الحكيم ومعالجة ميشال عون

'الحكيم'.. ومعالجة ميشال عون

'الحكيم'.. ومعالجة ميشال عون

 تونس اليوم -

الحكيم ومعالجة ميشال عون

خير الله خير الله


لا يمكن إلّا الترحيب بأيّ تقارب مسيحي ـ مسيحي في لبنان. حتّى عندما يكون هذا التقارب بين النائب ميشال عون، حليف “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري الإيراني”، من جهة والدكتور سمير جعجع رئيس حزب “القوات اللبنانية” المتحالف مع القوى الاستقلالية اللبنانية من جهة أخرى.
في حال صفت النيّات، من شأن أيّ تقارب المساهمة في بدء البحث الجدّي في المشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان. هذه المشكلة مزمنة. يعود تاريخها إلى العام 1969 من القرن الماضي، عندما اضطرّ الوطن الصغير إلى توقيع اتفاق القاهرة الذي كرّس وجود سلاح غير شرعي على أراضيه.

كان هذا السلاح غير الشرعي فلسطينيا، لكنّه تحوّل، شيئا فشيئا، بعد العام 1982 إلى سلاح إيراني يستهدف مؤسسات الدولة اللبنانية. يعمل السلاح غير الشرعي هذه الأيّام على تحقيق ما عجز عنه في منتصف الثمانينات، من القرن الماضي.

وقتذاك، عمل هذا السلاح الإيراني على إغلاق لبنان في وجه العرب، فكان حريق السفارة السعودية والهجوم على السفارة المغربية. الآن، يعمل هذا السلاح، الذي استعان في العامين 2012 و2013 بحكومة “حزب الله” برئاسة النائب السنّي نجيب ميقاتي، على استكمال هذه المهمّة. يحصل ذلك عبر تصرّفات تستهدف التأكيد لكلّ عربي أنّه ليس مرغوبا فيه في لبنان.. لا كمستثمر ولا كسائح. كلّ ما هو مطلوب عزل لبنان عن محيطه العربي، خصوصا عن أهل الخليج.


عندما يزور “الحكيم” الرابية للقاء ميشال عون، يفترض به أوّلا التأكد من حصول تغيير ما في سلوك القائد السابق للجيش اللبناني الذي يدعو حاليا إلى “تحرير” جرود عرسال.

وهذا الكلام يعني، بين ما يعني، انخراط الجيش اللبناني في المغامرة السورية لـ”حزب الله” تنفيذا لخطة تصبّ في قيام دولة علوية على جزء من الأراضي السورية، على أن يكون لهذه الدولة امتداد لبناني.

أمام سمير جعجع تحدّيات كثيرة. هل يمكن، على سبيل المثال، لمثل هذا التقارب مع ميشال عون أن يشمل البحث في الدور الذي يلعبه “الجنرال” على صعيد تغطية ارتكابات “حزب الله” في سوريا؟

على الرغم من ذلك كلّه، لا يمكن إلّا الترحيب مجددا بزيارة رئيس حزب “القوات” للرابية حيث يقيم قائد عسكري لم يتردد في زجّ الجيش اللبناني في مواجهة مع الجيش السوري خريف العام 1990، من أجل أن تتمكن القوات السورية من السيطرة على القصر الجمهوري في بعبدا وعلى مقر وزارة الدفاع القريب من القصر.. تمهيدا لوضع اليد على كلّ لبنان ونقل كلّ الملفات الموجودة في الوزارة إلى دمشق!

يتجاوز الموضوع زيارة سياسي لآخر وإعلان نيّات يصدر عنها. الموضوع مرتبط في نهاية المطاف بما إذا كان في إمكان “الحكيم” معالجة حال مرضية اسمها ميشال عون، بما يساعد في عودته إلى رؤية البديهيات.

مثل هذه العودة تعني، أوّل ما تعني، أخذ العلم بالموقف الواجب أن يتخذه كلّ لبناني، تعلّم شيئا ما من تجارب الماضي القريب، عن السلاح غير الشرعي وخطورته.

إنّه السلاح الذي يتبجّح به “حزب الله” ويهدّد به اللبنانيين من كلّ الطوائف، بما في ذلك قسم من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة. هل تساهم الزيارة في جعل ميشال عون يعي أبعاد وجود ميليشيا مذهبية تابعة لإيران في لبنان؟ هل يمكن أن يعي خطورة تجاوز هذه الميليشيا كلّ المسلّمات اللبنانية والتورط في حرب يشنها النظام السوري على شعبه من منطلق مذهبي ليس إلّا؟

في كلّ الأحوال، يظلّ التقارب بين أيّ لبنانيين مفيدا، خصوصا أنّ سمير جعجع معروف بصلابته وتمسّكه بمواقفه الوطنية وبالثوابت.

انتقل “الحكيم” من قائد ميليشيا إلى زعيم لحزب سياسي يؤمن بالدولة اللبنانية ومؤسساتها. أمّا ميشال عون فقد انتقل من موظّف في الدولة اللبنانية، إلى موظّف لدى ميليشيا تعمل على تدمير مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية. نسي ميشال عون فجأة ما فعله “حزب الله” مع الجيش، نسي حتّى من اغتال النقيب الطيار سامر حنّا داخل الأراضي اللبنانية قبل سنوات قليلة. كان الذنب الوحيد لسامر حنّا، الضابط في الجيش اللبناني، السماح لنفسه بالتحليق فوق أرض لبنانية!

هل يمكن لميشال عون أن يتغيّر؟ إذا كان التقارب مع “القوات” سيساعد في تحقيق أيّ تغيير من أيّ نوع كان لدى ميشال عون في اتجاه إيجابي، يكون الدكتور جعجع قدّم بالفعل هدية للبنان واللبنانيين وللمسيحيين على وجه التحديد.

بعد أيّام، سيتبيّن ما إذا كان هناك ما يدعو إلى التفاؤل، علما أن تعطيل ميشال عون للعمل الحكومي لا يبشّر بالخير. هناك أسئلة عدة تحتاج إلى أجوبة واضحة. من بين هذه الأسئلة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. هل ينزل ميشال عون ونوابه إلى مجلس النوّاب للمشاركة في انتخاب رئيس أم يتمسّك “الجنرال” بمقاطعة جلسات الانتخاب.. إرضاء لـ”حزب الله” ومنْ خلف الحزب؟

يتجاوز الموضوع زيارة سياسي لآخر وإعلان نيّات يصدر عنها. الموضوع مرتبط في نهاية المطاف بما إذا كان في إمكان "الحكيم" معالجة حال مرضية اسمها ميشال عون، بما يساعد في عودته إلى رؤية البديهيات
الواقع أن الهدف من منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس للجمهورية يتمثل في تمكين إيران من القول إنّها تمتلك ورقة رئاسة الجمهورية في لبنان. كذلك، تريد إيران تغيير طبيعة النظام اللبناني. تريد تمكين “حزب الله” من أن يكون له حق الفيتو على أيّ قرار لبناني عبر نائب لرئيس الجمهورية يمتلك، بموجب الدستور، صلاحيات تنفيذية محدّدة تجعل من نائب الرئيسِ الرئيسَ الفعليَّ للجمهورية.

هذا غيض من فيض الخدمات التي يؤديها لإيران النائب ميشال عون.. الذي لم يتردّد في طلب زجّ الجيش في معارك لا طائل منها في عرسال وجرودها. تشبه تلك المعارك، المطلوب من الجيش خوضها، إلى حدّ كبير تلك التي خاضها في الأعوام 1988 و1989 و1990 مع “القوات اللبنانية” ومع المسلمين من أجل تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصا من المسيحيين، من لبنان.

بمجيئه إلى الرابية، تصرّف سمير جعجع كرجل طبيعي يريد بالفعل طيّ صفحة الماضي. من المستبعد أن يكون ميشال عون على استعداد للإقدام على خطوة، ولو صغيرة، في اتجاه التخلّص من عقده. ليس مستعدا، أقلّه إلى الآن، للقبول بأيّ رئيس غيره.. حتّى لو أدّى ذلك إلى خراب لبنان واستمرار الفراغ الرئاسي إلى ما لا نهاية.

لن يقبل أيضا باتخاذ موقف صريح من السلاح غير الشرعي ومن الحرب التي يشنّها “حزب الله” على الشعب السوري. لن يستطيع بأيّ شكل التخلص من عقدة حلف الأقلّيات التي تتحكّم به والتي يُخشى من أن تقضي على مسيحيي الشرق عاجلا أم آجلا، خصوصا إذا لم يفكّ مسيحيو سوريا ارتباطهم بالنظام الأقلّوي فيها.

كان المجيء إلى الرابية خطوة شجاعة وجريئة لسمير جعجع الذي يبدو أنّه باشر مهمّة، أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مستحيلة. من يدري؟ ربّما لديه ما يدعو إلى التفاؤل على الرغم من صعوبة التوفيق بين منطق الدولة ومنطق الميليشيات المذهبية التي ترى في نفسها مستقبل الشرق الأوسط.. من منطلق أن إيران ستكون القوّة المهيمنة على المنطقة وعلى كلّ ما هو عربيّ ومتعدّد ومتنوّع فيها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكيم ومعالجة ميشال عون الحكيم ومعالجة ميشال عون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia