بين خطابي أوباماوعبدالله الثاني

بين خطابي أوباما...وعبدالله الثاني

بين خطابي أوباما...وعبدالله الثاني

 تونس اليوم -

بين خطابي أوباماوعبدالله الثاني

خيرالله خيرالله

لا يزال البحث مستمرا عن مخرج لسوريا من ازمتها. كان الخطاب الذي القاه الرئيس باراك أوباما في الجمعية العامة للامم المتحدة خطاب رئيس متردد لا يعي أن مشكلة سوريا ليست فقط في السلاح الكيميائي الذي أستخدمه بشّار الاسد ضد شعبه. اذا كان على الاسد الرحيل اليوم قبل غد، فان ذلك عائد الى تاريخه الطويل القائم على سياسة الغاء الآخر من أجل البقاء في السلطة...حتى لو كان هذا الآخر الشعب السوري كلّه. هذا الشعب الذي صار في مفهومه وفي المفهومين الايراني والسوري مجموعة "ارهابية" تنتمي الى "القاعدة" وما شابه "القاعدة". يفترض، قبل كلّ شيء، عدم الربط بين رحيل الاسد والكيميائي. هناك ألف سبب وسبب لضرورة الانتهاء من النظام السوري الساقط أصلا لفقدانه علّة وجوده. كان الكيميائي آخر هذه الاسباب وليس أوّلها. فمرّة أخرى، لا بدّ من تأكيد أن قضية سوريا هي قضية شعب ثار على نظام فئوي ظالم وأن "مستقبل الامن في العالم سيتشكّل بناء على ما يحدث في الشرق الاوسط الآن" على حد تعبير الملك عبدالله الثاني الذي تحدث بدوره أمام الجمعية العمومية في اليوم الذي تحدّث فيه الرئيس الاميركي. ربّما كان الجانب الايجابي الوحيد في خطاب أوباما، بالنسبة الى سوريا، يتعلّق بتأكيده أن الأسد الابن لا يمكن أن يكون جزءا من الحلّ وأن عليه الرحيل. لم يتردد في ترديد ذلك منذ فترة طويلة، لكنه لم يفعل شيئا من أجل رسم خارطة طريق تساعد السوريين في اعادة بناء بلدهم والمحافظة على وحدته. صارت سوريا في المرحلة الراهنة تعبّر عن الازمة العميقة التي يعاني منها الشرق الاوسط من جهة والجوانب المتعددة لهذه الازمة من جهة أخرى. لذلك من الافضل لاوباما وغيره من زعماء الدول التمعّن في خطاب العاهل الاردني الذي يمكن القول انه من الخطابات القليلة التي سعت الى مقاربة شاملة لما يشهده الشرق الاوسط ولما يمكن أن تكون عليه المنطقة. نعم،  يفترض برئيس الدولة العظمى الوحيدة في العالم الاستفادة من تجارب أهل المنطقة، بما في ذلك عدم عزل الازمة السورية عن كلّ ما يحيط بسوريا. الاهمّ من ذلك كله، لا يمكن عزل الازمة السورية عن ظاهرة التطرّف الديني في الشرق الاوسط. ما هو اكيد أن التباطوء في التخلص من بشّار الاسد يساهم في تحويل سوريا كلّها ملاذا للارهابيين، على غرار ما حصل في الصومال التي لا تزال تعاني حتى اليوم من ترك اراضيها، قبل عشرين عاما، مرتعا لعصابات خطرة تهدد الملاحة في البحر الاحمر وترسل من ينفّذ مجزرة في العاصمة الكينية نيروبي. هذا حصل قبل أيّام. ما زالت تداعيات الحدث تتفاعل! ان قراءة متأنية في خطاب عبدالله الثاني يمكن أن تساعد في فهم ما يجب عمله في سوريا بدل الاكتفاء بالتركيز على استخدام الكيميائي. لم يكتف ملك الاردن، سليل الهاشميين، بالتحذير من تدفق اللاجئين السوريين على دول الجوار، من بينها الاردن. سعى الى شرح ما هو على المحكّ في سوريا حيث "كارثة دولية تمثّل تحدّيا أمنيا عالميا". دعا المجتمع الدولي الى "التحرك لتسريع عملية الانتقال السياسي في سوريا لانهاء العنف واراقة الدماء وازالة خطر الاسلحة الكيميائية واستعادة الامن والاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة اراضيها". اضافة الى ذلك، "يجب أن تتركز العملية الانتقالية على اشراك جميع السوريين في بناء مستقبل وطنهم". انه يعني بذلك أنّه يجب اشراك العلويين في أي حلّ يمكن التوصل اليه بصفة كونهم من مكونات المجتمع السوري والدولة السورية. ليس طبيعيا  الانتقام من المواطنين العلويين بسبب ما ارتكبه النظام الذي استخدم طائفة بكاملها لزرع الانقسامات في صفوف الشعب السوري وتحويل سوريا الى بلد طائفي ومذهبي ومناطقي. وصل الامر بالنظام الى جعل النزاع القائم  نزاعا ذا طابع مذهبي بعدما حوّل سوريا الى مستعمرة ايرانية من جهة واستعان من جهة أخرى بمقاتلين من "حزب الله"، أي بمليشيا مذهبية لبنانية من أجل الدفاع عن مواقعه في مدن ومناطق معيّنة! كان خطاب عبدالله الثاني أكثر من واضح بالنسبة الى ما يمكن عمله مستقبلا. كان واضحا لجهة الدفاع عن الاسلام الحقيقي في وجه ما يتعرّض له حاليا بسبب المتطرفين والارهابيين. استعاد اللقاءات التي استضافتها عمّان أخيرا ومن بينها المؤتمر الذي خصص لمواجهة التحديات التي تواجه المسيحيين العرب. تطرّق أيضا الى مؤتمر انعقد حديثا في عمّان وجمع أكثر من مئة من ابرز العلماء المسلمين من كلّ انحاء العالم. اعترف هؤلاء في ختام لقاءاتهم بأنّه "لا يوجد نموذج معتمد للدولة الاسلامية" وأكّدوا أن "الدولة الاسلامية الحديثة ينبغي أن تكون دولة مدنية قائمة على المؤسسات وعلى دستور جامع يرتكز على سيادة القانون والعدالة وحرية الرأي والعبادة ودعم المساواة بين مختلف الفئات العرقية والدينية". في استطاعة الرئيس الاميركي تفادي الاكتفاء بالمواقف المترددة أو تلك التي تقتصر على قول كلام كبير من نوع ضرورة رحيل الاسد، ولكن من دون تحديد الخطوات العملية لذلك. ما يمكن قوله عن سوريا الآن، هو أن النظام انتهى. لن يكون هذا النظام قادرا على اعادة وضع يده على البلد في يوم من الايّام. السؤال ماذا بعد؟ هل هناك خارطة طريق للمستقبل، أي لليوم الذي يرحل فيه النظام؟ الجواب بكلّ بساطة أن بعض التواضع ضروري، حتى لرئيس أميركا، وأنّ من المفيد الاستفادة من خبرة أهل المنطقة، خصوصا من كلام العاهل الاردني. اللهمّ الا اذا كان الاميركيون يريدون تكرار تجربة جورج بوش الابن في العراق. أسقطت الولايات المتحدة صدّام حسين ونظامه...ولكن ما تبيّن سريعا أنّ لاتصوّر لديها للعراق في مرحلة ما بعد سقوط النظام. الآن هناك من يأتي ليقول أن هناك سبيلا لانقاذ ما يمكن انقاذه من سوريا. المهمّ أن يكون هناك من يريد أن يسمع وأن يتعلّم من تجارب الماضي القريب جدّا...لا أكثر ولا أقلّ.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين خطابي أوباماوعبدالله الثاني بين خطابي أوباماوعبدالله الثاني



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia