راحت صرخة الحوثيين هل تأتي الصحوة

راحت 'صرخة' الحوثيين... هل تأتي الصحوة

راحت 'صرخة' الحوثيين... هل تأتي الصحوة

 تونس اليوم -

راحت صرخة الحوثيين هل تأتي الصحوة

خيرالله خيرالله

أن تخرج عدن، في معظمها، عن سيطرة الحوثيين (أنصار الله)، يعتبر تطوّرا في غاية الأهمية على الصعيد اليمني. هناك للمرّة الأولى منذ انطلاق “عاصفة الحزم”، منذ نحو أربعة أشهر، تغيير كبير له مغزاه على الأرض. ثمّة حاجة إلى مثل هذا التغيير، أقلّه من أجل منع موازين القوى القائمة من تحقيق الهيمنة الإيرانية على اليمن.

كان لا بدّ من كسر الجمود في اليمن. في حال استطاعت القوى التي تتمتع بشرعية ما، والتي تعتبر معادية للحوثيين وللقوات التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح استعادة عدن، سيكون في الإمكان، عندئذ، الإقدام على خطوة جبّارة. إنّها خطوة في اتجاه عودة الشخصيات التي تمثّل الشرعية إلى الأرض اليمنية. وقد بدأت هذه العودة بالفعل.

هذه الشخصيات كانت موجودة منذ فترة طويلة خارج البلد. كانت هذه نقطة ضعف تحسب عليها وتصبّ في مصلحة “أنصار الله” الذين استطاعوا محاصرة العاصمة الاقتصادية لليمن والإدعاء أن لا وجود لقوة قادرة على مواجهتهم على الأرض. سمحت موازين القوى التي نجمت عن سيطرة الحوثيين على صنعاء قبل عشرة أشهر بتمددهم في كلّ الاتجاهات وصولا إلى عدن. حصل ذلك بعد الالتفاف على تعز في الوسط. هذا الأمر لم يكن ممكنا لو التحالف العميق الذي استجدّ على العلاقة بين علي عبدالله صالح والحوثيين.

استفاد “أنصار الله”، إلى حدّ كبير، من الحلف الذي أقاموه مع علي عبدالله صالح وذلك بعد وصولهم إلى صنعاء في أيلول – سبتمبر الماضي. جاء ذلك بعد انتصارهم الكبير في محافظة عمران مسقط رأس آل الأحمر، زعماء قبيلة حاشد. هذا الانتصار في عمران فتح لهم أبواب العاصمة التي باتوا يسيطرون فيها على كل المرافق والمؤسسات الحكومية، بما في ذلك البنك المركزي.

لم يكن ذلك ممكنا لولا الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي لم يتصدّ للحوثيين في عمران. الآن ثمّة معطيات جديدة على الأرض. هناك للمرّة الأولى انتصار عسكري كبير على “أنصار الله”. إلى الآن لم يحصل مثل هذا الانتصار وذلك منذ بدأت مسيرة الحوثيين أواخر التسعينات من القرن الماضي، وبدء حروبهم مع السلطة المركزية في العام 2004. خاض الحوثيون، قبل أن يصير اسمهم “أنصار الله”، ست حروب مع علي عبدالله صالح. آخر تلك الحروب كانت في بداية العام 2010. لم تنته أي حرب من هذه الحروب بهزيمة ساحقة للحوثيين، رغم فقدانهم عددا لا بأس به من قادتهم. ففي الحرب الأولى خسروا حسين بدر الدين الحوثي، الأخ الأكبر لعبدالملك الحوثي. كان حسين الحوثي من مؤسسي الحركة وكان معروفا بأنّ لديه علاقة قويّة بالإيرانيين وتوابعهم، خصوصا بعدما أقام فترة لا بأس بها في قم.

تكمن أهمّية ما حصل في عدن في أنّها الهزيمة الأولى الحقيقية للحوثيين. لذلك، يمكن البناء عليها سياسيا، خصوصا إذا أُمكن إحكام السيطرة على المدينة وإعادة عبدربّه منصور وخالد البحاح، الذي هو أيضا نائب الرئيس ورئيس الوزراء، إليها.

ترافق تراجع الحوثيين في عدن مع مشاكل تعرّضوا لها في محافظة مأرب المهمّة من كلّ النواحي، والتي كانوا يعتقدون أن في استطاعتهم السيطرة عليها متى وجدوا ذلك مناسبا لهم.

لا شكّ أن ما حدث في عدن أمر في غاية الأهمّية، بل منعطف. لكن هذا لا يعني أن الأزمة في اليمن ستنتهي غدا. على العكس من ذلك، يبدو الوضع في اليمن مقبلا على مزيد من التعقيدات. هذا عائد إلى أسباب عدّة. في مقدّمة هذه الأسباب أن الحوثيين يمكن أن ينكفئوا في اتجاه الشمال ولكن من دون أن يكون لديهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو تنموي للبلد. كلّ ما لديهم شعارات لا قيمة لها. كشفت الأحداث أن لا هدف آخر للحوثيين سوى تحويل اليمن مستعمرة إيرانية. كل المطلوب استخدام اليمن لتهديد الأمن الخليجي، بما في ذلك أمن المملكة العربية السعودية التي لم يكن ممكنا أن تقف مكتوفة في مواجهة هذا التحدّي الكبير.

ليس لدى الحوثيين سوى الشعارات التي لا توفر غير البؤس لليمنيين. ماذا تعني “صرخة” الحوثيين الذين لا يتوقفون عن إطلاق شعار “الموت لأميركا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود”. ماذا تعني “الصرخة” عندما يتبيّن أن طموح إيران، التي تراهن على “أنصار الله”، يتمثّل في العيش في الحضن الأميركي الدافئ؟

لنفترض أن الحوثيين عادوا إلى شمال الشمال، بما في ذلك صنعاء، ما الذي لديهم يقدمّونه إلى اليمنيين غير الكلام عن مكافحة الفساد، علما أنّهم منغمسون فيه إلى ما فوق رؤوسهم؟

مشاكل اليمن لا تنتهي بموضوع الحوثيين أو عندهم. هناك مشكلة الجنوب التي لا تبدو قابلة للحلّ، خصوصا أن العودة إلى الانفصال لم تعد حلّا. لا وجود في الوقت الراهن لجيش جنوبي، ولا وجود لزعيم يمكن أن يكون بحد ذاته مشروعا سياسيا للجنوبيين كي يتحلّقوا حوله. فوق ذلك كلّه، ما حصل في ربع قرن، أي منذ الوحدة، أدّى إلى تغيير طبيعة المجتمع في المحافظات الجنوبية، خصوصا في ظل انتشار “القاعدة” في حضرموت وشبوة وأبين. الذين يعرفون حضرموت، يبدون مخاوف كبيرة من النتائج التي ستترتّب على وجود المتطرفين فيها، خصوصا في مدينة المكلا. كذلك، هناك رعب من انتشار “القاعدة” في شبوة التي كان يمكن أن تكون من أغنى المحافظات اليمنية.

كان لا بدّ من استعادة عدن من الحوثيين، كان لا بدّ من إيجاد موطئ قدم للشرعية. الحملة الجوية تحتاج إلى حملة برّية، إنّها على الأصحّ تمهيد لحملة برّية. المهمّ الآن أن تكون عدن بداية وأنّ تكون عودة الشرعية إليها في سياق مشروع واضح يساعد في إيجاد قاعدة لحل في اليمن، وإن في المدى الطويل.

مرّة أخرى، يجد الحوثيون أنفسهم أمام السؤال البديهي: هل يريدون أن يكونوا جزءا من الحياة السياسية في اليمن، أي أن يأخذوا حجمهم الحقيقي والطبيعي، أم أن طموحاتهم لا تزال من النوع الذي لا حدود له وهو شبيه بالشعارات الفارغة التي يطرحونها، من بينها شعار “الشرعية الثورية” الذي يعتقدون أنّه يسمح لهم بحكم اليمن، كلّ اليمن.

راحت “الصرخة” في عدن. هل جاء وقت الصحوة؟

الأمل أن تخلق أحداث عدن بداية صحوة لدى “أنصار الله” فيقتنعوا أخيرا بأن بلدهم لا يمكن أن يكون مستعمرة إيرانية من جهة، وأن اليمن لا يحكم من صعدة من جهة أخرى. ثمّة حاجة إلى صحوة بدل ما يسمّى “الصرخة”.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راحت صرخة الحوثيين هل تأتي الصحوة راحت صرخة الحوثيين هل تأتي الصحوة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia