بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة

بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة

بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة

 تونس اليوم -

بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة

بقلم : خيرالله خيرالله

هل تبرر عقدة المغرب كل هذا الجهد من أجل إبقاء مجموعة من الصحراويين في سجن كبير هو مخيمات تندوف، بدل استعادة هؤلاء حريتهم في الأقاليم الصحراوية حيث لديهم كل حقوق المواطن المغربي في ظل اللامركزية الموسعة؟

ليس نزاع الصحراء المغربية سوى نزاع مفتعل. لم يكن سرّا في أيّ يوم من الأيّام أن الجزائر تقف خلف افتعال هذا النزاع بهدف واحد وحيد هو استنزاف المغرب. الموقف الجزائري ليس مستغربا، خصوصا أنّه لم يكن لدى النظام الجزائري في يوم من الأيّام سوى سياسة واحدة تقوم على الهرب إلى الأمام من أجل التغطية على الفشل الداخلي المستمر على كل صعيد.

من هذا المنطلق، لا يبدو الموقف الجزائري من موضوع الصحراء المغربية مستغربا، خصوصا في ظلّ الأزمة العميقة التي يعاني منها البلد الذي يمتلك ثروات كبيرة، بما في ذلك الثروة البشرية، لكنّه يرفض استخدام هذه الثروات بما يخدم المواطن الجزائري.

المستغرب هو موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي يصرّ على الانحياز للجزائر وموقفها من الصحراء المغربية بدل السعي إلى التعاطي مع الواقع من منطلق يصبّ في خدمة سكّان الأقاليم الصحراوية التي هي تاريخيا جزء لا يتجزّأ من المملكة المغربية.

سيجيب بان كي مون، الذي اتخذ موقفا عدائيا من المغرب بهدف تعقيد القضية المطروحة، أنّه ملتزم بقرارات الأمم المتحدة التزاما حرفيا. هذا صحيح إلى حد كبير لولا أنّه يفسّر هذه القرارات على طريقته، وهي طريقة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها شاذة. هناك أكثر من طريقة لفهم القرارات المتعلّقة بالصحراء، خصوصا في ظلّ عجز الأمم المتحدة عن تنظيم استفتاء في تلك المنطقة المغربية.
    
أفضل رد
    

لا يمكن تفسير مواقف بان كي مون، وهو على عتبة الخروج من موقعه إلّا بالرغبة في التصرّف تصرّف الموظف المواظب، هذا إذا كان على المرء أن يكون حسن النيّة. هناك أشخاص لا يمكن أن يكونوا غير موظّفين، على الرغم من تحمّلهم مسؤوليات سياسية كبيرة. صحيح أن الأمين العام للأمم المتحدة موظّف كبير وأنّ عليه أن يكون أمينا للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ونصوصها، لكنّ الصحيح أيضا أن مهمّته لا يمكن أن تقتصر على الدوران في حلقة مغلقة، في حال تبيّن أنّ قرارا معيّنا لم يعد يصلح لمعالجة مشكلة معيّنة في مرحلة معيّنة. وهذا ينطبق على الصحراء التي عادت إلى أهلها وإلى البلد الذي هي جزء لا يتجزّأ منه وذلك منذ “المسيرة الخضراء” في تشرين الثاني ـ نوفمبر من العام 1975.

استخدمت الجزائر، وفي مرحلة معيّنة ليبيا ـ معمّر القذافي، ما يسمّى جبهة “بوليساريو” لخوض حرب بالوكالة مع المغرب. تحوّلت قضية الصحراء وسيلة لابتزاز المغرب ومنعه من صرف الجزء الأكبر من الموازنة على التنمية. هذه، باختصار شديد، قصة الصحراء كما يفترض في أيّ شخص، حتّى لو كان موظفا كبيرا فهمها.

لا وجود لـ”احتلال” مغربي للصحراء كما يدّعي بان كي مون. مثل هذا الكلام ينمّ عن رغبة في الانتقام من المغرب الذي لم يوفّر جهدا في السنوات الماضية من أجل توفير حياة كريمة لأبنائه في الأقاليم الصحراوية في إطار حكم ذاتي موسّع.

ما الذي يطرحه بان كي مون على أهل هذه الأقاليم؟ هل يطرح عليهم العيش رهائن لدى الجزائر في مخيمات البؤس المقامة في تندوف؟ مثل هذه المخيمات التي تديرها “بوليساريو” صارت مرتعا لكلّ ما من شأنه نشر حال من عدم الاستقرار في كلّ منطقة الساحل الأفريقي التي تعاني أوّل ما تعاني من الإرهاب والتطرّف بكل أنواعهما.

تشير تصرّفات بان كي مون إلى أنّه كان سعيدا بوجود رهائن لدى “بوليساريو” والجزائر في تندوف. يبدو سعيدا بوجود مثل هؤلاء في مخيمات تفتقر إلى حدّ أدنى من المقومات التي تسمح للإنسان بالتمتع بحدّ أدنى من العيش الكريم والكرامة.

من حقّ المغرب الدفاع عن نفسه. المغرب بلد واضح بكلّ المقاييس. من حقّه أيضا افتراض وجود سوء نيّة لدى الأمين العام للأمم المتحدة الذي يفترض به أن يعرف قبل غيره أن ليس مطلوبا تأجيج الصراعات في منطقة شمال أفريقيا، بمقدار ما أنّ المطلوب البحث عن حلول عملية من أجل الانصراف إلى الحرب على الإرهاب بدل المشاركة في حرب لا فائدة منها يتعرّض لها المغرب.

أكثر من ذلك، يُفترض في الأمين العام للأمم المتحدة إدراك أنّ المدخل الصحيح للانتهاء من قضية الصحراء تأكيد أنّها نزاع بين المغرب والجزائر، نزاع تقف وراءه الجزائر التي هي ضحيّة أمرين. الأوّل وهم الدور الإقليمي والآخر عقدة المغرب ولا شيء غير ذلك.

أليست لدى بان كي مون أسباب تدعوه إلى القلق من استثمار الجزائر في “بوليساريو” من أجل ابتزاز المغرب؟ أليست لديه عينان تستطيعان رؤية الفارق بين الوضع المعيشي للمواطن الجزائري العادي الذي تمتلك بلاده ثروات ضخمة من جهة والمواطن المغربي من جهة أخرى؟ أليس لديه حدّ أدنى من الفضول السياسي للتساؤل لماذا تصرّ الجزائر على إقفال حدودها مع المغرب، وهي حدود مغلقة منذ العام 1994؟

ليس سرّا أن المواطن المغربي في وضع أفضل بكثر من المواطن الجزائري على الرغم من افتقار المملكة للثروات الطبيعية في مقدّمها النفط والغاز.

يخشى أن تكون لدى بان كي مون أجندة خفيّة تخفي مخططا ما ضد المغرب الذي تحوّل إلى استثناء في منطقة شمال أفريقيا. المملكة واحة سلام في منطقة تمرّ دولها، على رأسها ليبيا وتونس والجزائر، بأزمات عميقة. لم يعد معروفا كيف يمكن لبلد مثل الجزائر أن يتحكّم به رئيس مقعد ليس معروفا من يتخذ له قراراته من بين أفراد الحلقة الضيّقة المحيطة به؟

يجد عبدالعزيز بوتفليقة الوقت، أو أن هناك من يجد له الوقت، لعمل كل ما من شأنه استعداء المغرب. هل تبرّر عقدة المغرب كلّ هذا الجهد من أجل إبقاء مجموعة من الصحراويين في سجن كبير هو مخيمات تندوف، بدل استعادة هؤلاء حريتهم في الأقاليم الصحراوية حيث لديهم كلّ حقوق المواطن المغربي في ظل اللامركزية الموسّعة؟

ليس لدى المغرب ما يخجل به. عندما يخطئ الأمين العام للأمم المتحدة، لا مفرّ من وضعه عند حدّه وذلك عن طريق اتخاذ موقف من بعثة الأمم المتحدة الموجودة في الصحراء. المغرب ليس لقمة سائغة. إذا كان بان كي مون يسعى إلى توفير قضايا تشغل خليفته، من الأفضل له أن يبحث عن مكان آخر غير المغرب حيث قضيّة الصحراء قضيّة وطنية كما كشفت التظاهرات الأخيرة في الرباط وفي الأقاليم الصحراوية.

الأكيد أن ليس بهذا التصرّف الذي ينمّ عن سطحية كبيرة أو عن لؤم شديد، يمكن لبان كي مون وداع الأمم المتحدة. المنظمة الدولية تستأهل أفضل من هذا الوداع الذي يشكّل إهانة لرسالتها..

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة بان كي مون… وداع لا يليق بالأمم المتحدة



GMT 04:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

زمن الخيارات الصعبة في لبنان

GMT 10:55 2018 الجمعة ,03 آب / أغسطس

روسيا في مقعد القيادة… وإسرائيل من خلف

GMT 04:45 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

إيران والدرس الياباني

GMT 07:51 2018 الجمعة ,20 تموز / يوليو

أصيلة - 2018… شاب في الأربعين

GMT 04:00 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

حقوق المسيحيين… بسلاح "حزب الله"

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia