الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة

الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة

الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة

 تونس اليوم -

الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة

خيرالله خيرالله

هل يمكن لهذه اللعبة إنقاذ النظام السوري؟ لو كان ذلك ممكنا، لكان التنكيل بأطفال درعا في مارس من العام 2011 أنقذ النظام وأعاد عقارب الساعة إلى الخلف.

لا يزال لبنان يقاوم. يقاوم ما تسعى “المقاومة” التابعة لإيران إلى فرضه عليه. في الواقع، تعمل إيران على تحميل لبنان ما لا يستطيع تحمّله، بما في ذلك العمل من أجل صدور حكم مخفّف في حق الوزير السابق ميشال سماحة الذي اعترف بالصوت والصورة بنقله أسلحة ومتفجرات لتنفيذ عمليات ذات طابع إرهابي.

تفعل إيران ذلك استرضاء للنظام السوري الذي بات يعتمد عليها كليا داخل سوريا نفسها وفي لبنان. لا يهمّ إيران ما يفكّر فيه الشعب اللبناني الذي يرفض الحكم المخفّف رفضا قاطعا ويصرّ على تغييره، ممارسا فعل مقاومة يومي.

لو كان النظام السوري قادرا على حلّ أيّ مشكلة من مشاكله، من دون إيران، لما ورّط نفسـه في قضية علي المملوك ـ ميشال سماحة التي لا بدّ أن يأتي يوم يدفع ثمنها غاليا.

لن يفيده في شيء ممارسة ضغوط من أجـل تخفيف الحكـم على ميشـال سمـاحة بهدف توفير فرصـة أخرى له، أو تجديد رخصة حمل متفجرات، من أجل ارتكاب ما كان يفترض به ارتكابه من أعمال إجرامية.

ولكن يبقى جانب مفيد في الحكم المخفّف بحق ميشال سماحة. كشف الحكم النظام السوري في مجالين. الأوّل أنّه نظام لا يمكن أن يتغيّر نظرا إلى أنّه لا يعرف غير القتل وممارسة الإرهاب، والآخر تحوّله إلى نظام لا يستطيع العيش ولو لأيّام من دون الدعم الإيراني.

في آخر المطاف، ليس ميشال سماحة سوى أداة من أدوات النظام السوري الذي يرفض أخذ العلم بأنّه أداة عند إيران في لبنان وسوريا في آن. لولا إيران، لما كان في استطاعة هذا النظام أن يهبّ لنجدة ميشال سماحة الذي اعترف صراحة بما كان يريد عمله بالأسلحة والمتفجـرات التي جـاء بها من عنـد علي المملـوك بمباركة من بشّار الأسد.

كلّما مرّ يوم، يتبيّن أن النظام السوري أسير أساليبه التي تقوم على نشر الخوف والرعب، سواء أكان ذلك في سوريا أم لبنان. هل تعميم الخوف يمكن أن يفيده في شيء؟ الجواب لا كبيرة.

ما لم يستوعبه النظام السوري أن اللبنانيين كسروا حاجز الخوف قبل السوريين. عندما انتفض لبنان في الرابع عشر من مارس 2005، كان ذلك دليلا على أن لبنان لا يمكن أن يقبل بالوصاية السورية إلى ما لا نهاية. ردّ لبنان، وقتذاك، على اغتيال رفيق الحريري ورفاقه بالنزول إلى الشارع وإخراج القوات السورية من لبنان.

صحيح أن الإيراني ملأ، عبر “حزب الله”، الفراغ العسكري والأمني الناجم عن الانسحاب السوري. لكنّ الصحيح أيضا أن اللبنانيين أثبتوا أنّه لا يمكن إلّا أن يتخلصوا من الوصاية الأجنبية مهما طال الزمن.

سيتخلّص اللبنانيون من الوصاية سواء أكانت سورية أم إيرانية… جُدّدت رخصة ممارسة القتل ونقل المتفجرات لميشال سماحة وأمثاله أم لم تجدّد. يهرب النظام السوري من واقع جديد في سوريا نفسها. يهرب من واقع كسر السوريين لحاجز الخوف.

في درعا، كسر السوريون، قبل ما يزيد على أربع سنوات، حاجز الخوف. بدأ ذلك في درعا التي كتب أطفالها على جدران المدرسة عبارات من نوع “الشعب يريد إسقاط النظام”. فتحت درعا صفحة جديدة من التاريخ السوري.

تغيّرت سوريا ولم يتغيّر النظام الذي رفض أن يتعلّم شيئا من التجربة التي مرّ بها في لبنان. لعلّ أوّل ما رفض أن يتعلّمه أن لا فائدة من الإرهاب في التعاطي مع اللبنانيين. بعد التخلّص من رفيق الحريري، اغتيل الأخ والصديق سمير قصير وحصلت بعد ذلك سلسلة من الجرائم وصولا إلى اغتيال رجل الحوار والتواضع والعلم والمنطق السليم الذي اسمه محمد شطح.

خسر لبنان خيرة أبنائه من جورج حاوي وجبران تويني إلى وليد عيدو وأنطوان غانم وبيار أمين الجميّل ووسام عيد ووسام الحسن. هل أدّت أي جريمة من هذه الجرائم إلى جعل اللبنانيين يخافون النظام السوري ويعيدون النظر في رأيهم فيه؟

كلّ ما في الأمر أن كلّ لبناني يعرف ما هي الوظيفة الحقيقية لميشال سماحة وأمثاله، كما يعرف وظيفة كلّ مسيحي من نوع ميشال عون يقبل تغطية مثل هذه الارتكابات التي هي جرائم بحق كلّ مواطن لبناني يمتلك حدّا أدنى من الكرامة أوّلا.

كشف الحكم الذي صدر في حقّ ميشال سماحة حجم التحديات التي يتعرّض لها لبنان. كشف قبل كلّ شيء عن أن إعطاء فرصة ثانيـة لـ“أبو الميش” كي يمارس هوايته المفضلة في توزيع المتفجرات السورية بالمناطق اللبنانية المختلفة صار لعبة مكشوفة، بل مكشوفة أكثر من اللزوم. صار لعبة مكشوفة، تماما مثل لعبة الانتصارات الوهمية لـ“حزب الله” في القلمون وغير القلمون. ليس معروفا بعد كيف يمكن لحزب مثل “حزب الله” الانتصار على الشعب السوري الذي يقاتل أوّلا دفاعا عـن أرضه، تمـاما مثلمـا كان الحزب يقاتل في جنوب لبنان إبان الاحتلال الإسرائيلي.

يمكن للحزب المساهمة في عملية الذبح والإبادة بالبراميل المتفجّرة التي يتعرّض لها الشعب السوري من منطلق مذهبي بحت إرضاء لإيران قبل أيّ شيء آخر. ولكن يظلّ السؤال المطروح في نهاية المطاف: ما أفق هذه اللعبة؟

هل يمكن لهذه اللعبة إنقاذ النظام السوري؟ لو كان ذلك ممكنا، لكان التنكيل بأطفال درعا في مارس من العام 2011 أنقذ النظام وأعاد عقارب الساعة إلى الخلف. لو كان ذلك ممكنا، لكانت الثورة توقّفت في درعا ولم تتوسع لتشمل كلّ سوريا وصولا إلى دمشـق نفسها وحمص وحماة وحلب وإدلب… وستصل قريبا إلى الساحل السوري.

يعرف اللبنانيون قبل السوريين أنّ اللعبة انتهت. يعرفون خصوصا أنّ النظام السوري لا يؤمن، هو ومن معه في حقيقة الأمر، سوى بشعار واحد. هذا الشعار هو أن الانتصار على لبنان وسوريا وعلى اللبنانيين والسوريين بديل من الانتصار على إسرائيل… يغطي النظام السوري شعاره الحقيقي، الذي لا يؤمن بغيره، بشعارات “المقاومة” و“الممانعة” وبميشال سماحة أو ميشال آخر. لا فارق بين ميشال وآخر، ما دام المطلوب تغطية جرائم بحجم تلك التي كان الوزير اللبناني السابق على استعداد لارتكابها لأسباب مرتبطة أساسا بأنّه رجل مريض نفسيا قبل أي شيء آخر!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia