لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان

لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان؟

لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان؟

 تونس اليوم -

لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان

خيرالله خيرالله

تقف مصر عند مفترق طرق. هل لا يزال في الامكان انقاذ مصر؟ تصعب الاجابة عن هذا السؤال الذي يتناول مستقبل البلد العربي الاهمّ. لكنّ ما لا يمكن تجاهله أنّ ما يشهده البلد منذ ما يزيد على شهر ونصف شهر يؤكد أن هناك محاولة جدّية لمنع مصر من السقوط نهائيا. ما جرى في الرابع عشر من آب- اغسطس 2013 كان حدثا تاريخيا بكلّ معنى الكلمة. استفاقت الدولة المصرية من سباتها وقررت استعادة المبادرة. كان لا بدّ من تحرّك ما لتأكيد أنّه لا يزال هناك من يسعى الى انقاذ مصر ومنع تحوّلها الى غزة أخرى. الاكيد أن ليس في الامكان تبرير العنف وسقوط ضحايا بأي شكل من الاشكال. لكنّ الملفت أن هناك من يريد تجاهل أن الاخوان المسلمين كانوا وراء افتعال العنف من أجل توفير الصور التي احتاجتها وسائل الاعلام الغربية لشن حملة على القوات المسلحة والاجهزة الامنية المصرية. وقعت وسائل الاعلام هذه في الفخّ الذي نصبه لها الاخوان وذلك من حيث تدري أو لا تدري. وربّما كانت تدري نظرا الى أنّها رفضت أن تأخذ في الاعتبار أن هناك من بادر الى اطلاق النار على رجال الشرطة والجنود الذين ارادوا الانتهاء من الاعتصام غير السلمي للاخوان في رابعة العدوية ومناطق اخرى من القاهرة. ما لم يفهمه الاوروبيون، في معظمهم، والادارة الاميركية خصوصا أنّ المؤسسة العسكرية كانت شريكا في عملية ازاحة النظام الذي كان حسني مبارك على رأسه. لعبت المؤسسة العسكرية الدور الحاسم في التخلص من نظام يشبه الى حدّ كبير ذلك الذي كان سائدا في الاتحاد السوفياتي خلال السنوات الاخيرة من عهد ليونيد بريجنيف الذي توفى في العام 1982. سمّيت تلك السنوات "سنوات الجمود" ولعبت دورا اساسيا في تهيئة الاجواء لانهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة المرتبطة به ابتداء من نهاية الثمانينات من القرن الماضي. لم تشارك المؤسسة العسكرية في ما سمّي "ثورة الخامس والعشرين من يناير" من أجل تسليم السلطة الى الاخوان المسلمين. كانت هناك ثورة شعبية حقيقية استهدفت التخلص من نظام حسني مبارك الذي أصرّ على الاحتفاظ بالسلطة، كلّ السلطة، على الرغم من تجاوزه الثمانين من العمر وعلى الرغم من أنّه لم يعد يمتلك كلّ قدراته الذهنية...في بلد اسمه "جمهورية مصر العربيّة". في كلّ الاحوال، امتلكت المؤسسة العسكرية المصرية، مدعومة من أكثرية الشعب المصري، ما يكفي من الجرأة والاقدام لتقول للاخوان المسلمين أن كفى تعني كفى وأنّ مصر لن تسمح بخطف الثورة، لا بواسطة صناديق الاقتراع ولا بأيّ طريقة أخرى. توجّه المصريون بعد "ثورة الخامس والعشرين من يناير" الى صناديق الاقتراع واختاروا الدكتور محمّد مرسي رئيسا. كان يمكن للمصريين الصبر سنوات قليلة على مرسي الذي لم يكن سوى واجهة للاخوان المسلمين. لكنّ عاملين جعلا كيل المواطنين يطفح باكرا. كان العامل الاوّل مسارعة الاخوان الى العمل على تغيير طبيعة مؤسسات الدولة المصرية. مسّوا بالجيش والامن والقضاء وكلّ ما تقع عليه يدهم. ارادوا افهام الجميع أن مصر صارت دولة الاخوان مثلما أن غزة "امارة طالبانية" تحكمها "حماس" التي هي فرع من فروع الاخوان. كان لديهم جوع ليس بعده جوع الى السلطة. هل هذا ما لا تريد الادارة الاميركية فهمه على الرغم من التنبيهات العربية؟ أمّا العامل الآخر الذي جعل المصريين يدفعون المؤسسة العسكرية الى التحرّك، وذلك بعد نزولهم الى الشارع بالملايين يوم الثلاثين من حزيران- يونيو الماضي، فيتمثّل في الفشل الاخواني في ادارة شؤون الدولة. في غضون سنة، زاد الفقير المصري فقرا. الاهمّ من ذلك كلّه أن الاخوان المسلمين جعلوا المنظمات الارهابية الموجودة بكثرة في غزة تتمدد في اتجاه سيناء من اجل الهاء الجيش المصري وادخاله في مواجهات كان فيها عرضة لعمليات ارهابية موصوفة. كان الهدف الدائم ضرب معنويات الجيش المصري وصرفه عن أي دور وطني من أيّ نوع كان. ثمّة محاولة جدّية لانقاذ مصر. الملفت في الامر أن المؤسسة العسكرية التي تحظى بدعم شعبي حقيقي لم تتراجع أمام التهديدات الاميركية والاوروبية. هل تريد ادارة اوباما ايران أخرى في مصر يقودها "المرشد" السنّي كي يرتاح لها بال؟ هل تريد التأكد من انه لن تقوم لمصر قيامة بفضل الاخوان المسلمين كي تطمئن الى أن المسيرة الديموقراطية في البلد العربي الاكبر في أحسن أيّامها وأحوالها؟ ما هو ملفت أيضا أن هناك عربا يدركون تماما ما على المحكّ في مصر وما معنى سقوط مصر. هؤلاء لم يشجعوا الاخوان ولم يدفعوا بهم الى الهاوية عن طريق تصوير الامور على غير حقيقتها لهم. هؤلاء العرب، رفضوا غشّ المصريين، بمن فيهم الاخوان. كان من بينهم دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربيّة السعودية ودولة الكويت والمملكة الاردنية الهاشمية، وقد سارعوا الى دعم الشعب المصري من دون تردّد. كان الموقف الاخير الصادر عن رجل شجاع وصادق هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز خير دليل على ذلك. هؤلاء العرب غير مستعدّين لمسايرة ادارة اميركية ساذجة وفي حال ضياع، ادارة لا تعرف شيئا عن الشرق الاوسط ولا عن مصر تحديدا. انها ادارة تقف موقف المتفرّج أمام الاحداث السورية حيث ثورة شعبية حقيقية في وجه نظام ظالم ومتوحش قتل الى الآن ما يزيد على مئتي ألف سوري ودمّر مئات المدن والقرى وهجّر ملايين السوريين من منطلق مذهبي بحت. كان لا بدّ من الحؤول دون سقوط مصر. لم يكن في استطاعة العرب الشرفاء السماح بذلك بأي شكل. لا لشيء، سوى لأنّ هؤلاء يدركون جيّدا النتائج التي ستترتب على تمدّد قطاع غزة في اتجاه القاهرة وتحوّل مصر الى "ساحة" يسرح ويمرح فيها "الجهاديون"، بطبعتهم الاخوانية الجديدة! هل كثير على مصر أن تجد من يقف الى جانب شعبها بما يحميه ويحميها ويحمي المنطقة من مزيد من الجهل والتخلف وانتشار الفكر الديني المتطرف الذي لا علاقة له بالاسلام من قريب أو بعيد؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان لماذا تجاهل اميركا لعنف الاخوان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia