”. لا مشكلة مع الإقليمين أو مع الأقاليم الستّة. المشكلة هل يبقى شيء من الدولة اليمنية التي يتناتشها “أنصار الله” و”القاعدة”؟ كيف ستتعاطى دول مجلس التعاون مع انهيار الدولة في اليمن، الذي يمتلك أيضا حدودا بحرية طويلة تمتدّ من بحر العرب إلى البحر الأحمر، مرورا بمضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يمكن أن يقفل الطريق البحري بين الخليج وقناة السويس؟

قليلون لا يعترفون بأنّ الدكتور عبد الكريم الإرياني من أبرز السياسيين اليمنيين. هناك حاليا خلاف بينه وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح المقيم في صنعاء. وقد وجّهت إلى الرئيس السابق كلّ أنواع الاتهامات، التي لا تستند إلى وقائع، في شأن التحالف القائم بينه وبين الحوثيين. توّج هذا الخلاف بين الرجلين بفصل الإرياني من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي لا يزال علي عبدالله صالح على رأسه.

حتّى الآن، اكتفى “الدكتور عبد الكريم”، كما يناديه اليمنيون والأصدقاء، بالحديث إلى صحيفة “26 سبتمبر” الناطقة باسم القوات المسلّحة اليمنية، وإن بلغة الشكوى، عن العلاقة “الغامضة” القائمة بين حزب الرئيس السابق و”أنصار الله”. لم يذهب إلى أبعد من ذلك في خلافه مع علي عبدالله صالح. أشار إلى أن العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام و”أنصار الله” لا تسهّل، من وجهة نظره، تحسّن الأوضاع في البلد، كما أنّ لا طابع إيجابيا لها. لكن أهمّية الحديث، وهو الأخطر من نوعه على الصعيد اليمني منذ فترة طويلة، يكمن في طرحه المباشر للأخطار التي تحيق بالدولة اليمنية بسبب التمدّد الحوثي.

يطرح الرجل في حديثه المباشر والصريح مصير الدولة اليمنية في ضوء ممارسات “أنصار الله” الذين سيطروا على صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي. وصل به الأمر إلى حد القول، استنادا إلى تسلسل الأحداث: “عمليا هُدمت الدولة. إن اليمن دولة معروفة في كلّ أنحاء العالم وعلمها مرفوع في سفارات لها في أربعين دولة، وهو مرفوع أيضا في جامعة الدول العربية، فكيف يزعم أنصار الله أنّه ليست هناك دولة”؟

لم يكتف الإرياني بذلك، بل حذّر من البعد الإقليمي لتمدّد الحوثيين. قال في هذا المجال بعدما شرح العلاقة التي تربطهم بإيران أنّه “عندما دخل أنصار الله صنعاء وسيطروا عليها، لم ترحّب بذلك الحدث أية عاصمة في العالم، لا عربية ولا إسلامية ولا غير ذلك. لكنّ كل التصريحات التي وردت من مسؤولين إيرانيين رحّبت بسيطرة الإخوة أنصار الله” على صنعاء. هذا الكلام يثير تساؤلات”.

نعم، هذا الكلام يثير الكثير من التساؤلات، خصوصا في ضوء المشروع الإيراني في المنطقة وقيام “دولة داخل الدولة”، على حد تعبير مستشار الرئيس اليمني الذي أمضى سنوات طويلة في موقع رئيس الوزراء ووزير الخارجية.

يذكّر كلام السياسي اليمني العتيق بدولة “حزب الله” القائمة في لبنان، مع فارق أن اللبنانيين لم يقبلوا بها بأكثريتهم الساحقة وما زالوا يقاومونها يوميا من منطلق تعلّقهم بثقافة الحياة ورفضهم الخلط بين السياسة والغرائز المذهبية. هناك في اليمن من يقاوم الحوثيين. الخوف كلّ الخوف أن يأخذ الصراع في البلد طابعا مذهبيا بحتا كلّما اقترب “أنصار الله” أكثر من المناطق الشافعية في الوسط والجنوب.

لا تتوقّف المقارنة بين تصرّفات “أنصار الله” و”حزب الله” عند هذا الحد. هناك في اليمن تساؤلات عن الأسباب التي تجعل دول الخليج تمتنع هذه الأيّام عن مساعدة البلد، مثلما هناك تساؤلات في لبنان بشأن غياب عرب الخليج عنه. الفقر يزداد في اليمن. الناس في حاجة إلى طعام. صحيح أن هناك دولا على رأسها المملكة العربية السعودية، تقدّم مساعدات غذائية، لكنّ الصحيح أيضا أن ليس ما يشير إلى إمكان تحسّن الوضع الاقتصادي والمعيشي في ظلّ الرغبة التي يبديها “أنصار الله” في جعل اليمن قاعدة إيرانية.

الأكيد أنّ اليمن عند منعطف. ماذا سيبقى من البلد؟ ما هي حدود الدولة التي سيقيمها “أنصار الله” الذي يبدو أن شهيتهم لا حدود لها؟ ما مصير الجنوب؟ هل يمكن أن يعود دولة مستقلّة بحدود ما قبل العام 1990، تاريخ تحقيق الوحدة؟

في كلّ الأحوال، يبدو كلام عبد الكريم الإرياني عن التهديد الذي تتعرّض له الدولة اليمنية في مكانه. ماذا سيفعل الخليجيون في حال قامت دولة اللا دولة على حدودههم؟ هل يمكن إقامة جدار على طول الحدود مع اليمن، وعزله كلّيا عن شبه الجزيرة العربية؟ هل هذا ممكن؟

ثمّة حاجة إلى مقاربة مختلفة. ليس سهلا العثور على حلّ سحري. ولكن ليس سهلا أيضا ترك الأمور تتدهور في بلد يمتلك أهمّية استراتيجية كبيرة في المنطقة دون طرح سؤال في غاية البساطة: “هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية وما بقي من مؤسساتها؟ إن طرح مثل هذا السؤال أهمّ بكثير من التلهي بالقشور، أي محاولة معرفة طبيعة علاقة علي عبدالله صالح بـ”أنصار الله” بعدما صاروا في صنعاء والحديدة، وفيما يسعون إلى تطويق تعز…

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية هل فات أوان إنقاذ الدولة اليمنية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia