ثلاث سنوات على الثورة السوريةأشرف الثورات

ثلاث سنوات على الثورة السورية...أشرف الثورات

ثلاث سنوات على الثورة السورية...أشرف الثورات

 تونس اليوم -

ثلاث سنوات على الثورة السوريةأشرف الثورات

خيرالله خيرالله

أين صارت سوريا بعد ثلاث سنوات من ثورة شعبية لا سابق لها في التاريخ العربي الحديث؟ أقلّ ما يمكن قوله انّها أشرف الثورات العربية خصوصا في ضوء ما قدمه الشعب السوري من تضحيات. المؤسف ان سوريا لن تخرج سليمة من المخاض الذي تمرّ فيه. سوريا التي عرفناها صارت جزءا من الماضي، والنظام الذي اعتقد ان في استطاعته تغطية فئويته بالشعارات الطنانة والقمع والهرب المستمر الى الخارج صار في مزبلة التاريخ. حصل ذلك منذ اليوم الاوّل الذي انتفض فيه مراهقون من درعا في وجه الطاغية وكتبوا على جدران مدرستهم "الشعب يريد اسقاط النظام".  بات مستقبل سوريا ككيان في مهبّ الريح. هذا ليس عائدا الى أنّ الشعب السوري لا يؤمن بوحدة بلده والمحافظة عليها. الامر عائد الى وجود نظام يعتقد ان سوريا ملكا له وأن سقوطه يعني سقوط الكيان السوري وتفككه وأن عليه الاحتفاظ بجزء من البلد في حال تاكّد أنه لن يستطيع البقاء في دمشق وحمص وحماة ودرعا وحلب ودير الزور. دخلت الثورة السورية سنتها الرابعة. ستستمرّ الثورة سنوات عدة، لا لشيء سوى لأنها ثورة شعب يرفض الاستسلام والرضوخ للظالم من جهة ولأن النظام يتمتّع بدعم خارجي يسمح له بارتكاب مزيد من الجرائم من جهة أخرى. هناك قبل كلّ شيء دعم  ايران التي تبدو على استعداد للذهاب بعيدا في تقديم كلّ ما يحتاجه النظام من أجل تمكينه من متابعة عملية ذبح شعبه وترسيخ الشرخ الطائفي والمذهبي والسعي الى نقله الى لبنان. هناك دعم ايراني لنظام لا همّ له سوى تاكيد أن سقوطه يعني سقوط سوريا وأن مصير البلد مرتبط بمصير النظام الذي قام أصلا على فكرة قهر السوريين وتغطية هذا القهر بشعارات فضفاضة من نوع "المقاومة" و"الممانعة". هل تنتهي سوريا مع النظام؟ هذا هو السؤال الذي سيطرح نفسه في الاسابيع والاشهر المقبلة، وهو السؤال نفسه الذي طرح نفسه منذ اليوم الاوّل لاندلاع الثورة. المخيف في الأمر أن الادارة الأميركية، ادارة باراك أوباما، تسير وفق نهج يصبّ في تدمير سوريا. انّها تجهل بكل بساطة أن عدم اقدامها على أي خطوة تصبّ في اسقاط النظام تعني أوّل ما تعني تشجيع الارهاب والتطرف بكلّ اشكالهما ولا شيء آخر. ولكن يبقى الأهم من ذلك كلّه ماذا تريد ايران؟ لماذا زجت "حزب الله" الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في "الحرس الثوري" في الحرب التي يشنّها النظام الفئوي على شعبه؟ هل تريد ايران تعميق الشرخ الطائفي والمذهبي في سوريا؟ من المستفيد من ذلك في المدى الطويل؟ جديد سوريا في السنة 2014 يكمن في انكشافمدى التورط الايراني في قمع الثورة الشعبية السورية. يتمثّل هذا الجديد في رفض حزب مذهبي، يفترض أنّه لبناني، الاعتراف بوجود حدود بين لبنان وسوريا. أرسل هذا الحزب مقاتلين الى الاراضي السورية واحتلّ قرى سورية وبات وجوده في دمشق علنياً. يفعل ذلك من منطلق مذهبي بحت وبناءً على تعليمات من ايران. هذا أمر جديد في الشرق الاوسط، وهو من نتائج الحرب التي يشنها نظام يرفض الاعتراف بأنه منبوذ من شعبه وأنه صار في خبر كان. قبل نصف قرن وسنة واحدة، في الثامن من آذار- مارس 1963، استولى حزب البعث على السلطة في سوريا. لم يكن الحزب سوى واجهة لمجموعة من العسكريين ما لبثت أن انقلبت عليه. لم يمض وقت طويل الّا بدأت الصورة تتضح أكثر. هناك مجموعة فئوية تريد السيطرة على سوريا. في البداية كان ضباط من نوع محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الاسد يجمع بينهم الرابط العلوي. بعد العام 1970 تفرّد حافظ الاسد بالسلطة. بعد السنة 2000 صار بشّار الاسد رئيساً وصارت سوريا جزءا لا يتجزّا من مناطق النفوذ الايرانية. في ضوء تحوّل سوريا الى كوكب يدور في الفلك الايراني، يمكن فهم ما هو مطروح الآن ولماذا هذا الاصرار على دعم النظام بكلّ الوسائل المتاحة.  استطاعت ايران عبر العراق أولاً ثم عن طريق استغلال الفراغ الامني السوري في لبنان، نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، تغيير المعطيات الاقليمية. صارت الحدود بين الطوائف والمذاهب هي الحدود الحقيقية والبديل من الحدود المعترف بها بين الدول. من هذا المنطلق، ان الثورة السورية هي الثورة العربية الحقيقية. ان الثورة السورية التي يحاول النظام تشويه صورتها عن طريق جماعات مثل "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" وكلّ ما شابه ذلك، هي ثورة كلّ انسان عربي حرّ  وليست فقط ثورة الشاب السوري الذي يرفض صراحةحياة الذلّ التي عاشها والده وجدّه. سينتصر الشعب السوري في النهاية. ولكن يبقى السؤال ما ثمن هذا الانتصار؟ كم سيترك آثارا على لبنان مثلاً. ماذا سيبقى من سوريا؟ ليس سرّا أن الكيان السوري كان دائما في أزمة مع نفسه. هروبه الى الانقلابات العسكرية كان المؤشّر الاوّل لعمق هذه الازمة التي جعلته في هروب مستمرّ الى الخارج، خصوصا الى فلسطين ولبنان...وحتّى العراق والاردن.لم يكن في استطاعة هذا النظام اتخاذ قرار بالحرب أو قرار بالسلام. كان يقتات من حال اللاحرب واللاسلام التي تستفيد منها اسرائيل الى أبعد حدود، خصوصا مع بقاء جبهة لبنان مفتوحة بين حين وآخر، أقله حتى صدور القرار 1701 عن مجلس الأمن صيف العام 2006. هناك للأسف الجديد لعبة جديدة في المنطقة تتجاوز حدود الدول والسيادة الوطنية. لم يعد النظام السوري سوى أداة في هذه اللعبة التي تدار من طهران...التي تعتقد أن الحرب التي تخوضها في سوريا بواسطة لبنانيين وعراقيين وكلّ من تقع يدها عليه، ستجعلها تنتصر على كلّ العرب وكلّ السوريين. هل هذا ممكن؟ هل لمثل هذا النمط من التفكير والسلوك علاقة بمنطق التاريخ والجغرافيا؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث سنوات على الثورة السوريةأشرف الثورات ثلاث سنوات على الثورة السوريةأشرف الثورات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia