الاردنوالتواضع الايراني المطلوب

الاردن...والتواضع الايراني المطلوب

الاردن...والتواضع الايراني المطلوب

 تونس اليوم -

الاردنوالتواضع الايراني المطلوب

خيرالله خيرالله

ما الذي جاء وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي يفعله في عمّان؟ هل تندرج زيارته في سياق اصرار طهران على أنها لن تسمح بسقوط النظام السوري وأنها على استعداد للدفاع عن هذا النظام حتى آخر سوري ولبناني وعراقي واردني...وهو منطق مرفوض اردنيا؟ زجّت ايران بميليشيا "حزب الله" التابعة لها في لبنان، اضافة الى ميليشيات عراقية في الحرب التي يخوضها النظام السوري مع شعبه. انّها على استعداد لكلّ شيء من اجل انقاذ النظام الاقلّوي الذي حوّل سوريا مزرعة عائلية وحرم السوريين من خيرات بلدهم. الهدف واضح كلّ الوضوح ويصبّ في نهاية المطاف في عملية تدمير سوريا على رؤوس اهلها. هذا الهدف نقطة التقاء روسية- ايرانية. في حال سقوط النظام، وقد سقط فعلا، لا مانع من تفتيت سوريا وتحويلها دويلات، شرط أن يكون لموسكو وطهران نفوذ ما في هذه الدويلة أو تلك. من حسن الحظ أنه لا يزال هناك بين العرب من يسعى حقيقة الى انقاذ ما يمكن انقاذه في سوريا. ولذلك لا بدّ من التوقف عند بعض النقاط التي شدّد عليها المسؤولون الاردنيون خلال وجود الوزير الايراني في عمّان. احدى ابرز تلك النقاط هي ضرورة البحث عن حلّ سياسي. هناك نقطة، اذا نقطة أولى، تتعلّق بالحلّ السياسي وضرورته. أما النقطة الثانية، فهي تلك المرتبطة بالمرحلة الانتقالية. تحتاج سوريا الى مرحلة انتقالية تمهّد للتخلص من النظام القائم الذي حوّل البلد الى مستعمرة ايرانية لا اكثر وذلك تحت شعارات مضحكة- مبكية من نوع "المقاومة" و"الممانعة". تبقى النقطة الثالثة المهمّة في الموقف الاردني، وتتمثّل في التأكيد مجدّدا لكلّ من يعنيه الامر من المتاجرين بالقضية الفلسطينية... أوالحريصين عليها بالافعال وليس بالشعارات، أن للاردن مصلحة في قيام دولة فلسطينية مستقلة "قابلة للحياة" عاصمتها القدس الشرقية. ارادت الاردن عن طريق تكرار موقفها المعروف من القضية الفلسطينية والتسوية قطع الطريق على المزايدات والمزايدين الذين يعتقدون أن القضية الفلسطينية ما زالت ورقة صالحة لابتزاز العرب، كما يفعل النظام الايراني منذ العام 1979 وكما يفعل النظام السوري منذ اليوم الاوّل الذي وجد فيه. هل في استطاعة النظام الايراني الاستماع الى صوت العقل والتخلي عن رهاناته على النظام السوري، وهي رهانات مبنية، على سراب من نوع أن في استطاعته الضغط على الاردن. تظنّ اوساط ايرانية، عن خطأ،  أن وضع المملكة "هشّ" وأنه يكفي الاستثمار في بعض المزايدين المتلونين المستعدين للانتقال من الولاء لصدّام حسين...الى اعتماد شعارات "الثورة الايرانية" كي تتحوّل الاردن الى حلقة ضعيفة في المنظومة الاقليمية. تبيّن مع الوقت أن هذا التفكير الايراني الذي راهن ايضا على الاخوان المسلمين وعلى كلّ العناصر والتنظيمات السنّية المتطرفة التي تدعمها طهران في السرّ والعلن، لا يؤدي الى نتيجة. على العكس من ذلك، استطاعت الاردن على الرغم من كلّ الضغوط التي تعرّضت لها وعلى الرغم من كلّ المزايدات الاخوانية، وعلى الرغم من تدفق اللاجئين السوريين، من الصمود. الاهمّ من ذلك، أن عملية الاصلاح لم تتوقف في الاردن بدليل اجراء الانتخابات في موعدها مع السعي الى تطوير الحياة السياسية في المملكة. يصعب على ايران الاعتراف بأنها اخطأت في حقّ الاردن. يصعب عليها خصوصا الاقتناع بأن وجهة النظر الاردنية هي التي توفّر على المنطقة مزيدا من الكوارث. فاذا كان من حلّ سياسي في سوريا، لا يمكن لهذا الحلّ الا أن يكون عبر مرحلة انتقالية تدير امور البلد خلالها حكومة تمتلك "كل الصلاحيات". مطلوب قبل أي شيء آخر خروج بشّار الاسد من السلطة، لا لشيء سوى لأنّه مرفوض من شعبه. حتى لو كانت لدى نسبة قليلة من السوريين أوهام في شأن مستقبل النظام، فهذه الاوهام زالت بمجرّد اعلان "حزب الله" أنّه يخوض معركة بشّار الاسد بكل ما لديه من امكانات. ما فعله "حزب الله" بناء على طلب ايراني هو تعميق للشرخ المذهبي في بلد تزيد نسبة السنّة فيه على سبعين في المئة من عدد السكّان. بعض التواضع الايراني ضروري. من يستمع حاليا الى صوت العقل، انما يوفّر على المنطقة، وعلى ايران نفسها كوارث ضخمة هي في غنى عنها. من يستمع الى صوت العقل ويستعجل الحل السياسي في سوريا يقطع الطريق على المشروع الاسرائيلي الهادف الى تحويل الحرب الدائرة في سوريا الى حرب سنّية- شيعية. في كلّ الاحوال، هناك فرصة امام ايران كي تظهر نفسها كدولة تسعى الى تكريس الاستقرار في المنطقة بعيدا عن مشروع الهيمنة  الذي يشكّل احتلالها للجزرالاماراتية، منذ العام 1971، اي منذ ايام الشاه، افضل تعبير عنه. نعم، هناك فرصة امام ايران كي تعود الى لعب دور اقليمي من منطلق أنها دولة طبيعية وليس دولة تسعى الى استغلال الغرائز المذهبية الى ابعد حدود. لعلّ الطريق الاقصر امام ايران لاستغلال هذه الفرصة يكون بلعب دور ايجابي في سوريا مستعينة بالموقف الاردني القائم على المرحلة الانتقالية التي هي جزء لا يتجزّأ من الحل السياسي. كلّ ما عدا ذلك، خصوصا زجّ "حزب الله" في الحرب السورية، يشكّل دعما لمشروع تفتيت المنطقة الذي لا تستفيد منه الاّ اسرائيل. فالواضح ان لا همّ لاسرائيل سوى اطالة الصراع الداخلي في سوريا الى ابعد حدود كي تتقطع اوصال الكيان السوري وتشريد السوريين في دول الجوار، على رأسها الاردن التي لا تستطيع تحمّل مزيد من اللاجئين، بل تريد بقاء السوريين في سوريا وضمان سلامتهم في بيوتهم بعيدا عن قنابل النظام. هل هذا ما تريده ايران التي تراهن على انتصار نظام اقلّوي على شعبه...وهو رهان على وهم اكثر من أيّ شيء آخر!  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاردنوالتواضع الايراني المطلوب الاردنوالتواضع الايراني المطلوب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia