الرهان على كيري إفلاس إيراني

الرهان على كيري.. إفلاس إيراني

الرهان على كيري.. إفلاس إيراني

 تونس اليوم -

الرهان على كيري إفلاس إيراني

بقلم - خير الله خير الله

ليست الحماسة الإيرانية لفرض إرادتها في العراق بكل هذه الصفاقة سوى مؤشر إلى مدى حاجتها إلى إظهار امتلاكها لأوراق إقليمية وقدرتها على المواجهة.

كيري لا يعرف ما يريده باستثناء الدفاع عن إرث ليس إرثا
ليس جون كيري سوى سياسي أميركي ساذج آخر لم يعرف شيئا عن الشرق الأوسط. ما ورد في كتابه الأخير “كلّ يوم جديد إضافة”، خصوصا عندما يتحدث عن شخصية بشّار الأسد، يكشف أنه تعلّم من دون أن يتعلّم. تعلّم خلال توليه مسؤولياته الرسمية أن ليس في الإمكان تصديق أي كلمة تصدر عن بشار. إذا، لماذا سايره كلّ هذه المسايرة وداراه كلّ هذه المداراة طوال كلّ هذا الوقت؟

كان كيري رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس قبل أن يصبح وزيرا للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون في أثناء الولاية الثانية لباراك أوباما بين العامين 2012 و2016. أشار وزير الخارجية الأميركي السابق، على سبيل المثال، إلى إثارة موضوع قصف إسرائيل المفاعل النووي الذي كان يُبنى قرب دير الزور وإلى نفي رئيس النظام السوري، وهو ينظر إليه في عينيه، أن يكون هناك أي مفاعل من هذا النوع.

كان كيري يعرف كلّ التفاصيل المتعلقة بالموضوع، ويعرف خصوصا أنّ إسرائيل دمّرت موقع المفاعل في أيلول – سبتمبر 2007. لماذا لم تحصل أي ترجمة للتقويم الذي كوّنه كيري عن شخصية الأسد الابن خلال وجوده في موقع وزير الخارجية؟ لماذا لم يعترض على الجريمة التي ارتكبها باراك أوباما صيف العام 2013 عندما امتنع عن الردّ على استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي على نطاق واسع في الغوطة في إطار الحرب التي يشنّها على السوريين؟

لم يردّ أوباما، وقتذاك، على خرق النظام السوري لـ”الخطوط الحمر” التي رسمها له لأسباب مرتبطة أساسا بعدم إغضاب إيران، الشريك الآخر في الحرب على الشعب السوري وفي عملية تهجيره من أرضه من منطلقات مذهبية ليس إلا. المؤسف أن كيري نفسه كان لاعبا، ضمن حدود معيّنة، في رسم السياسة الخارجية بعد العام 2012. لعب الدور المطلوب منه في مجال التفاوض مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي.

 وضع كيري الأسس لصفقة مع إيران بوساطة من سلطنة عُمان منذ كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي. في تلك المرحلة، مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في بيروت، زار السناتور كيري، ترافقه زوجته، دمشق وأقام علاقة مع بشّار الأسد. ساعد في إعادة تأهيل رئيس النظام السوري من دون أن يطرح على نفسه أسئلة من أيّ نوع عن علاقة هذا النظام بالجريمة التي استهدفت لبنان كله. لم يأخذ جون كيري في الاعتبار أن للنظام السوري دورا في اغتيال الحريري، كما لم يرَ أن المشكلة مع إيران ليست في ملفها النووي، بمقدار ما أنّها تتعلق بالمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.

 إنّه مشروع نشهد كلّ يوم فصلا من فصوله أكان ذلك في لبنان أو في سوريا أو في العراق… أو في اليمن. كذلك، ليس سرّا أن إيران استهدفت منذ سنوات عدة المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت. ليست عملية تفجير الخبر، التي خُطّط لها من دمشق والتي نفذت في العام 1996، سوى دليل دامغ على النشاط الإيراني خارج إيران وخطورة هذا النشاط.

جديد كيري إعلانه عن أنّه لا يزال يلتقي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. كشف أنه ينصحه بالصبر وبأن تغييرا سيحصل في الولايات المتحدة يعيد الأمور إلى نصابها. معنى كلامه أن الولايات المتحدة ستتراجع عن خروجها من الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. لم يتردد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في الردّ على كيري على نحو مركّز مشيرا إلى أنّه لم يسبق لوزير سابق للخارجية أن تصرّف بالطريقة التي يتصرّف بها. باختصار شديد، اعتبر بومبيو أن كيري يسيء إلى الولايات المتحدة.

في الواقع، كانت تصرّفات جون كيري منذ شغل موقع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ثمّ موقع وزير الخارجية من النوع الغريب. إن دلّت هذه التصرفات على شيء، فهي تدلّ على أنّه لم يكن أهلا لمسؤوليات في هذا الحجم على العكس من السناتور الجمهوري جون ماكين الذي توفّى قبل بضعة أسابيع، وكان قادرا على جعل الولايات المتحدة تستعيد دورها على الصعيد العالمي عن طريق سياسة تعبّر عن نضج في التفكير لدى السياسيين المقيمين في واشنطن.

الأكيد الآن أن تصرفات جون كيري تكشف أن الرجل لا يعرف ما الذي يريده باستثناء الدفاع عن إرث ليس إرثا، بل كارثة على كلّ صعيد. هذا الإرث الذي اعتبر باراك أوباما أنّه حقق من خلاله إنجازا هو الاتفاق في شأن الملفّ النووي مع إيران. لماذا يريد وزير الخارجية السابق التمسّك بالكارثة التي خلفها باراك أوباما والتي يسعى دونالد ترامب إلى الخروج منها؟ هذا لغز كبير، لكنّه لغز يظهر أنّ كيري يتظاهر بأنّه صارت لديه خبرة في الشرق الأوسط، في حين أنّه لا يزال أسير فكر ضحل تحكّم بإدارة أوباما من منطلق أن إيران تستطيع أن تلعب دورا إيجابيا في المنطقة، علما أن الميليشيات المذهبية التي ترعاها لا تختلف في شيء عن “داعش”، باستثناء أن “داعش” سنّي والميليشيات الإيرانية المختلفة شيعية.

لم يعد مهمّا ما يقوم به جون كيري. اتصل بالإيرانيين أم لم يتصل. ليست تلك المسألة. بقي أسير الألاعيب التي يتقنها محمد جواد ظريف… أم فهم أنّه يتعاطى مع شخص يمتلك ميزة القيام بمناورات سياسية ليس إلّا. لا فارق.

السؤال المحوري هل يحصل تغيير في واشنطن أم لا؟ هل يؤكد دونالد ترامب بالأفعال وليس بمجرد الكلام أنّه ليس باراك أوباما؟ هل يظهر مايك بومبيو أن انتقاداته لجون كيري في مكانها.

هناك إلى الآن، بوادر على أن السياسة الأميركية تجاه إيران في غاية الجدّية، علما أن ما ظهر من هذه السياسة في العراق لا يبشّر بالخير، خصوصا بعد فوز مرشح إيران محمد الحلبوسي في انتخابات رئاسة مجلس النواب العراقي. لا شكّ أن ذلك يشكل نكسة لكل عراقي راهن على أميركا ومبعوثها، بريت ماكغورك، الذي ظهر بعد فوز مرشح قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس″ في “الحرس الثوري”، في مظهر السياسي الهاوي…

في كلّ الأحوال، بدأ مفعول العقوبات الأميركية على إيران يأتي مفعوله. ليست الحماسة الإيرانية لفرض إرادتها في العراق بكلّ هذه الصفاقة سوى مؤشر إلى مدى حاجتها إلى إظهار امتلاكها لأوراق إقليمية وقدرتها على المواجهة. لا بدّ من انتظار الدفعة المقبلة من العقوبات في الرابع من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل لعرفة أمرين.

 الأول إلى أي حد ستذهب إيران في المواجهة. والآخر إلى أيّ حد توجد سياسة أميركية تتمتع بالاستمرارية والإصرار على الذهاب بعيدا في القضاء على المشروع التوسّعي الإيراني. ذلك لا يكون إلّا عن طريق إفهام طهران أنهّا ليست لاعبا إقليميا في أيّ شكل من الأشكال… وأن رهانها على جون كيري دليل على مدى الإفلاس الذي تعاني منه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان على كيري إفلاس إيراني الرهان على كيري إفلاس إيراني



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia