نهاية 2015 بداية لتاريخ جديد للمنطقة

نهاية 2015.. بداية لتاريخ جديد للمنطقة

نهاية 2015.. بداية لتاريخ جديد للمنطقة

 تونس اليوم -

نهاية 2015 بداية لتاريخ جديد للمنطقة

خيرالله خيرالله

ما شهدته السنة الماضية ينبئ بسنة حبلى بالأحداث المرعبة، خصوصا في سوريا التي تحولت 'ساحة' اختبار وتجارب لكل الأسلحة.

تنتهي السنة 2015، تماما كما بدأت. تنتهي بالإرهاب بأبشع صوره المتمثل في عملية تبادل سكاني من منطلق مذهبي في سوريا. تنتهي السنة وسط خوف كبير من 2016.

كانت نهاية 2015 بداية تاريخ جديد للمنطقة وفتحا لصفحة جديدة عنوانها التطهير المذهبي برعاية دولية.

ما شهدته السنة الماضية ينبئ بسنة حبلى بالأحداث المرعبة، خصوصا في سوريا التي تحوّلت “ساحة” اختبار وتجارب لكلّ الأسلحة، خصوصا بعدما بدأت إيران تمارس لعبة التطهير المذهبي، فيما يعتقد فلاديمير بوتين أن هذا البلد صار الحقل الأفضل لفعالية الأسلحة الروسية وتنفيذ مناورات بالذخيرة الحيّة تطلق على ناس حقيقيين.

من أعجبته 2015، سيغرم بـ2016 التي ستكرّس وجود مجموعة من الدول العربية الفاشلة في المنطقة ودولة واحدة ما يزال في الإمكان إنقاذها. هذه الدولة الممكن إنقاذها هي لبنان.

سيكون مطلوبا إنقاذ لبنان في 2016، على الرغم من دخول المنطقة مرحلة جديدة هي مرحلة التطهير المذهبي العلني وعلى الرغم من أن الثمن الذي سيتوجب دفعه سيكون غاليا. ما نشهده حاليا في سوريا، في الزبداني وفي كفريا والفوعة تحديدا، تطوّر في غاية الخطورة يعطي فكرة عمّا ينتظر الشرق الأوسط، كما يعطي فكرة عن وجود قوى خارجية تعمل على تفتيت دول الإقليم، على رأسها سوريا. هناك تهجير لسنّة من مناطق محدّدة تشكّل امتدادا لنفوذ “حزب الله” في لبنان وتهجير لشيعة في مناطق سورية معيّنة معرّضة لمجازر، وهناك انتقال لـ”داعش” من منطقة إلى أخرى بموافقة النظام، ممثّلا بالقيمين عليه في موسكو وطهران طبعا، ورعايته. تكشّفت أخيرا لكلّ من لديه أدنى شك في ذلك العلاقة العضوية بين النظام السوري و”داعش” وكلّ ما شابه “داعش” وإرهابه.

في كلّ مكان حلّ فيه “الربيع العربي”، باستثناء المغرب والأردن.. ومصر إلى حدّ ما، ظهرت دول فاشلة وهشاشة الكيانات القائمة. انكشف علنا الواقع الذي كانت تغطيه بالقوّة والقهر أنظمة معيّنة سواء أكان ذلك في ليبيا أم سوريا أم تونس، التي ليست قصة نجاح كما يظنّ بعضهم، وقبل ذلك في العراق حيث كانت بداية الزلزال. لا تزال ترددات الزلزال العراقي تتفاعل بقوّة منذ الحملة العسكرية الأميركية في آذار ـ مارس 2003 التي انتهت بإسقاط النظام.

يصعب حصر 2015 بحدث واحد. هناك مسلسل لا يزال في بدايته تخلله وصول الرعب إلى باريس. بدأت السنة باغتيال عدد من أفراد أسرة تحرير “شارلي إيبدو” في باريس وانتهت بمجزرة داعشية في قلب العاصمة الفرنسية.

لم يعد هناك من يستطيع إحصاء عدد حلقات المسلسل الذي شمل عمليات تطهير في العراق. كان التركيز فيها على السنّة العرب وشنّتها ميليشيات مذهبية مدعومة من إيران.. وتهجير مئات الآلاف من السوريين في اتجاهات مختلفة، من بينها أوروبا.
    
    

ما نشهده حاليا أكبر مأساة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية، في ظلّ إدارة أميركية اختارت دور المتفرّج عن سابق تصوّر وتصميم.

تستمرّ المأساة على خلفية توقيع الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني والتدخل العسكري الروسي في سوريا. يثير التدخل الروسي الكثير من الأسئلة، خصوصا أن لا أفق له في المدى البعيد باستثناء إغلاق الأراضي السورية وموانئها في وجه الغاز الآتي من الخليج.. والانتهاء من الكيان السوري الذي عرفناه منذ منتصف الأربعينات من القرن الماضي.

ماذا تريد روسيا في سوريا في وقت بات واضحا أن نظام بشار الأسد صار في مزبلة التاريخ وأن إيران تعمل جاهدة من أجل وضع قسم من الأراضي السورية تحت وصايتها، عبر ربطها بدويلة “حزب الله” في لبنان وذلك من منطلق مذهبي ليس إلا؟

هل تجيب 2016 عن هذا السؤال في وقت استطاع رجب طيب أردوغان، على الرغم من أخطائه الكبيرة وخطاياه المرتبطة بفكره الإخواني، استعادة الكثير من عافيته وطموحاته إثر فوز حزبه في الانتخابات التشريعية ثمّ إسقاط سلاح الجو التركي لقاذفة “سوخوي” روسية اخترقت أجواء بلده؟

لا تبشّر خاتمة 2015 بالخير. يبدو الآتي أعظم، لا سيّما أنّ هناك غيابا تاما للضوابط من أيّ نوع كان وانفلاتا إلى أبعد حدود للغرائز المذهبية. في أساس الغياب للضوابط إدارة أميركية قرّرت اتخاذ دور المتفرّج على الأحداث في الشرق الأوسط من جهة والمشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى، وهو مشروع يقوم أساسا على الاستثمار في كلّ ما هو مذهبي في الشرق الأوسط وصولا إلى اليمن الذي يصعب أن تقوم له قيامة يوما.

هل يستطيع لبنان حماية نفسه وتحصينها في مواجهة الحريق الكبير الذي ينهش جسد المنطقة من جهة والرغبة الأميركية في التمتّع بمشاهدة الشرق الأوسط يتآكل من الداخل؟

بعيدا عن التفاؤل والتشاؤم، لا بدّ من قول الأشياء كما هي. لعلّ أوّل ما يمكن قوله إنّ الطريقة التي تصرّف بها “حزب الله” بعد اغتيال الأسير السابق سمير القنطار في سوريا لا تبشّر بالخير، لا لشيء سوى لأنّ ليس ما يشير إلى أنّ الحزب، الذي تقف خلفه إيران، على استعداد لتعلّم شيء من دروس الماضي القريب. إنّه مستعد، من دون إعارة أي أهمية لمصالح لبنان، لمتابعة الانغماس في الوحول السورية والغرق فيها إلى ما لا نهاية. يفعل ذلك تحت ذرائع مضحكة مبكية من نوع “المقاومة” و”الممانعة” فيما حليفه الروسي على تنسيق تام في كلّ المجالات مع إسرائيل. يشمل هذا التنسيق حتى إبقاء بشار الأسد في دمشق كي يمكنه استكمال المهمة الموكولة إلى النظام الأقلوي الذي أسس له والده منذ ما قبل العام 1970، تاريخ احتكاره للسلطة في سوريا وتجييرها كلها لشخصه ولطائفته بغطاء من سنة الريف.

في نهاية 2015، لاح في الأفق اللبناني بريق أمل. لاح خيار انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل فراغ مستمر منذ الخامس والعشرين من أيّار ـ مايو 2014.

في السنة 2016، سيظلّ السؤال الذي سيطرح نفسه بقوّة هل فوّت لبنان تلك الفرصة؟ هل كانت هناك فرصة بالفعل؟

في كلّ الأحوال، كشف ما مرّ به لبنان في نهاية 2015 أن الهدف الإيراني ليس تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية فحسب، بل تغيير النظام أيضا. تريد إيران بكل بساطة ضمانات بأنّ لبنان سيبقى تحت وصايتها، بعدما فقدت وحدانية وصايتها على النظام السوري.

يأتي التغيير في التركيبة الديمغرافية لسوريا والذي يرمز إليه تهجير سنّة الزبداني منها، ليؤكد أن 2016 سنة كلّ المخاطر على لبنان واللبنانيين. الزبداني ليست بعيدة عن لبنان وتهجير أهلها عبر بيروت وبإشراف دولي لا يدلّ سوى على دخول الأزمة السورية، ومعها المنطقة، مرحلة جديدة أشدّ خطورة على مستقبلها من أي وقت.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية 2015 بداية لتاريخ جديد للمنطقة نهاية 2015 بداية لتاريخ جديد للمنطقة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia