بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية

بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية

بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية

 تونس اليوم -

بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية

بقلم :خير الله خير الله

يبدو واضحا استعجال موسكو وطهران لحسم معركة حلب التي يستخدم فيه سلاح الجو الروسي والميليشيات المذهبية التابعة لإيران. الهدف وضع الإدارة الأميركية الجديدة أمام أمر واقع، خصوصا أن أيّا من هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب لا يمكن أن يكون باراك أوباما آخر، أقلّه بالنسبة إلى سوريا.

هل تنجح إيران وروسيا في تهجير أهل حلب من السوريين من حلب؟ يبقى ذلك السؤال المحوري في ظل الرغبة الروسية ـ الإيرانية في الاستفادة إلى أبعد حدود من حال الإرباك التي تعيش تركيا في ظلّها من جهة، وعدم رغبة الرئيس الأميركي في إزعاج إيران، بأيّ شكل كان، حفاظا على ما يعتبره من جهة أخرى الإنجاز الأكبر الذي حقّقه منذ دخوله البيت الأبيض قبل أقل بقليل من ثماني سنوات.

يتمثّل هذا الإنجاز الأوبامي بالملف النووي الإيراني الذي وقع قبل سنة وبضعة أيّام بين إيران والبلدان الخمسة زائد واحدا، وهو في الواقع اتفاق بين طهران والإدارة الأميركية التي تختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط بهذا الملفّ.

معروف أن هيلاري كلينتون ميّزت نفسها عن باراك أوباما في ما يخص سوريا، إذ وعدت بإقامة “مناطق آمنة” يستطيع أن يلجأ إليها السوريون الهاربون من البراميل المتفجرة. كرّرت هذا الالتزام، إضافة إلى إعطاء وعود أخرى إلى من التقتهم من القياديين في المعارضة السورية. بين هذه الوعود الأخرى تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات. يكفي عدد قليل من هذه الصواريخ لقلب المعادلة في حلب ومحيط حلب وفي مناطق سورية أخرى.

تبقى وعود كلينتون وعودا، لكنّها تعكس موقفا مختلفا من ذلك الذي اتخذه باراك أوباما الذي أصرّ على أن يكون مجرّد تابع للإيراني والروسي في سوريا، متجاهلا أن ما يمر به السوريون هو المأساة الأكبر في العالم منذ إطلالة القرن الحادي والعشرين.

من المفيد الإشارة، في هذا السياق، إلى أنّ هيلاري كلينتون لا تؤمن بأنّ من الضروري مسايرة إيران لا في سوريا ولا في أماكن أخرى من أجل حماية الاتفاق في شأن الملف النووي. فمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة تعتقد أنّ لإيران مصلحة في المحافظة على الاتفاق وهي لن تضحّي به أو تنسحب منه في حال تغيّرت السياسة السورية للولايات المتحدة.

أما دونالد ترامب، الذي لا يمكن تجاهل أن لديه بعض الأمل في الوصول إلى الرئاسة، فلديه على الرغم من غموض موقفه في شأن سوريا، رأي مختلف في الاتفاق المتعلّق بالملف النووي الإيراني، إذ يعتقد أنّه “أسوأ” اتفاق من نوعه وقعته إدارة أميركية. وهذا يعني أن سياسته السورية، في حال وجدت مثل هذه السياسة، لن تكون مرتبطة بمصالح إيران وملفّها النووي.

إلى أين نحن ماضون

هناك بكل بساطة انتهازية روسية وإيرانية ليس بعدها انتهازية. حسنا، ماذا إذا استطاع النظام العودة إلى حلب بواسطة القصف الروسي الذي يمارس من الجوّ والميليشيات المذهبية التي تستخدمها إيران في الحرب على الشعب السوري؟ ماذا سيفعل النظام بمدينة منكوبة يكرهه أهلها؟ ماذا سيفعل بمنطقة واسعة كانت في كلّ وقت رافضة للنظام الأقلّوي الذي قاومته بكل الوسائل المتاحة منذ سبعينات القرن الماضي؟

بغض النظر عن السياسة الجديدة لتركيا، وهي سياسة تقوم على التقارب مع موسكو نكاية بالإدارة الأميركية وأوروبا، لن تكون سيطرة النظام على حلب سوى خطوة أخرى تصبّ في عملية الانتهاء من سوريا. فإذا كان باراك أوباما يؤمن بأن الاتفاق مع إيران كان إنجازا بالفعل، ستظهر الأيّام أنّ ما تحقق بالفعل هو الانتهاء من سوريا التي عرفناها. سيعني سقوط حلب مزيدا من التشظي للبلد، بما يؤكد أنّ الهدف الحقيقي للسياسة الأميركية يتمثّل في طيّ صفحة الكيان السوري الذي نشأ في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، بعد طيّ صفحة الكيان العراقي عن طريق إلحاق القسم الأكبر من هذا البلد بإيران. قضى جورج بوش الابن بفضل ضيق أفقه وجهله للمنطقة العربية والتوازنات فيها على العراق، فيما عمل باراك أوباما كلّ شيء من أجل التخلّص من سوريا.

كلّما مرّ يوم، يتكشف حجم التواطؤ على سوريا وهو تواطؤ أميركي ـ روسي ـ إيراني ـ إسرائيلي. الخاسر الأكبر من هذا التواطؤ هو أوروبا التي لم تستطع في أيّ وقت ملء الفراغ الناجم عن الابتعاد الأميركي عن الشرق الأوسط ومنطقة الخليج واكتفاء باراك أوباما بدور المتفرّج على الأحداث والمصفّق لفلاديمير بوتين وسلاح الجو الروسي وللارتكابات الإيرانية التي وفّرت حاضنة لـ”داعش” وغير “داعش” في سوريا والعراق. الأخطر من ذلك كلّه، أن أوروبا ألغت نفسها بنفسها وتحوّلت ضحية الهجرة العشوائية إليها في ضوء ما نشهده في سوريا والعراق وليبيا.

انتصرت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، أم انتصر دونالد ترامب، سيكون مصير سوريا بائسا. حتّى لو امتلكت الإدارة الأميركية كلّ النيات الحسنة، فإن الأضرار التي لحقت بالبلد هي من النوع غير القابل للإصلاح. لا لشيء سوى لأن عدد الذين تهجّروا من بيوتهم كبير جدا، أكان ذلك داخل سوريا نفسها أو إلى دول الجوار، في مقدّمتها الأردن ولبنان وتركيا. من يعيد السوري إلى بيته، خصوصا أنّ اللغة الوحيدة التي يتقنها النظام هي لغة البراميل المتفجّرة، فيما المنطق الوحيد الذي يؤمن به هو منطق إلغاء الآخر. من يعيد بناء البنية التحتية؟

من الصعب تصوّر سياسة أميركية ناجعة في سوريا أو خارجها من دون تنسيق مع أوروبا ومع الدول العربية الأخرى المعنية مباشرة بما يدور في هذا البلد. أن تتبلور مثل هذه السياسة يبقى احتمالا ضئيلا جدا. لا شكّ أن الأضرار التي ستلحق بسوريا جراء معركة حلب ستجعل مهمّة هيلاري كلينتون من النوع المستحيل، فيما ليس ما يضمن أن تكون لدونالد ترامب أيّ هموم سورية من أي نوع كان..

كيف ستوظف سوريا وإيران معركة حلب. يستطيع الطرفان تدمير المدينة، التي هي من أقدم مدن العالم، وتهجير أهلها. وهذا ما يفسّر إعلان موسكو عن فتح أربعة معابر “إنسانية” لأهل حلب. ما لا يستطيعانه هو الإقدام على أيّ خطوة بناءة في أيّ اتجاه كان. مثل هذه الخطوة البناءة مرتبطة أوّلا وأخيرا بالاقتناع بأن “المرحلة الانتقالية” في سوريا تعني قبل أيّ شيء آخر قيام نظام جديد لا علاقة له بالنظام الذي أسسه حافظ الأسد والذي ركيزته الطائفة العلوية. ولكن من قال إن لدى روسيا وإيران غير الخراب تنشره في المنطقة العربية. ماذا فعلت إيران منذ انتصار الثورة فيها غير الدفع في اتجاه إيقاظ الغرائز المذهبية؟

ماذا فعلت روسيا، وقبلها الاتحاد السوفياتي، غير جرّ العرب من هزيمة إلى أخرى وذلك منذ ما قبل الهزيمة المدوية للعام ألف وتسعمئة وسبعة وستين، وهي هزيمة لا تزال المنطقة تعاني إلى اليوم من نتائجها وآثارها والتي لم يكن حافظ الأسد أحد مؤسسي النظام الأقلّوي في سوريا بعيدا عنها؟

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سورية



GMT 12:22 2021 الخميس ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

عسكر السودان باتوا يعرفون حدودهم

GMT 18:20 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر المعادلة اليمنية القائمة

GMT 12:47 2021 الثلاثاء ,31 آب / أغسطس

النظام الجزائري... وعقدة المغرب!

GMT 20:03 2021 السبت ,28 آب / أغسطس

الحق على الأفغان... وعلى اميركا ايضا!

GMT 18:14 2021 الإثنين ,23 آب / أغسطس

من عقدة فيتنام... الى عقدة أفغانستان

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia