أوباما دخل التاريخهل يدخل الجغرافيا

أوباما دخل التاريخ...هل يدخل الجغرافيا؟

أوباما دخل التاريخ...هل يدخل الجغرافيا؟

 تونس اليوم -

أوباما دخل التاريخهل يدخل الجغرافيا

خيرالله خيرالله

لا يمكن الاستخفاف بالجولة التي قام بها الرئيس باراك اوباما في المنطقة، خصوصا في ضوء  نجاحه في  مصالحة تركيا واسرائيل  بعد قطيعة استمرت نحو ثلاث سنوات. يبدو ان الهمّ السوري فرض على الجانبين اعادة المياه الى مجاريها بينهما وتقديم اسرائيل الاعتذار المطلوب منها...استجابة لطلب اميركي واضح وحازم في آن. يعتبر هذا التطور مهما على الصعيد الاقليمي، لكنّ ما لا يمكن تجاهله ايضا هو ان اوباما امتلك ما يكفي من الجرأة ليقول ما يجب قوله للفلسطينيين والاسرائيليين في الوقت ذاته. كان خطابه في القدس بالفعل تاريخيا. صحيح ان الرئيس الاميركي لم يخف التزامه امن اسرائيل بالمطلق وذهب ابعد مما يجب حين تحدّثعن اسرائيل كـ"دولة يهودية" من دون اشارة واضحة الى ان ذلك يجب ان  لا يعني ان في استطاعة اسرائيل ان تطرد في يوم من الايام العرب المقيمين في اراضي 1948. لكن الصحيح ايضا انه اسمع الاسرائيليين ما عليهم سماعه. قال للاسرائيليين صراحة ان "السلام ضرورة" وانه "الطريق الوحيد الى تحقيق الامن". كذلك، قال ان "الطريق الوحيد امام اسرائيل كي تزدهر وتدوم كدولة يهودية ديموقراطية يكون عبر قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة". اكثر من ذلك، قال بعد رفضه "الاحتلال" وسياسة الابعاد التي تمارسها اسرائيل:"من حق الفلسطينيين ان يكونوا شعبا حرّا يعيش على ارضه" داعيا الى رسم حدود الدولة الفلسطينية ورافضا في الوقت ذاته الاستيطان بصفة كونه "مضرّابقضية السلام". من حسنات خطاب اوباما تسميته الاحتلال بالاسم. تفادى اللف والدوران. لم يتجاهل وجود حكومة فلسطينية برئاسة الدكتور سلام فياض استطاعت بناء مؤسسات فلسطينية ومعالجة قضية الامن في الضفة الغربية. فالامن في الضفة الغربية والقضاء على فوضى السلاح افضل حماية للفسطينيين في المعركة التي يخوضونها مع الاحتلال. اكّد اوباما ايضا رفضه لما يدعيه الاسرائيليون عن عدم وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه مشيرا بالاسم الى الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس (ابو مازن) والى الدكتور فيّاض. تذكّر الرئيس الاميركي ما تراجع عنه في اثناء ولايته الاولى تحت ضغط بنيامين نتانياهو والكونغرس واللوبي الاسرائيلي. اراد بكل بساطة استلحاق نفسه وتأكيد انه رجل يلتزم الكلام الذي ردده امام عدد لا بأس به من الزعماء العرب قبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في اثناء جولة شرق اوسطية صيف العام 2008. وقتذاك، حرص اوباما على القول صراحة انه لن ينتظر نهاية ولايته الثانية كي يباشر الاهتمام بالنواع الفلسطيني- الاسرائيلي، على غرار ما فعل بوش الابن. وبالفعل، عمل فور دخوله البيت الابيض على تسمية مبعوث رئاسي هو السناتور السابق جورج ميتشل كي يهتم بايجاد تسوية فلسطينية- اسرائيلية قائمة على خيار الدولتين. لا حاجة الى تكرار ان ميتشل لم يوفق في مسعاه، خصوصا بعدما وجد اوباما نفسه في مواجهة حكومة اسرائيلية شرسة قادرة على حشد تأييد قوي لها في الكونغرس. الآن، بعد فوز اوباما بولاية ثانية واخيرة، ثمة فرصة امام الرجل، الذي لم يعد لديه ما يخسره، ليقول كلّ ما في قلبه. ولذلك قال ان اسرائيل "عند مفترق طرق" وان ليس امامها سوى اختيار طريق السلام، في حال كانت تريد امنا حقيقيا. بكلام اوضح، تحدّى اوباما الفلسطينيين والاسرائيليين وذلك عندما شدّد على ان امن الجميع وازدهارهم متوقف على تحقيق السلام في المنطقة. كان ملفتا استخدام الرئيس الاميركي عبارات في منتهى الحزم للتأكيد للاسرائيليين أن اميركا لا يمكن ان تتخلى عنهم وان بلدهم "وجد ليبقى". اراد بكل بساطة طمأنة هؤلاء الى ان الولايات المتحدة تضمن امن اسرائيل وتربط وجودها بوجود اميركا، القوة العظمى الوحيدة في العالم... الى اشعار آخر. ولكن على اسرائيل في المقابل فهم ان هناك استراتيجية اميركية اوسع بكثير من استراتيجيتها. يفترض في الفلسطينيين، ومعهم العرب الذين يمتلكون حدا ادنى من العقل والتعقل والمنطق، انتهاز الفرصة واظهار امتنانهم للرئيس الاميركي على موقفه الشجاع من الدولة الفلسطينية ومن دعوته الاسرائيليين كي "يضعوا نفسهم مكان الفلسطينيين والنظر الى العالم باعينهم". يفترض بالفلسطينيين خصوصا اثبات انهم تعلّموا شيئا من دروس الماضي، بما في ذلك اهمية عدم التفريط بالعلاقة مع واشنطن. فما لا يمكن تجاهله ان الخسارة الاكبر التي مني بها ياسر عرفات، رحمه الله، القائد التاريخي للشعب الفلسطيني كانت القطيعة التي حصلت بينه وبين البيت الابيض في آخر عهد الرئيس بيل كلينتون والتي استمرّت في عهد  بوش الابن. انها مناسبة للفلسطينيين كي يعيدوا الوصل مع البيت الابيض. مثل هذه العلاقة المتجددة المبنية على ما ورد في خطاب اوباما ستجعل الكرة في ملعب بيبي نتانياهو تحديدا. سيريح التجاوب مع ما ورد في خطاب الرئيس الاميركي الفلسطينيين الى حدّ كبير. سيساعد ذلك اوباما في الانتقال من مرحلة دخول التاريخ، عبر دعوته الى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهي ليست دعوة جديدة، الى دخول الجغرافيا عبر المساهمة فعلا برسم حدود هذه الدولة استنادا الى خطوط 1967. الاكيد ان الكثير سيتوقف على ما ستفعله الحكومة الاسرائيلية. لكنّ الاكيد ايضا ان الموقف الايجابي للجانب الفلسطيني سيساعد اوباما على اقناع بيبي بأنه ليس امام رئيس اميركي لا همّ له سوى استرضاء اسرائيل، بل أنّه امام رئيس يعني كلّ كلمة يقولها، بما في ذلك، ان الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة مصلحة اميركية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما دخل التاريخهل يدخل الجغرافيا أوباما دخل التاريخهل يدخل الجغرافيا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia